الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢٤ صباحاً

السعودية خط أحمر

حبيب العزي
الاثنين ، ١١ مايو ٢٠١٥ الساعة ١٢:٣٠ صباحاً
عندما وصلت نيران الحوثيين إلى خاصرة المملكة العربية السعودية في نجران فأوجعتها، ظهر العميد العسيري ليقول أن السعودية خط أحمر، متوعداً الحوثيين بالرد في عقر دارهم صعدة، فهل معنى ذلك أن نيران الحوثيين على اليمن طوال الفترة الماضية، في عدن وتعز والضالع وغيرها من المدن المحاصرة والمستهدفة من قبل المليشيات الحوثية كانت خطاً أخضر؟!، وأمر عادي يعني!

الحقيقة المُرة التي يتجرعها اليمنيون اليوم، وبخاصة في المدن المحاصرة، التي تواجه الموت البطيء والسريع على حد سواء وبشكل يومي، هي شعورهم بأن المملكة قد وقفت عند الحد الذي حققت فيه هدفها الرئيس، وهو إيصال رسالتها الحازمة والقوية إلى إيران، وتركتهم بعد ذلك يواجهون مصيرهم مع المليشيات المدعومة بعصابات صالح، وكأنها نسيت الذريعة التي اتكأت عليها لشن عاصفة الحزم اساساً، وهي حماية اليمنيين من تلك المليشيات وإعادة الشرعية، أو وكأن هذا الأمر بات بالنسبة لها تحصيل حاصل، وها هو شهر ونصف قد انقضى منذ بدء تلك العاصفة، فلاهي حمَت اليمنيين، ولا هي أعادت الشرعية.

القصف الجوي يا سعادة العميد لم يعُد مجدياً على الإطلاق، بعد مُضي كل هذا الوقت من الزلازل والبراكين التي هزت اليمن بأسرها، وبعد نفاد بنك الأهداف، وأنت وطاقمك في التحالف تدركون ذلك جيداً، القصف الجوي لم يعُد يحقق شيئاً سوى إطالة أمد المعاناة على الأبرياء جراء تلك الأصوات المرعبة، قلتم ستدعمون المقاومة في الداخل بالسلاح والعتاد، لتتولى مهمة مواجهة المليشيات، ولم تفوا بذلك عدا بالشيء القليل جداً، والذي كانت ضجته الإعلامية أكبر من حجمه بكثير، والواقع على الأرض يقول بذلك، إذ أن أفراد المقاومة لا يجدون في كثير من المواقع طقماً واحداً يتنقلون عليه، فما بالك بالسلاح والذخيرة والعتاد والإمداد.

عندما تكون ردة الفعل من المملكة على النيران التي أوجعتها في نجران، بتوجيه إنذار للمواطنين في صعدة بمغادرة منازلهم، ومن ثم جعل صعدة بكاملها هدفاً مستباحاً، فيقع المواطنون الأبرياء فريسة بين المليشيات التي تمنعهم من المغادرة، ليكونوا دروعاً بشرية من جهة، وبين نيران قوى التحالف من جهة أخرى، فيموتون في المنتصف، فإن ذلك لا يعني سوى أن العاصفة قد انحرفت عن المسار الأخلاقي، الذي قالت لنا بأنها ستلتزم به، ومن أنها ستكون حرب نظيفة وفي الإطار القانوني، لكنها قد بدأت فيما يبدوا تنحوا منحاً آخر مغايراً تماماً لما قالته.

إذا كان قادة الحزم وابنتها أمل جادّون فعلاً في حماية الشعب اليمني من المليشيات، فعليهم أن يدركوا جيداً أن قصف مدينة صعدة بالطيران بهذا الشكل المجنون، لن يحقق لهم ذلك الهدف أبداً، ولو استمروا في قصفها شهراً كاملاً، وعليهم أن يعترفوا وبكل شجاعة، بأنهم قد فشلوا في تحقيق المهمة، وأنهم لا يجرؤون على الدخول براً، أو أنهم لا يرغبون في ذلك من الأساس.

لو كان قادة التحالف يرغبون بحسم المعركة فعلاً، وفك الحصار المفروض على الشعب، لكانوا قد نسَّقوا مع قادة الجيش وزعماء القبائل المؤيدين للشرعية منذ الأيام الأولى للعاصفة، ليبدأوا بتكوين نواة لجيش وطني بقيادة عليا، تنضوي تحته كل فصائل المقاومة الشعبية.

لماذا لم يعملوا مثلاً على إيجاد مناطق آمنة على امتداد الشريط الساحلي، على الأقل من مضيق باب المندب إلى المخاء وحتى خليج عدن، كما وتأمين محافظة عدن وتمشيطها أولاً من المليشيات، لتكون مقراً للحكومة التي يُفترض أنها قد عادت لتمارس مهامها من داخل الوطن، حتى تكون في موقع القوي، وتملك ولو بعضاً من سيادتها وقرارها، كما وتعيش المعاناة مع مواطنيها، بدلاً من أن تظل هاربة، وكل همها أنها قد أمنت لنفسها مكاناً آمناً، تأكل وتشرب وتفتهن "وتفقش بياس"، من أموالك ياشعب، واللي شحنب يحنب