الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٠ صباحاً

أعيدوا لنا اليمن وإلاّ لا مكان لكم

ظافر الجبيري
الاربعاء ، ٠٦ مايو ٢٠١٥ الساعة ١٢:٢٤ مساءً

لم يقم اليمنيون بالثورة على نظام علي عبدالله صالح، الرئيس السابق (المخلوع)؛ لكي يسلّموا البلد إلى إيران وحلفائها المحليين، والإقليميين..

ولم يثر اليمنيون في العام 2011م ليستسلموا لأيِّ حكم مشفوعٍ بمصالح إيرانية في المنطقة في البلد الذي كان سعيداً، ويجب أن يظلَّ كذلك.

ولم تُسارع دولُ الجوار الخليجيّ لنجدة اليمن مرّتين: الأولى عندما قدّمت المبادرة الخليجية التي تقضي بتسليم السلطة إلى نائب الرئيس (الرئيس الشرعي الحالي) والثانية عندما أنقذت اليمن من الانزلاق إلى حرب أهليّة تأكل اليابس، والأكثر يباساً، وأنقذت الرئيس المخلوع من غضب الجموع التي طالبت برأسه!

لم تفعل الدول الخليجيّة كلَّ هذا مدعومة بدعم أُمميّ إلا لكي تُسهم، بفعاليّة، في إنجاح الثورة السلمية لأبناء اليمن السعيد، ولكي تنقذ اللاعب الأكبر صاحب الابتسامة الماكرة، عند توقيع تسليم السلطة في الرياض.!!

لم تفعل دولُ الجوار كلَّ هذا لكي تنسى مطامع، وألاعيب إيران في دول عربية أخرى، و كان اليمن محاولة يائسة لإحكام الحصار على المملكة.
مع كلِّ هذه التأكيدات على أهميّة إنجاح المبادرة الخليجية، وعلى أهمية اليمن، كخاصرة عربية، وسعودية لا تقبل اللعب على ضعفها، وسهولة اختراقها، فلا بدَّ، والحال هذه من( حزم) يستمرّ، و(أمل) يعود، ويُعاد استنباتُه..

أجدني أقول:أعيدوا لليمنيين الأمل بغدٍ مشرق.. أعيدوا لليمن يمنَهم.. لمكِّنُوهم من ممارسة الحكمة اليمانيّة التي ذكرتها السنة النبوية، وأكَّدتها الأحداث المتلاحقة، منذ أربع سنوات.

أعيدوا لنا يَمَن بلقيس .. ويمن عبدالله البردّوني، أعيدوا لنا (يمن صرواح) والطرب اليمني الأصيل، وغناءه العذب، وألحانه الصادحة عبر جبال إب، ووديان تهامة .. أعيدوا لنا يمن الخير والعطاء، ويمن الآمال الواعدة.

حين تمتزج العاصفة بالأمل فنحن ننتظر أن تنفرج الأرض التي أنهكتها الحروب، وبلَّلتْها دموع، وعرق الشَّقاء اليمني، عبر العصور ..الأرض التي بوركت حكمةُ أهلها، وغذّى أرضَها عطاءُ الأسلاف، وتواريخهم ، وسنأمل، بل ننتظر أن تسفر الحكمة اليمانية عن التئام شديدٍ لأبناء اليمن، والغيورين على وطنهم.

بلادنا السعودية، حماها الله ، وهي بمكانتها الكبيرة، وقدراتها العظيمة، ومسؤولياتها الجسام ليس غريبا وقوفُها مع الحقِّ، وتلبيتها لواجبات الجوار. إن دولة بهذا الحجم والتأثير لا بدّ أن تستجيب لنجدة المستنجد، وتبادر إلى مدِّ يد العون والمساعدة لمن لجأ إليها ..قَدَرُ بلادنا أنها تعيش دوما وسط اضطرابات لا تنتهي .. ولقد زادتها الثوراتُ المرتبكة، والمُربِكة، التصاقا بمصير الجيران الأقرب منهم، والأبعد.

ولأن حماية القريب حماية للنفس، والعكس صحيح، فقد اتّخذت المملكة، ولا تزال مع أشقائها الخليجيين، والعرب المسلمين، القرارات المناسبة، وفي الوقت المناسب..منعاً لتفاقم الأزمة اليمنية.

همسة لليمن: ربما يستسلم الحوثيُّ والمخلوع غداً، أو بعد غد، بل من المؤكَّد أنهم سيرضخون للحوار، ولكن بعد تدمير أكبر قدر ممكن من حاضر وطنهم، ومُقدَّراته وطنهم.

سيرضخون للحوار بعد نفاد مناوراتهم، وسيشاركون في الحوار، وربما يتصدّرون المشهدَ من جديد بصورة، أو أخرى. ولكن يجب أن تكون القيادة اليمنية الحالية، والمقبلة قادرة على محاسبتهم، وقد عبثوا بكلِّ شيء..فـ( لم يعيدوا اليمن) في الوقت المناسب.. لم يعيدوه من مشروع المخلوع الخالي من الانتماء للأرض، المستميت على مصالح نفسه! لم يعيدوه إلا مدمَّراً.. وهنا يُفترض في اليمن أن يلفظهم، ولا يصوِّت لهم عند أول حلٍّ سياسي، وعند أول صندوق يمتلىء بالأصوات.

أقول: أيها الإخوة اليمنيون:صوِّتوا للقادرين على البناء، القادرين على تجاوز القبيلة، والجهل والتخلُّف والفقر، لا تصوِّتوا لمن ارتهن للخارج الطائفي!
أقول: أعيدوا اليمن لذاته، ولأصله وللشرعيّة، قبل فوات الأوان، وإلا فلا مكان لكم في يمن الغد.

لا أستطيع تحديد ( فوات الأوان) إلا أن تدمير اليمن، اليوم، يعني المزيد من فوات الأوان. و كرأي متواضع، ولست من دعاة الإقصاء، أرى أن يُحاسَب كلُّ مَن دمَّر اليمن، ثم قال: هيّا إلى المفاوضات!

همسة لوطني المتجدِّد بقياداته الشابّة، وعطائه المقبل من المسقبل الواعد، أقول: سِرْ إلى الأمام ..محاطا برعاية الله وبحبِّ أبنائك المخلصين، وقادتك الطامحين، شباباً وجدارة، ونبلاً وشهامة، وحسن جوار يا أبناء وطني:
سيعود اليمن على أيديكم سعيداً باسماً، ينطلق من الحاضر إلى المستقبل.

"المدائن السعودية"