الاربعاء ، ١٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٠٩ صباحاً

صراع آخر

لطيفه علي
الجمعة ، ١٠ يوليو ٢٠١٥ الساعة ٠٣:٣٩ صباحاً
نحن في لحظاتِ قاتمة من اللاأمان الديني. أو الأخلاقي ، وبلا أي نوع من الاستقرار السياسي ، نحن في أوج أنواع القلق الروحي في ظل تخبط الوضعية وصدمة المعتقدات ، وظواهر كل الحركات الدينية " داعش وغيره " كنا إلى وقتٍ سابق يمكننا الاحتماء بالقياس بالعقل والعلم والكتب السماوية ، وصرنا إلى متاهة بل أفق ، لقد صار بالإمكان ليس فقط نقد النصوص الدينية نقدا علميا بل نقدا ميثولوجيا حتى ، مخلفا للعامة ركام من الشكوك والجدليات . قلبت قواعد الحياة التي لم يبق معها من يقين سوي زوالها بالكامل ، إن حرية الجدل هذه أخرجت إلي النقاش العلني سوءات المجتمع بكافة هياكله المختلفة ، نحن أمام عالم يتقوض وفي ذات الوقت عالم متعطش إلي نظام آخر جديد ، نحن أمام جيل فقد الإيمان بالصيغ الأخلاقية المكرورة وأنتج لنفسه بنفسه كنتاج طبيعي لكل هذا الاختلال شعوراً عاما من اللامبالاة تجاه الأخلاق وقوانين العيش الإنساني ، أن العنف السياسي والانتماء للجماعات العنفية أو الحركات السياسية الأصولية ، كداعش مثالا كظاهرة عربيه للفشل الاجتماعي والسياسي والأخلاقي ، هو الصورة الأكثر ابتذالا وصدقا لصورة الساسة العرب التي أهملت كل المشاكل المجتمعية وتمحورت سياسياتها نحو بناء صلب لسياج ديمومتها على رأس السلطة لا غير ، في ظل مجتمعٍ من اللامساواة يسود فيه الوضيع لأنه الأكثر غلبة علي الكذب وامتطاء الحبال والتنقل بين السياسيات دون ادني احمرار لوجنة الضمير .حتى العالم المحتضر يكيل بمكيال مختلفة حين يصل الأمر إلى التعامل مع الدول شرق أوسطية ، ففي الوقت الذي يعلي فيه قيم الكرامة لمواطنيه واحترام الحقوق والحريات، تجده يدعم الحكام العرب الذي يعلم القاصي والداني مادة وصولهم إلي الحكم ، بل مؤخراً وبلعبةٍ مبتذلة قام العالم المحتضر برعاية الإرهاب كمادة تفكيكية لما تبقي منا كدويلات .
لقد ورث أبناء هذا الجيل الارتياب والكفر بمنظومة القيم وصلاحية الأخلاق ، فوجدوا في جماعات العنف المثال الواقعي والملائم كما هو ذاته في الحركات السياسية الانتهازية والوصولية.
فذهب البعض إلى ارتداء الحزام الناسف ليذهب إلى جنة من صنع الموت لا الحياة وذهب آخرون إلى تملق الزيف السياسي وتسلق كل السلالم بمعزلٍ من الأخلاق ، لقد فقد هذا الجيل بوصلته ، وانتهي به الأمر إلى الاستسلام لذواته الفردية داخل وحشية الإحساس بالظلم وفقدان حماسة الصراع والحلم من اجل الحياة ، منكفئاً عن صخب وفوضي وزيف وعالم من السياسة البلهاء وعديمي الإحساس والأخلاق والمسؤولية .