الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٩ صباحاً

أحمد منصور وفضيحة ألمانيا

حبيب العزي
الاثنين ، ٢٢ يونيو ٢٠١٥ الساعة ٠٩:٥٦ مساءً

"الوضع الحقوقي في مصر يُقلق ألمانيا"، بهذا المبرر، وتحت هذا العنوان كان لقاء السيدة ميركل "المستشارة الألمانية"، بالرئيس المصري "الإنقلابي" عبد الفتاح السيسي، الذي وصل برلين في الـ 2 من شهر يونيو/ حزيران الجاري، في زيارة لألمانيا استغرقت يومين، أي قبل أقل من ثلاثة أسابيع فقط من الآن.

ميركل أرادت بذاك اللقاء –حسب قولها- أن تثير هذا الموضوع الهام والحساس، و"المقلق" للمسئولين الألمان، مع سعادة الرئيس "الضيف"، وللسبب ذاته أيضاً كانت ألمانيا متمسكة بتلك الزيارة، بغية فتح قنوات حوار مع مصر، والبقاء على تواصل معها، باعتبارها فاعل رئيسي في المنطقة العربية.

كل ذلك حدث رغم موجة الانتقادات الشديدة التي تلقتها ألمانيا، من صُحف ألمانية كبرى، ومنظمات حقوقية، كما ونشطاء في مجال حماية الحريات وحقوق الإنسان، على نطاق واسع داخلياً وخارجياً، والتي نددت جميعها بتلك الزيارة، التي جاءت نذير شؤم على الألمان، كما وعلى المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم، والتي كان أبرزها إعلان رئيس البرلمان الألماني نوبرت لامرت، إلغاء لقائه الذي كان مقرراً مع السيسي، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وبخاصة بعد قرار الإعدام الصادر بحق الرئيس المصري محمد مرسي.

لم تمض ثلاثة أسابيع على تلك الزيارة "الشؤم" حتى كان توقيف الإعلامي البارز في قناة الجزيرة، الأستاذ احمد منصور، في مطار برلين، من قبل السلطات الألمانية، واستجوابه ومن ثم اعتقاله ووضعه في السجن، في انتظار التحقيق معه من قبل المدعي العام الألماني، ليتبدد كل ذاك القلق الألماني، والخوف على حقوق الإنسان في مصر، في غمضة عين.

كان الأحرى بالسيدة ميركل وباقي المسئولين الألمان، بعد تلك الفضيحة المدوية، التي تأتي بمثابة "العار" لألمانيا، أن يقلقوا على الحريات وحقوق الإنسان داخل بلدهم أولاً، التي أصبحت مجرد أداة طيِّعة بيد المخابرات الأمريكية واللوبي الصهيوني، تنافق الديكتاتوريات وأجهزة القمع البوليسية، وتجامل السلطات الانقلابية وتستجيب لمطالبهم في ملاحقة الصحفيين والإعلاميين الشرفاء، مقدمة بذلك مصالحها الاقتصادية، على حساب الحريات وحقوق الإنسان التي تتشدق بها دوماً.

إن ألمانيا بذاك السلوك، قد أساءت لنفسها أولاً، قبل أن تسيء للأستاذ أحمد منصور، فهي قد نسفت كل ادعاءاتها السابقة، حول تمسكها الشديد بقيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان، وإداناتها الدائمة للممارسات القمعية، التي تقوم بها بعض الأنظمة الدكتاتورية في مختلف أنحاء العالم.

لقد جاء هذا الحدث بمثابة الفضيحة الأخلاقية والحضارية لألمانيا، وهو السلوك الذي تمارسه العديد من النظم الغربية بأي حال، وبمقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حالة الإفلاس الحضاري والأخلاقي، الذي بدأ يصيب تلك النظم، وهو المقدمة الطبيعية لانهيار أي حضارة مزيفة.