السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٠٨ صباحاً

مشكلة اليمنيين

حبيب العزي
الخميس ، ١٤ مايو ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٥١ صباحاً
هي معضلة كبرى تلك المتلازمة، التي لا تريد مفارقة الرئيس عبد ربه منصور هادي أبداً، وكأنها جزءٌ أساسيٌ من شخصيته، تلازمه مثل ظله وخياله، أينما ذهب، وكيفما تحرك، إنها متلازمة إيجاد المشكلات، فهذا الرجُل يُجيد لعب دور المُتسبب في المشكلات، بإرادة منه أو بغير إرادة، وهو بارعٌ في خلقها من العدم، بل وصناعتها كما تصنع الأشياء، ليترك بعد ذلك من حوله يعيشون في دوامة من العِراك والشجار، بغية حلها، ثم لا يستطيعون.

وربما كان الرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، أكثر الناس فهماً لطبيعة تلك الشخصية غريبة الأطوار، حين وضعه نائباً له في الظل بلا صلاحيات، وهو المكان المناسب له تماماً.

كان هو المتسبب الأول في دخول الحوثيين مدينة عمران، عندما باع العميد القشيبي ورفاقه، والقصة معروفة لدى كل اليمنيين، كما كان المتسبب في دخولهم صنعاء، عندما باع الجنرال علي محسن وفرقته الأولى مدرع، ومعهم حزب الإصلاح، كما يعلم الجميع، ثم ذهب فارَّاً إلى عدن، فجلب إليها المليشيات الحوثية، وتسبب لها بكل تلك المعاناة التي لم تنتهِ فصولها إلى اليوم.

إلى الرياض لاذ بالفرار، فجلب لليمنيين الموت والحصار، ثم ذهب لينام في غرفة الانتظار، ولا نعلم حتى اليوم، هل لا زال نائماً؟ أم أنه قد فارق الديار؟ هل ما يزال حياً؟ أم في عداد الميتين قد غدا، أم أنه أصيب بانهيار؟
منذ أن كان في عدن، والجميع يطالبونه بأن يجعل له نائباً، عله يساعده في حمل المسؤولية وبالفعل عيَّن نائباً له على حذر وتخوف، وأعطاه بعض الصلاحيات، واستأثر لنفسه بكل ما يتعلق بالشق العسكري والأمني، صرخ الجميع فيه مرة أخرى ليعيِّن وزيراً للدفاع، وقائداً للأركان، كي يقومان بإنشاء غرفة عمليات تقود المجهود الحربي على الأرض، وبكل أعمال التنسيق والترتيب والتدريب، كما وتعيين القيادات الميدانية، التي ستقود المواجهات، من كل هذه الترتيبات التي هي من شأن العسكريين وتخصصهم، ثم لم يفعل أي شيء من ذاك، ولا ندري ما هو السر؟ أهو الخوف من أن يُسحب البساط من تحت أقدامه بالتدريج؟ أم أن لديه أجندته الخاصة للتشبث بالسلطة؟

لماذا لم يقم، مثلاً، بأي إجراء يعيد فيه اللواء علي محسن إلى الواجهة، وإشراكه للقيام بأي دور في المواجهة الحالية مع المليشيات الحوثية، ومن يساندها من المتمردين على الشرعية، والأمر نفسه مع اللواء عبده حسين الترب، وربما غيرهم من قيادات عسكرية، لا نعرفها، مشهود لها بالإخلاص للوطن، مهما قال عنهم المرجفون والمنافقون، ألم يكن من الطبيعي إشراك كل هؤلاء في قيادة المعارك والمواجهات، منذ الأيام الأولى لعاصفة الحزم؟

بعث هادي بمذكرة مناشدة للأشقاء في السعودية لإنقاذ الشعب اليمني، وهبَّ الأشقاء لنجدتنا على الفور، أو هكذا قالوا لنا على الأقل، أنقذ هادي نفسه وتركنا نواجه مصائرنا لوحدنا، رأينا رسالة عبرت أجواء اليمن، فوصلت إلى طهران، استلم الإيرانيون رسالة الحزم فقرأوها وفهموها، واستلم اليمنيون رسائل الموت السريع والبطيء في كل المدن اليمنية، ولم يستطيعوا قراءتها أو فهمها حتى اللحظة.

مشكلتنا الأم كيمنيين هي في الرئيس هادي نفسه، وقد بدأت جذور تلك المشكلة، حينما قبلنا به رئيساً توافقياً، بناءً على المبادرة الخليجية التي ارتضيناها حلاَ وسطاً، يُخرج اليمن من أتون حرب طاحنة، كنا نخافها، لكننا لم نكن ندرك، ولم يكن في مخيلتنا يوماً، أن ذاك الحل سيصبح المشكلة، وها نحن نعيش ذلك واقعاً مراً، ومن الواضح أن مشكلاتنا لن تُحل، إلا بِحَل تلك المعضلة أولاً.