الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٨ صباحاً

خديعة الهدنة

حبيب العزي
الاربعاء ، ١٥ يوليو ٢٠١٥ الساعة ٠٣:١٧ مساءً
مع دخول الهُدنة الأممية ساعتها الأولى في اليمن، كانت القذائف الحوثية مستمرة في السقوط على الأحياء السكنية في مدينة تعز، وبعدها بساعة، كان طيران التحالف يقصف مواقع مختلفة في المدينة، توجد فيها العناصر الحوثية المسلحة، منها غارتان في منطقة وادي الزُّنُوج، المحاذي لجبل جَرَّة من جهة الغرب، كما استمرت الاشتباكات على أشدها في جبهات ومناطق، جبل جرَّة والضَّبَاب والحَصِب والمُرور وكلابة وغيرها، حتى ساعات متأخرة من صباح السبت، ما يعني أنه لا وجود للهدنة عملياً
الهدنة غير المشروطة، لا وجود لها، سوى في أجندة الأمين العام للأمم للمتحدة، ومبعوثه الخاص إلى اليمن، جمال بن عمر في نسخته الثانية، حيث ظل الأخير يقدم الدور نفسه الذي كان يقدمه سلفه جمال بن عمر، وما فتئ، طوال فترة هذه الحرب، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وهدنة إنسانية يلتزم بها طرفا النزاع، بحجة إيصال المواد الإغاثية، وهو، في الحقيقة، لا يريد سوى إنقاذ جماعة الحوثي لمصلحة أميركية بحتة، لم تعد تخفى على أحد، بل الأعجب من ذلك أنه، في كل أحاديثه الإعلامية، يسمي المقاومة الشعبية بالمليشيات المسلحة، ويساوي بين الجلاد والضحية، وبين القاتل والمقتول.
أكثر ما يثير غرابتي في المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ، أنه يضع نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ضمن جدوله في كل تحركاته بين الأطراف التي يلتقيها للتشاور، بشأن إيجاد حل للنزاع في اليمن، بين الرياض وصنعاء. ولا أدري حقيقة بأي صفة يشارك هذا المسؤول الإيراني في مباحثات يمنية خالصة، لولا التواطؤ المفضوح من الأمم المتحدة وأمينها العام.
الهدنة الحقيقية يا سيد (بن عمر2) هي في تطبيق القرار 2216، ولا شيء غير ذلك، والحديث عن هدنة غير مشروطة يتناقض كلياً مع هذا القرار، وأنت ورئيسك بان كي مون، تدركون ذلك جيداً، وكان عليكم تطبيقه وفقاً للمادة 42 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، فور انتهاء مهلة الـ 10 أيام التي لم يلتزم في أثنائها الحوثي وصالح بتطبيق القرار، لكنكم لا تحترمون أنفسكم، ولا قراراتكم، كما لا تحترمون حتى المؤسسة التي تعملون فيها.
أصبحت الأمم المتحدة، وبكل أسف، تمارس العُهر والدجَل السياسي، ولا تراعي حتى سمعتها من الناحية الأخلاقية والدبلوماسية، وقد ارتضى الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثوه لأنفسهم أن يكونوا مجرد سماسرة لحساب الولايات المتحدة الأميركية.
الهدنة بالطريقة التي يريدها بان كي مون، ومبعوثه إلى اليمن هي، في حقيقة الأمر، عملية خداع وتضليل للشعب اليمني، لا أقل ولا أكثر، هدفها الرئيس إجهاض المقاومة الشعبية التي تحقق، يوماً بعد يوم، تقدماً ملحوظاً على الأرض، خصوصاً في تعز وعدن ومأرب، وإن بشكل بطيء نسبياً، بسبب عوامل كثيرة، أهمها العراقيل التي يضعها الرئيس عبد ربه منصور هادي نفسه، والتي لم تعد تخفي على المتابع والمراقب، وهو ما يجب أن يدركه اليمنيون، ويحاسبوه عليه، عندما يحين الوقت المناسب.
بالمحصلة، الأمم المتحدة وهي تتباكى على اليمنيين، إنما تذرف دموع التماسيح، وعندما تدندن ليل نهار بمصطلح "الهدنة الإنسانية"، ليس لأن قلبها رحيم بالأبرياء من اليمنيين، كما تزعم، إذ لو كان الأمر كذلك لطبَّقت القرار2216، وأنهت المشكلة من الشهر الأول، لكنها بالأساس لا تريد أن يسقط الحوثي وحليفه صالح، فالسيدة أميركا لا تريد ذلك، لأنه، ببساطة شديدة، لا يصب في خدمة مصالحها في المنطقة.

* العربي الجديد