الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٥٤ مساءً

لماذا (الحوثيون الإرهابيون)؟

وئام عبد الملك
السبت ، ٠٤ يوليو ٢٠١٥ الساعة ١٠:٥٤ مساءً
خاطب عبدالملك الحوثي زعيم مليشيا الحوثيين أنصاره، في خطاب مسجل أخير أثار العديد من التساؤلات قائلا:" إن وقوفكم في كل ساحات وميادين القتال في الجبهة الداخلية في مواجهة العملاء والمرتزقة البائعين لأنفسهم وبلدهم وشعبهم ودينهم، لهو فعلاً جهاد مقدس في سبيل الله"، مثل ذلك الخطاب اتبعته في أوقات سابقة جماعات إرهابية كتنظيم داعش، إذ جاء في خطاب منسوب لزعيمها البغدادي في كلمته خاطب الجهاديين في سيناء واليمن والمغرب وليبيا والجزائر وتونس، مطالبًا إياهم بتفجير براكين "الجهاد" في كل مكان، كان ذلك في نوفمبر 2014م، وتنظيم القاعدة إذ دعا زعيمه أسامة بن لادن في يناير 2009م العالم الإسلامي إلى "الجهاد المقدس" من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة.

خطاب الحوثي يدعو نحو مزيد من العنف، ويحرض شيعته إلى المزيد من قتل المسلمين، والتخريب، وتعميق الصراع المذهبي، وسيلقى على طبيعة الحال خطابه ذاك استجابة لدى أتباعه، كون مثل تلك الجماعات القائد بالنسبة لها وصل إلى مرحلة التقديس، واستخدام الخطاب الديني من تغييب عقولهم والتأثير فيهم بشكل كبير.

وعلى غرار دعوات بعض الجماعات الإرهابية الأصولية السنية التي تسعى نحو تشكيل دولة إسلامية، لتطبيق الشريعة الإسلامية على حد وصفهم، يعد مشروع الحوثي في اليمن امتدادا لمشروع إرهابي إيراني شيعي كذلك، مكملا للحلم الإيراني ببناء دولة فارسية، وعليه يمكن توصيف الأولى بتنظيم الدولة الإسلامية السُّني، والأخيرة بتنظيم الدولة الإسلامية الفارسية الشيعية.
القاعدة بفروعها تركز على المظهر، وكذلك الحوثيين، فهم يحرصون بشكل كبير على لبس الثوب الطويل، وكذلك الأمر بالنسبة لنسائهم اللائي يُعرضن في مناسباتهم على القنوات التابعة لهم، وهُن متغطيات فلا يُرى منهن شيء، وذلك اللباس ليس هو الشائع بين في عموم اليمن، كما أن داعش والقاعدة يفرضون على الناس شكل لباسهم وعبادتهم، كما فعلت طالبان التي تعد أحد أذرع القاعدة بأفغانستان بإجبار النساء على ارتداء عباءة تغطي كل الجسد، وتفرض على الرجال لبس العمائم وتربية اللحى وقص شعر الرأس، وهو ذات الأمر الذي تفعله الشباب المجاهدين بالصومال، إذ تجبر النساء على ارتداء عباءة تغطي كل الجسد، ويضيق الخناق ذلك على النساء نظرا لارتفاع درجة الحرارة.

الصراع الطائفي الذي يحاول الحوثيون إشعال فتيله في اليمن، لقى استجابة من قبل بعض الجماعات السلفية السُّنية، فالصراع بين تلك الجماعتين بدأ يظهر بشكل جلي، بعد أن بدأت هينمة الحوثيين على المناطق في مدينة( صعدة)، أما الإخوان المسلمين ونتيجة للتعسف التي تعرضت له قياداتهم مؤخرا على يد تلك جماعة الحوثي، فإن فصيل فيهم زُج به بالصراع.

أحد معارفنا حين انتقل من الريف إلى المدينة قبل حوالي عامين، كان سعيدا بقرب ثلاثة مساجد من المنزل، لكنه تفاجأ حين صنفوا له تلك المساجد، فأحدهم كان تابعا للحوثيين، وآخر للإخوان المسلمين، والأخير للسلفيين، وهذا مالم نكن نسمع به من قبل في يمن الإيمان، إذ بات الصراع على المساجد كبيرا، لاستقطاب الناس، كون المساجد منبرا مؤثرا، و وسيلة اتصال فعَّالة عريضة الجمهور، ومن شأن منع الحوثيين للمصلين في صنعاء من استخدام مكبرات الصوت أثناء صلاة التراويح، أن يعمق الصراع الطائفي، وهو المشروع الأنجع نحو بناء يمن ممزق.

المشاريع الكبيرة القائمة على التحشيد الطائفي أو الفئوي تنجح وبشكل كبير، مع استغلالها لوسائل الإعلام، فمثل تلك الجماعات الإسلامية التي اتخذت من الإسلام مظلة للترويج لأفعالها، وللاستقطاب، وجميعهم يسعون للتنكيل بالآخر المختلف، ويحثون أنصارهم على الجهل المقدس كما يسميه المفكر روا، وتغييب العقل، جميعهم اتخذوا من شعار مقاتلة الغرب الكافر وإسرائيل وهم لا يقاتلون إلا بعضهم، ولا يزهقون إلا أرواح المسلمين، مع أن الدين محبة.

المشاريع هذه استطاعت تحت مظلة الطائفية أن تجمع بين مختلف مناصريها، ولذلك من غير المستغرب أن ترى مقاتل إيراني شيعي يقاتل في سوريا، ومقاتل لبناني شيعي في اليمن إن أتيح له ذلك، أو مقاتل بريطاني سُّني أن يقاتل في اليمن في صفوف القاعدة أو أحد فروعها، فمن خلال وسائل التواصل الاجتماعي نلاحظ هذه الظاهرة، فكل فريق يرغب بالانتصار لشيعته من أي دولة كان ينتمي إليها.

فداعش والقاعدة وغيرها يقتلون المسلمين بحجة مخالفتهم لأوامر الله، وموالاتهم للكفار، والحوثيين يخوضون حربا ضد المواطنين بحجة أنهم دواعش، وهو ما يحدث الآن في تعز وعدن، وجميع أولئك الإرهابيون يقاتلون ضد الدولة الموالية على زعمهم لأعداء الله، ويلجأون إلى العنف والترهيب والتخريب، ما يؤدي إلى زعزعة أمن البلدان واستقرارها، وإن كان قد تم توظيف تلك الجماعات سياسا هنا أو هناك، لكن نشاطها وتوسعها أمر مفروغ منه، وعليه ينبغي عدم التقليل من شأن ذلك الأمر وعلى وجه الخصوص في اليمن.

الشحن الديني غير العقلاني البعيد عن الواقع، تُخرج من تحت عباءة الدين، شبانا مفخخين، وهو ما تفرزه مثل تلك الجماعات، ولأنها تعمل تحت تلك المظلة فقناعات أتباعها صعبة التغيير، كونها تنطوي تحت( المقدس)، وعلى ما يبدو فالعالم بأسره يحارب الإرهاب، الذي صنعه العالم بأسره! والصراع القائم الآن في غير بلد عربي، أخذا بُعدا طائفيا، يُخشى من عواقبه، والحوثيون لا مفر أصبحوا تحت عباءة الإرهاب.