الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٤٤ صباحاً

همسة في أذن الحراك ..!

علي العمراني
الاربعاء ، ١٢ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ١٢:١٢ صباحاً
- لعلنا لم نتحدث إلى الحراك بما فيه الكفاية.. وقد صارحنا كثيرا من الجهات بما يجب أن يسمعوا، وأحيانا حتى بما يٰغضِب.. ربما كانت مصارحات في البداية بهدوء وفي شكل نصح .. لكن لعله نصح وهدوء لا تنقصه الصراحة والصدق ونبل الهدف ..!

- كان البدء بعلي عبد الله صالح منذ سنين ، قبل ثورة الشباب في 2011..

كان يبدو صالح كمن يصغي ويعطي أمل في الإصلاح والتغيير، لكنه عمليا يطنش ويستهتر ويستمر في الغواية ... ولذلك كان لزاما أن يرتفع الصوت في النهاية جهارا نهارا، بأمل أن يسمع من به صمم..

وما قصر شباب اليمن وكل أحرارها في 2011..

- الحوثيون ( أنصار الله) دللهم كثيرون لوقت طويل مع أن خطأهم كان بائنا ، وخطرهم غير خفي .. وكنا ممن أسر لهم إسرارا ثم نقدناهم بصوت لا ينقصه الوضوح والتحديد ..!

ومع ذلك وقع الفأس في الرأس، وتفاقم جنونهم في السنة الأخيرة ، وارتكبوا حماقات تاريخية لا حصر لها إبتداء باجتياح مدينة صنعاء وليس إنتهاء بتدمير عدن وتعز وغيرها ..

أثبت الحوثيون أن الحماقة "تعب" حقاً، وأنها يقينا تعيي من يداويها..!

- القاعدة أو (أنصار الشريعة) قلنا لهم من زمان أنهم وإن كانت نوايا كثير منهم حسنة، لكنهم ليسوا على شيء، وهم في أحسن الأحوال تعبير صارخ عن تعقيد وعمق أزمة أمة ينتمون إليها..وقد صاروا الان جزء من المشكلة ولا يملكون حلا أو يقدمون مبادرات نافعة لمعالجة الأزمة الحضارية المستفحلة منذ قرون ، سوى الإمعان في التشدد والعنف والقتل..

منذ غزوة منهاتن وتدمير أبراج نيويوك، وقتل مدنيين كثيرين هناك، قلنا لعلماء دين ودعاة قولوا شيئا، وحذروا الشباب ونددوا بهذه الجرائم التي ترتكب باسم الدين وبحجة الدفاع عن الأمة، فلم يستبينوا إلا ضحى الغد وقد بلغ السيل الزبى، واختلط الدم وتناثرت الأشلاء في ميدان السبعين في صنعاء، ومستشفى العرضي وانتهاء بقتل المصلين في المساجد..

ومع ذلك لا يزال هناك من يصمت وهناك من يتلعثم..

- وحده الحراك العنصري في الجنوب لم يقال له بعد ما يجب، وما يكفي، وإن كنا نلمُّح أحيانا...ونتعلل بأن الزمن سيُعلِّم .. ولا بد أن يقول العقلاء كلمتهم في النهاية مثلما صرح وصرخ قبل أيام عالم دين محترم، هو الشيخ علي بكير، من حضرموت، في وجه عنصري متنطع : حيث أجابه بصوت عال صارخ محتد بما معناه : لا يجوز ظلم الشمالي أو قتله ..! وأضاف : اليمن واحدة من قبل يخلق علي عبد الله صالح وعلي سالم البيض ..!

انطلق الحراك من مظالم حقيقية تسببت فيها قلة فاسدة جنت على اليمن كلها ..

ومع التأكيد بأن هناك مظالم نوعيه طالت بعض مناطق الجنوب وأهلها مثل التسريح القسري المتعسف من أجهزة الجيش والأمن .. لكن لعله قد اتضح الان لكثير من أهلنا في الجنوب وخاصة الشباب آن تركيبة المؤسسة الأمنية والعسكرية كانت في مجملها مختلة، وان مناطق كثيرة في اليمن كلها، كانت مستبعدة ومهمشة في تلك المؤسسة، وقد نبهنا إلى ذلك منذ زمن... وقلت في مقال بعنوان "مظالم بيضانية" في 2010 بأن مديرية مكيراس منها قادة عسكريون أكثر من محافظة البيضاء كلها ...!

منذ أكثر من عقد من الزمن تعرض شباب الجنوب لتضليل ممنهج متصاعد.. صور لهم أن الجنوب كان جنة ، وأن الشمال كله ظلام ... ولست هنا في معرض التفنيد لهذا الزيف والكذب .. وقد لا نضطر لذلك يوما .. ويمكن التسليم بأن اليمن تعرضت في الخمسين عاما الماضية لتجارب اتسم أكثرها بالمراهقة والتطرف والطيش، وكثيرا ما حصل ذلك مع توفر حسن النوايا وطيبة القلوب..! وليس بعيدا عن كل ذلك بعض مشاريع اليوم، ومن ذلك مشروع الإنفصال، أو فك الإرتباط أو ما شئت من تسميات ..

ولعل أدق وصف لدعاة الإنفصال هو ما ورد بقلم الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد فهم إما " وطنيون رومانسييون أو إنتهازيون"...

ويلاحظ الان أن مقربين من صالح ومقربين من الحوثي يروجون ويفضلون حلا إنفصاليا لليمن..! وعلق صديق سابق "مثقف"مقرب من الحوثي على مقال الراشد في صفحتي : لا إكراه في الدين فما بآلك في الوحدة ..! والهدف هو محاولة الإستحواذ على الشمال في حالة العجز عن السيطرة على كل اليمن ..مثلما يفكر إنتهازيون آخرون بأنهم لا يمكنهم سوى التسلط على الجنوب وحده ..

حل الدولتين ليس مقبولا من كثير من أهل اليمن وهو ليس في مصلحة اليمنيين في الشرق والغرب والشمال والجنوب، على المدى المتوسط والبعيد والقريب ، وهناك كثرة لن تقبل بحل من هذ القبيل أبدا ..

وقد جلست مؤخراً مع قادة من العصبة الحضرمية، أحدهما من زعماء قبيلة الكثيري الهمدانية وآخر من زعماء قبيلة سيبان الحميرية، فتحدثا بسمتهم الحضرمي الوقور وقالا : لا نقبل حل الدولتين ولا الإقليمين، وقد أودعنا مذكرة في مجلس التعاون بهذ الخصوص..

وتحدث أحدهما وهو رجل تأممت أمواله قبل خمسين عام : بصراحة ، نحن في حضرموت ما نعتبر أنفسنا من اليمن، ونحن لسنا جنوبيين أيضاً ، وفلان وفلان لا يمثلوننا وهم سبب مصائبنا وتشريدنا..!

فقلت يا ابن همدان ويا حفيد حمير : شوفوا لليمن حل .. أنتم يمنيين أكثر مني..!

وأقول : يا سيد مران ويا صاحبنا من سنحان أنانيتكم دمرت اليمن ..!