الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٣٩ مساءً

ما الذي يحدث في تعز؟

وئام عبد الملك
الثلاثاء ، ١٨ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٣٩ صباحاً
بالأمس احتفل أبناء تعز بالتقدم الكبير الذي أحرزته المقاومة، مقارنة بالإمكانيات المتواضعة التي كانت لديها، وأثبتت تعز أنها مدينة الكرامة، المدينة الأبية التي لا تركع، ولا ترتضي بالظلم، لقد كان نصرا عظيما فرحت له قلوبنا بعد المعاناة التي تجرعناها طوال الأشهر المنصرمة، على أيدي مليشيات صالح والحوثي المجرمة، ما حدث جعلنا فخورين بذلك كثيرا، لكنه فتح باب التساؤل، عن عدم دعم طيران التحالف للمقاومة في معارك الانتصار الأخيرة في المدينة، ولو تم تقديم الدعم لها كما ينبغي لكانت انتهت المعركة قد انتهت بالفعل، وتم تحرير مداخل المدينة.

فبعد أن تم تحرير عدن، ظننا بأن الحسم العسكري سيكون قريبا جدا في تعز، وكنا قد سمعنا معالي وزير الداخلية اليمني الحذيفي، يتحدث عن تحرير تعز خلال اليومين القادمين، ومضت اليومين ولم يحدث شيئا. فقط نريد تفسيرا لما يحدث، لا خبرة لنا بالمجال العسكري والتخطيط فيه، لكن هل حصة الموت والمعاناة التي تجرعتها المحافظة غير كافية؟! أم أن بعض الدول تلمع نفسها ببعض المدن التي تم تحريرها، لا تجد تعز خليقة بأن تمد لها يد المساعدة في هذا الوقت الحرج، ولا مصلحة لها فيها، ولكن رجالات المقاومة الأحرار في تعز الذين علمونا درسا في الحرية والشجاعة، قادرين على أن يدحروا كل تلك المليشيات من المدينة، واليمن موطننا ونحن المخولون بحمياته قبل أي أحد.

الأمر الآخر بالأمس شاهدت سيارة سوداء، مكتوب عليها بالخط العريض( حُماة العقيدة)، وعلى ظهرها رجال ملثمون مسلحون، كانت بداية في شارع التحرير، وذات السيارة كانت بعد دقائق، على بُعد بضعة أمتار من جولة سنان في مدينة تعز، وتصدح منها الأناشيد، تلك الجماعات لا نعرف عنها الكثير، ولا عن أماكن تمركزها في المدينة بالتحديد، ويقال بأن تلك الجماعات هم من السلفيين، ويقاتلون ضد الحوثيين، وبأن لديهم سجون ومحاكم خاصة بهم، وبأن العديد من المُهمشين في المدينة قد انضموا لهم مؤخرا.

ومنذ أشهر كذلك كان هناك رجال ملثمون، يظهرون قرب( السائلة) القريبة من شارع المغتربين، ليقتلوا أمام الملأ أحدهم، وغالبا ما كان الذين يقتلونهم من الحوثيين، ويرموا ببعض الجثث( بالسائلة)، ومرة كذلك جاؤوا بجثة لأحد القتلى وتُركت حتى بدأت تتحلل، ولم يُسمح لأحد بالاقتراب منها، واضطر المواطنون هناك إلى حماية الجثة من الكلاب، بأن بنوا حولها بالحجارة.

ما ينبغي أن نتذكره في هذه اللحظة بأن تنظيم داعش، جاء بداية تحت اسم المقاومة في سوريا، وبأن تعز ينبغي بأن لا يكون لأمثال أولئك مكان فيها، فهي لم تكن كذلك يوما، تعز اتسعت لكل أبنائها، وكل أبناء اليمن، لكن لا مكان في الدولة التي نحلم بها، بالجماعات المسلحة التي تعمل كدولة، تعز لا تعرف غير التعايش والسلام والاعتدال، أمر تواجد مثل تلك الجماعة لم يعد يخفى على أحد، ونتمنى بأن لا يكبر الموضوع هذا بطريقة ما، بعد أن يتحقق الانتصار الكامل في المدينة.

في الحالمة كذلك لا يمر يوم وإلا ونسمع عن إصابة الكثير من المواطنين بحمى الضنك، وأصبحنا نسمع عن حالات وفيات عديدة، جراء الإصابة بتلك الحمى، مع تدني مستوى الرعاية الصحية، بسبب الأوضاع الصعبة التي تعيشها البلاد بأكملها.

إن الوضع الإنساني بات صعبا للغاية في المدينة، ولاحظنا قصورا في تغطية وسائل الإعلام لما يحدث هناك، وأثبتت بعض وسائل الإعلام بأنها مجرد بوق موجَّه، حتى يقضي غرضه، وبأنها تتحدث عن الوضع الإنساني الذي يعيشه المواطنون أثناء الحروب، فقط حين تريد خطبة ود منظمة أو جماعة أو دولة أو التلميع.

الخدمات العامة عادت ولكن بشكل بسيط، ففي أي عصر تريد لنا تلك المليشيا التي تغذت على أوجاعنا أن نعيش؟ ومع ذلك فتعز قوية عصية على الذل، صامدة برجالاتها الذين عشقوا أرضها، وخرجوا يدافعوا عنها بكل ما أمكنهم، وقتلوا الخوف، كما يفعل أبناء المدن اليمنية المختلفة، بحثا عن مستقبل يليق بهم.

لقد تُركت تعز على مر سنوات طويلة نهبا للجوع، والمرض والحرمان و و و، وكانت مهمشة وما زالت، ومع ذلك تجد أهلها المحبين للحياة يتشبثون بها، يجملونها بابتساماتهم وسلوكياتهم.

هذا بعض ما يحدث في تعز، فهل نجد تفسيرا لبعض ما يحدث؟! الحالمة ما عادت تحتمل، ولا أهلها الطيبون، والمعاناة لم تعد تقتصر على مدينة دون سواها، فلكل مدينة لها نصيبها من المعاناة، لكن هذا حق الحالمة علينا، فأردنا أن نذكركم بها.