الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٤ صباحاً

قرّوا يادعاة الانفصال

حبيب العزي
السبت ، ٠٨ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ٠٩:٥٠ صباحاً
كانت فرحتنا كبيرة، نحن اليمنيين، بتحرير لؤلؤة البحار، مدينتنا الجميلة والفاتنة، عدن، من قبضة مليشيات المسيرة الشيطانية، المسنودة بعصابات علي عبدالله صالح ومرتزقته الذين مارسوا عليها كل صنوف القُبح والإجرام، كما مارسوه على غيرها من المدن، مثل لحج وتعز والضالع ومأرب وأبين، وغيرها من المحافظات اليمنية.

عكّرت صفو فرحتنا تلك أصوات ارتفع ضجيجها بعد التحرير مباشرة، ودماء الشهداء لم تجف بعد، وأنين الجرحى لازال يملأ الآفاق، تطالب بالمطلب نفسه الذي ظلت تدندن عليه طوال السنوات الماضية، بلا كلل أو ملل، تريد تقطيع أوصال الوطن، في وقت هو أحوج ما يكون فيه إلى التلاحم ورص الصفوف، كما وحدة الكلمة بين أبنائه، من أجل إنجاز المهمة الكبرى التي خرج شبابنا من أجلها، ومعهم كل اليمنيين في العام 2011.
تلك المهمة، المتمثلة باستعادة الوطن بأسره، من يد من سرقوه ونهبوه طوال العقود الماضية، وليس الجنوب فحسب، كما يريد المدندنون على وتر الانفصال، وما استعادة عدن وتحريرها إلا البداية لتحرير كامل الوطن الذي لا يمكن لليمنيين الاحتفاء به، قبل استعادة صنعاء وصعدة، وأي حديث عن التحرير من دونهما، سيظل ناقصاً ومبتوراً.

لا يستطيع دُعاة انفصال الجنوب أن يزايدوا علينا بحبهم عدن، فنحن تجاوزنا مرحلة حُبها، إلى الوله والصبابة والهوى، حتى باتت لنا هي "العشق" كل العشق، فلا تحاولوا المزايدة علينا في هذا الجانب، لأننا سنغلبكم بحبها.

لسنا ضد فكرة الانفصال، من حيث المبدأ، إذا كانت رغبة كل إخواننا في الجنوب وإرادتهم، لكننا ضد الضجيج بها في هذا التوقيت الحساس الذي لا تجيده سوى فئة بعينها، لها أجندتها السياسية، ومطامعها الشخصية التي يعرفها كل اليمنيين، وفي مقدمتهم أبناء الجنوب المخلصون، والتي تريد الوصول إليها عبر تمزيق تراب الوطن الواحد.

لا يمكن ليمني عاقل، لديه قدر ضئيل من الحكمة والحصافة، وبُعد النظر السياسي، أن ينادي بمثل هذا المطلب، في هذا التوقيت الدقيق، لسببين جوهرين، الأول أن ذلك يُعرقل إنجاز المهمة الكبرى التي خرج اليمنيون كلهم لإنجازها، وهي تحرير كامل الوطن. والثاني إن انفصال الجنوب، في هذا التوقيت، لا يصب مطلقاً في مصلحة دول التحالف، وبمقدمتها المملكة العربية السعودية، التي لولا تحركها، لظل "وكلاء الله" يحكموننا مائة عام، ستعود باليمنيين ألف سنة إلى الخلف بالحد الأدنى، ولا يستطيع أن ينكر ذلك أحد، ولا ينسب الفضل لأهل الفضل غير ذويه.

مطلب كهذا يمكن النظر فيه بشكل جدي، عندما تستقر البلد، وتهدأ النفوس، وتبسط الدولة نفوذها على كامل الأرض اليمنية، وتنعم البلد بالأمن والأمان، يمكن ساعتها أن يتناقش الناس بمثل هذا الأمر، ويحدث استفتاء، يقول فيه أبناء الجنوب قولهم الفصل، بإرادة حرة، وصفاء ذهن، من دون تشويش أو ضغط من هذا الطرف أو ذاك، ووقتتها سنكون أول من يبارك لإخواننا في الجنوب قرارهم الذي سيتخذوه.

بكلمة واحدة.. وبلهجة يمنية خالصة، نقول لدعاة انفصال الجنوب، في هذا التوقيت الدقيق والظرف الحساس، "قِرُّوا واغضبوا الشيطان الرجيم، ومش وقت هذا الهُدار أذي الساع".