الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٨ صباحاً

متى يصبح العبيد احراراً؟

محمد العميسي
السبت ، ٢٠ يونيو ٢٠١٥ الساعة ٠١:٤١ مساءً
يقول المثل الشعبي الحر تكفيه الإشارة والعبد يقرع بالعصا.

بالطبع ليس كل العبيد أغبياء لكنهم جميعاً جبناء. ولذا ربما جرت العادة أن العصا أسرع ايصالاَ للمعلومة إلى أدمغة العبيد.

ما الذي يجعل إنسان ينقاد لرغبة إنسان مثله؟ غير الخوف والجبن. فحين تُشهر العصيّ في وجوه العبيد لا يضعون الأسئلة. بل يبحثون عن الإجابة بصمت وينفذون رغبات اسيادهم بإتقان.

لو لم يكن لدى السيد عصاً لطلبوا الحرية. كيف لا وعبيد اليوم حين يجدوا حاكماً لا ينكل بخصومه نالوا منه اشد النيل وامتدت ألسنتهم فراسخاً عديدة. وحين يتولى الحكم من يقتل ويرهب يتحولوا الى "ورق تواليت" للتغطية على قذارة هذا المجرم.

طالما تعصبت لفكرة أن الاحرار لا يطالبون بالخبز بل يطالبون بالحرية.

يقول لي زميل مصري تثور الشعوب لأجل رغيف العيش وأجبت عليه تقصد العبيد أما الشعوب الحرة لا تثور لذلك.
قال الربيع العربي سببه ثورة جياع! فقلت بل ثورة كرامة.

حين احرق البوعزيزي نفسه لم يكن احتجاجاً على عدم توفر الخبز. فقد كان جامعي يعمل على عربة خضار. ربما لو راجعنا تاريخه لن نجده قد خرج في مظاهرة واحدة تطالب بتخفيض أسعار. لماذا إذا جعل من جسده جذوة ثورة؟
حسب قناعاتي التي اتحيز إليها كثيراً. فقد غضب البوعزيزي لكرامته.

الكرامة أهم بكثير من الطعام. وحين لا يكون للإنسان كرامة يصبح جل همه أن يملئ فمه خبزاً وإن من تحت قدم سيده. ولهذا تجد من يقول لقد كنا في أحسن حال قبل ثورتكم. نعم لقد كان يأكل حتى الامتلاء.

يصير العبيد احراراً حين يجدوا سيداً لا يحمل عصا حين يأمنوا تبعات ما يقولوه وحينها فقط تجدهم يتتبعوا كل قصور وغالبا من يتحدثون عن الخبز لا عن شيء أخر.

صنعت ثورات الربيع مجالاً للحريات غير مسبوق في العالم العربي خرج العبيد يتحدثون عن ارتفاع الأسعار ونقبوا عن الازمات ووقفوا الى جانب الثورات المضادة حتى انتصرت. ثم صمتوا كأنهم أموات رغم ارتفاع الأسعار أكثر وتزايد الازمات اضعافاً. لكن الحاكم الجديد يحمل عصا والعبيد لا يتحدثون بحضرة العصيّ.