السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٩ مساءً

الخوف من الاخوان المسلمين ليس له مبررات ...

محمد حمود الفقيه
الثلاثاء ، ٢٢ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
أكثر من ثمانون عاما مضت على تأسيس جماعة الإخوان المسلمين ، والتي بدأت في مصر على يد مؤسسها الامام حسن البناء رحمه الله ، فقد عمل الحسن البناء بعد سقوط الخلافة العثمانية على تأسيس جماعة ذات برنامج إصلاحي سياسي واجتماعي أملا منه ان تقود البشرية وانقاذها من براثن التراجع والخمول الذي أصاب الانسانية وعلى وجه الخصوص الأمة العربية والإسلامية ، وكانت طموحاته ان تعم تلك الحركة العالم الإسلامي أجمع ، وبالفعل فقد وصل انتشارها الى أكثر من سبعين دولة حول العالم .

انتهجت الجماعة البرامج السلمية نحو سعيها في المشاركة السياسية في مصر أولا ، وقد واجهت الجماعة القمع والتنكيل بأعضائها ، لكنها صمدت في مواجهة المخططات التي كانت تستهدفها من قبل الأنظمة المتعاقبة في مصر ، ويليها بعض من الدول العربية والإسلامية ، لكنها استطاعت بسلميتها وببرنامجها السياسي ان تتجاوز كل العوائق التي كانت تمر بها .

دأبت الجماعة على الاستمرار والعمل الدؤوب من دون كلل أو ملل ، حتى استطاعت في نهاية ثمانينيات القرن الماضي ان تدخل مجلس الشعب المصري ، ودخلت مجلس النواب اليمني ، وشاركت الجماعة في الانتخابات التشريعية الكويتية ، ودخلت أيضا في مجلس النواب الأردني ، لكنها أجهضت في سوريا وليبيا وتونس والمغرب والجزائر والعراق ، نظرا لما كانت تمر به تلك البلدان من استبداد سياسي ، حتى وصلت عقوبة الانتماء الى الجماعة في بعض هذه البلدان العربية الى حد الإعدام .

استطاعت جماعة الإخوان المسلمون التركية (حزب العدالة والتنمية )ان تحقق فوزا كبيرا في الانتخابات التشريعية ، ودخلت المسرح السياسي التركي ، بعد ان حوربت لأكثر من ثلاثة عقود من قبل النظام العلماني ، قدم حزب العدالة والتنمية التركي نموذجا حيا في تاريخ البلاد ، وقدمت البرامج السياسية والاقتصادية الناجحة حتى استطاعت بهذا العمل ان تفوز للمرة الثانية في الانتخابات ، عمل حزب العدالة والتنمية التركي على إبراز دور تركيا إقليميا ودوليا ، وسعى لإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع كثير من دول الجوار ، استطاع حزب العدالة ان يعيد الثقة بنفسه لدى الأتراك بعدما شوه صورته النظام العلماني على مدى عقود .

حركة حماس الجناح الإخواني في فلسطين هي الأخري فازت بالانتخابات الفلسطينية رغم المواجهة التي مرت بها الحركة مع الاحتلال ، لكنها وبفضل نضالها التكتيكي الإستراتيجي السياسي والجهادي على حد سواء حققت الكثير من الإنجازات تجاه الشعب الفلسطيني ، آخرها عملية تبادل الأسرى بينها وبين اسرائيل أفرجت الأخيرة على نحو 1427 أسيرا فلسطينيا مقابل الجندي شاليط الذي كانت الحركة أسرته في عملية نوعية شمال القطاع .

هذه مقطتفات فقط من سيرة الإخوان المسلمين ، والذي نريد طرحه هنا ان هنالك هجمة قوية ضد الأخوان من التيارات اليسارية والعلمانية ، فأقول لهؤلاء: ألم يقبل بهم الإخوان طيلة عقود من حكم الشعوب العربية والإسلامية ، ألم يفسح لهم المجال عدد سنين من السلطة والمنعة ، إلي أي مدى وصل هؤلاء بشعوبنا من الرقي والتقدم ، الى مرحلة وصلت بلداننا في عهدهم من التنمية والبناء والصناعات والتجارة والزراعة وغيرها ، نستطيع ان نشبه فترتهم التاريخية التي حكموا بها البلدان العربية والإسلامية كمن دخل دار فيه بابان دخل من الأول وخرج من الأخير ، هؤلاء الذين يحذرون من التيارات الإسلامية ووصولها الى الحكم، لم يحققوا شيء يذكر في تاريخنا المنصرم منذ قيام الاستقلال الى يومنا هذا ، هؤلاء الذين يخافون من الإخوان لم ينجحوا إلا في كبت الحريات وتهجير النخب من العلماء والمهندسين والمثقفين ، نتيجة أفكارهم الضيقة لم يقبلوا بمن يكون فينا نابغة أو من حصل منا على براءة اختراع في مختلف المجالات ، هؤلاء نجحوا فقط في حمل السوط على ظهور الكثير من عظمائنا وعلمائنا حتى اضطر الكثير منهم الى الخروج من الوطن والعيش في الخارج ، هؤلاء المناهضون للأخوان المسلمين قد حكموا على الإخوان من دون أدلة أو تجربة حقيقية ، فالمتهم دائما بريء حتى تثبت إدانته ، لا يمكننا ان نستبق الزمن والأحداث فكل ما يقال عن الإخوان ليس صحيحا .

لا يهم النظرة الفكرية المضادة للأخوان المسلمين ، فكلُ له أفكاره المطروحة ، المهم هو ماذا سيقدم الحزب القادم الحاكم للأمة ، ماذا سيعمل تجاه الفقراء ، كيف سيحل مشكلة البطالة ، أين سيكون مؤشر اقتصاد الدولة بين الاقتصادات العالمية ، كم أراضي ستزرع في البلاد لإيجاد الأمن الغذائي والتخلص من التبعية الغذائية للخارج ، كم سيكون متوسط الدخل الفردي ، ماهي الأرضية الصناعية التي سنبني عليها انتاجنا ، كل هذه الأسئلة وغيرها هي التي ستكون كفيلة بإيجاد الأدلة لمن سيحكم بعد الثورة ، فامام من سيتربع على كرسي الحكم القادم مهمة ليست كما يتصورها البعض مهمة جدية ومسئولية كبيرة تجاه الأوطان و الشعوب