الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٥ مساءً

صمود اليمن ... بلا رئيس !!!!

محمد حمود الفقيه
الأحد ، ٢٠ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
منذ أكثر من تسعة أشهر من بدء الاحتجاجات التي تشهدها اليمن المطالبة برحيل صالح عن السلطة ، و المراقبون لليمن في الداخل والخارج يتوجسون خيفة من غياب السلطة في اليمن لا سيما ان الرئيس صالح كان كلما صعد على المنبر نجده يحذر الداخل والخارج من عواقب رحيله عن السلطة .

لكننا وجدنا الأمر مختلفا تماما ، فالتهويل الذي تحدث به صالح عن ان اليمن سيصبح إمارات أو سلطنات أو دويلات لم يحدث ولن يحدث مهما بلغ زمن الفراغ السياسي ، فاليمنيون وصل غالبيتهم الى مرحلة كبيرة من النضج الاجتماعي والسياسي والفكري ، ولا يمكن ان ينجر اليمنيون الى مربع العنف و الاقتتال ، فكل تلك التحذيرات الصادرة من الرئيس صالح ليست إلا هروب من الواقع الذي يحيط به فزمن الخداع والدسائس التي كان النظام يمارسها في تفرقة أبناء البلد الواحد قد انتهى في يوم اندلاع الثورة اليمنية السلمية .

وكان الرئيس صالح يهدد جيرانه في دول الخليج العربي ان اليمن يمكن ان يصبح أربع دول مترامية الأطراف في حال غادر كرسيه وترك السلطة ، وكان أيضا يحذر الأوروبيين والولايات المتحدة من قيام إمارة إسلامية في جنوب الجزيرة العربية تسعى إليها القاعدة حسب تعبيره ، لكن ذلك التهديد والوعيد ليس إلا محاولة لحشد القوى الإقليمية والدولية لاجهاص الثورة الشبابية السلمية ، لم يخطر ببال الرئيس صالح ان اليمنيين قد تجاوزوا القرون الوسطى ، وانهم باستطاعتهم ان يتجاوزوا هذه المرحلة العصيبة من الفراغ السياسي .

وقد رأينا تحولا بسيطا في حياة المواطن اليمني ، مثل ارتفاع الأسعار وحالة من ألا امن يشوبها نوع من الخوف في الطرقات التي تصل المدن اليمنية بعضها ببعض ، وكذلك جوار الساحات الثورية المتعددة ، وهذه حالةطبيعية تحصل في أي بلد يشهد اضطرابات سياسية .

لذلك فإننا ندعو أبناء اليمن كافة من شماله وجنوبه شرقه وغربه ان لا ينساقوا الى ما يريده صالح من مخططات أقل نتائجها بقاء اتباعة الذين عاثوا في الأرض اليمنية فسادا ، يجب على كل يمني ان يتحمل مسؤولياته تجاه وطنه ، يجب ان نثبت لمن كان يحذرهم ويهددهم صالح بأننا كما بدأناها سلمية ننهيها سلمية أيضا ، يجب ان يعرف العالم من حولنا من هم اليمنيون الذين ضل صالح يروج لسمعتهم المخيفة عبر مسميات عدة ، يجب ان نمد يد المحبة و السلام للعالم أجمع ، ونبدأ بصفحة جديدة لليمن وعلاقاته الخارجية فلسنا الوحيدون في الكرة الأرضية ولا يمكننا ان نعيش بمعزل عن العالم فكما العالم يريد أمننا وأسيتقررانا كذلك نريد لهم مثل ذلك .

لقد رسم اليمنيون للعالم لوحة سلام بريشة الأمان البيضاء في خروجهم الى ميادين التغيير والحرية تاركين ورائهم السلاح في بيوتهم ، ان دل هذا على شيء فإنما يدل على أننا نحن اليمنيون أهل أمن ومحبة وسلام ، فاليمنون لا شك انهم يعشقون السلاح بل ويتمتعون في فن القتال ، لكن لكل مقام مقال كما يقولون ، والغريبة في الأمر يا من يقف من حولنا !! أننا كنا نرى النظام السابق يبنذ الثأر ، وفي نفس الوقت سعى لترسيخ هذه العقيدة الجاهلية الخبيثة ، كنا نسمعه يتحدث عن الإرهاب وتمويل الإرهاب ، والعناصر المسلحة الخارجة عن النظام والقانون وفي نفس الوقت يسمح بانتشار السلاح في المدن والقرى ، بل وصل الأمر الى فتح أكبر سوق للأسلحة في منطقة الشرق الأوسط ، بل سعى النظام السابق الى تفويض من يصفهم بالخارجين عن الشرعية الدستورية لشراء الأسلحة من مختلف شركات الأسلحة نيابة عن وزارة الدفاع اليمنية ، وهذه الحقيقة هي التي أثبتت بلوغ نسبة الفساد في المؤسسة العسكرية الى %86 وهي اعلى نسبة في معدلات الفساد من بين المؤسسات الحكومية المختلفة .

ولهذا فإن من أسباب صمود الشعب أمام الأزمة الراهنة رغم طول مدتها الى ما يقارب سنة كاملة ، هي ان الشعب اليمني اعتمد على نفسه بنفسه سواء في طلب العيش أو مصادر الدخل الفردي ، ولم تكن الدولة اليمنية في فترة علي صالح تعمل على إصلاح مشاكل المجتمع بشتى أنواعها ، إنما اعتاد المواطن اليمني ان يأخذ حقه بنفسه الذي لن يحصل عليه في القضاء والمحاكم ، ويجلب عيشه لنفسه الذي لن يحصل عليه من الحكومة ، ويعالج نفسه بنفسة بعيدا عن تحمل الدولة تكاليف العلاج ، بل حتى الذين نالوا على حظ من التوظيف لم يحصلوا على الوظائف إلا بشق الأنفس تارة عبر المحسوبية وتارة أخرى عبر شراء الدرجات الوظيفية بمبالغ لا تقل عن قيمة الدخل الوظيفي السنوي ، والبعض منهم مهاجر خارج الوطن ليس له إلا الحنين اليه ، ساعيا وراء الرزق بعيدا عن أهله وأحبته ، هذه هي الضروف الحقيقية التي ليس بها أي نوع من المبالغة التي مر بها المواطن اليمني طيلة فترة حكم الرئيس في العقود الماضية .