الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٤٧ مساءً

الوثيقة .. لا تزال فى جيبى!

أحمد مصطفى الغر
الخميس ، ٢٤ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
لم تكن مشكلة التوقيت الخاطئ هى وحدها السبب وراء النتائج التى ترتبت فيما بعد على وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور و المعروفة إعلامياً بوثيقة السلمى للمبادئ الفوق دستورية ، بل ان رفض القوى السياسية للوثيقة من البداية كان سبباً ، لكن السبب الأهم هو الرفض الشعبى لها ، بالاضافة الى مصادرتها لحق الشعب مستقبلاً فى وضع الدستور كما يريد بدون أن قيود أو شروط مسبقة أو إملاءات منصوص عليها فى وثيقة حتى ولو توافقت القوى السياسية عليها ، لأن تلك القوى السياسية فى مجملها لا تعبر عن الكتلة الشعبية من سكان مصر ، والتى كثيرا ما توصف ــ بغير دقة ــ أنها : الأغلبية الصامتة .

و بالرغم من إبداء معارضة للوثيقة من الأساس فإن استمرارية الدعوة للحوار حولها كانت هى وسيلة الدكتور على السلمى للابقاء على الوثيقة فى دائرة الضوء و التناول الاعلامى ، إذ كيف يمكن النقاش حول وثيقة مرفوضة من البداية مهما عُدلت موادها و بنودها ؟! ، و الغريب هو ما تسرب من معلومات فى بعض الصحف مؤخراً عن رئيس الوزراء نفسه كان يرفض الوثيقة و غير مقتنع بها وأنه وجد نفسه مضطراً للدفاع عنها بعد أن نسبت للحكومة ، و فى الواقع فإن وثيقة السلمى ما هى إلا إستكمال لجلسات الحوار الوطنى أو الوفاق الوطنى و التى بدأها النائب السابق لرئيس الوزراء "يحيى الجمل" ، والتى أيضا تم مقابلتها بعدم إهتمام على الصعيد الشعبى ، ومقاطعة بعض الأحزاب لها ، بل وإعتبرها الكثير من المحللين والاعلاميين فى وقتها أنها مجرد " مكلمات بلا طائل من ورائها " ، الغريب أن الدكتور السلمى قد ورث المنصب عن سلفه ، لكنه لم يبدى أى تغيير بل سار على نفس الدرب ، فوصل هو الآخر الى نفس النتيجة ، لكن هذه المرة لم تكن الاطاحة بالنائب وحده بل بالحكومة كلها !

فى الواقع ان المشكلة الحقيقة التى قد تواجه أى تحرك يشبه تلك التى التحركات و النقاشات والوثائق التى قام بها الجمل و السلمى لن تكون ذو جدوى ،حتى ولو إستطاعوا أن يحصلوا على رضا و قبول الفصائل السياسية و الأحزاب و التيارات المختلفة ، وهذا ببساطة لأن تلك النخب التى تملأ وسائل الاعلام و الصحف ليل نهار لا تعبر عن الارادة الشعبية الحقيقة ، ولا يمكن لأحد منهم ان يتحدث بجموع المواطنين كون أن تلك الفصائل مهما زادت سيطرتها وإستخدامها لوسائل مختلفة مثل : إستخدام الدين على سبيل المثال ، أو اللعب على الوتر العاطفى لدى الناس ، مشكلة تلك النخب أيضا أن كلا منها لديه قناعة ــ على غير الحقيقة ــ بأنه ذو قاعدة شعبية عريضة يستطيع أن يوجهها كيفما شاء و وقتما شاء ، لكن تبقى نقطة هامة للغاية وهى ان الشعب أصبح أكثر وعياً مما سبق بكثير ، فالشعب الذى ثار على حاكم مستبد و نظام فاسد ومرواغ لن يكون من الصعب عليه معرفة حقائق الأمور و التمييز بين النافع والضار ، وهذا ما لا يدركه الكثيرون حتى الان !

ألان ـ وبعد أن اطاحت وثيقة السلمى بحكومة شرف ـ أتمنى أن يعى كل مسئول قادم أن فرض الوصاية على الشعب هو أمر مرفوض ، و أن حوارات النخب و نقاشاتهم لا يمكن فرضها على العب الذى لا يمثله أحد من تلك النخب التى تعيش فى واد آخر وتتعارك حول وثائق تفتقد الى التوافق الوطنى أولا ، و الاجماع الشعبى ثانياً ... هذه المرة أتمنى ان يرحل الدكتور السلمى و الوثيقة فى جيبه حتى لا يرثها نائب رئيس وزراء آخر و تتكرر الأحداث !