الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٤ صباحاً

من المسؤول عن مقتل 45 إماراتيا؟؟

جاسم الشامسي
الاربعاء ، ٠٩ سبتمبر ٢٠١٥ الساعة ١٢:٥٣ مساءً
تعرضت الإمارات هذا الأسبوع، لمشهد صادم ومحزن نتج عنه اتخاذ إجراءات الحداد وتنكيس الأعلام، بسبب إطلاق صاروخ على مستودع للذخيرة تستخدمه قوات التحالف في مأرب، مما أسفر عن مقتل ٤٥ جنديًا إماراتيًا وعدد من الخليجيين واليمنيين، وتدمير مروحيات أباتشي وآليات مدرعة، كما ورد في بعض التقارير.

لقد قتلوا ونحسبهم من الشهداء، وإن الوطن ليحزن لفقد شبابه بتلك الفاجعة المؤلمة، والتي لم تتعرض لها دولة الإمارات منذ تأسيسها، فللأمهات والآباء عميق التعازي والدعاء لهم بالصبر والسلوان.

من المهم أن نسأل بعد تلك الفاجعة: من المسؤول عن قرار إرسال القوات المسلحة إلى أتون المعركة ومخاطرها دون علم الشعب، وكيف يتم إرسالهم فجأة دون التشاور مع مجالس الشعب التشريعية، ولا حتى الإعلان عن تواجد قوات إماراتية على أرض اليمن العزيز علينا.

أدري أننا نواجه خطرًا مشتركًا وواجب علينا أن نشارك إخواننا العرب في ردعه، وخصوصًا إذا كانت إيران وعملاءها، ولكن الذي أود الإشارة إليه أنه لو احترمت السلطات الاماراتية شعبها، وعرضت قرار التدخل في اليمن على أهل الشورى والحكمة والمجالس التشريعية ضمن اجتماعات مغلقة، ويكون للشعب من يمثله، لقلصنا عدد القتلى، واستخدمنا بدائل أخرى أنجع وأشد وقعًا على عصابات الحوثي وعلي صالح وإيران.

أصبح واضحًا أن قوات التحالف، ومنها الإمارات المعادية لثورات الربيع العربي، لا تريد دعم ثوار اليمن على الأرض وتسليح شعب اليمن بأسلحة نوعية لتحرير وطنه، ذلك لأنها تخشى أن يملك السلاح أبناء التيار الإسلامي فيخوضون حربًا حقيقية للدفاع عن اليمن وحرياته، وهذا ما لا يتوافق مع التوجهات الغربية والأمريكية.

لنسأل أنفسنا ما الذي سيحققه عدد محدود من الجنود الإماراتيين في تحرير اليمن، بل ما الذي قامت قيادة تلك القوات النظامية من إجراءات لحماية أفرادها من هذا التفجير؟، وهل شعب اليمن ينقصه الرجال؟ ولولا طلعات الطيران الجوي لما نجح الكثير من عمليات تحرير اليمن؟

من المخزي أن يعزز نظام الإمارات من رصيد فشله في قضاياه الخارجية والداخلية، كما حصل في مصر وليبيا وسوريا وحاليًا اليمن، ذلك لأن قراراته تشوبها الارتجالية والتسرع، ويتم اتخاذها في غرف مظلمة دون استشارة الإنسان الإماراتي وأقصد به الشعب، وإن آخر من ينظر إلى مستقبله المواطن المهمش، والأولوية هنا للمسؤول الذي يسعى على حساب أمنه القومي في صنع قرارات تاريخية تخلد ذكراه!

قتل ٤٥ مواطنًا، وجرح الكثير، واعتقال المئات عبر أحكام عرفية فارغة الحجة والقانون، وسجن العشرات ظلمًا وبهتانًا عبر أحكام اقصائية تجاوزت العشر سنوات! من يتحمل وزرها؟ ومن المسؤول عنها؟ هذه قضايا الساعة التي يجب أن تناقش في أروقة الحكم والمجالس البرلمانية، لا كما يحدث عبر الإعلام من تمجيد قرارات "الشيوخ" وخداع الشباب.

لن نجد جوابًا لدي سلطات الإمارات، ذلك لأنها هي المسؤولة عن انتهاك حق النفس في الحياة وحقها في ممارسة الحرية وفي المشاركة السياسية، وتلك السلطات هي التي تكمم الأفواه وتخنق الإبداع البشري، وتواجه متطلبات الدولة الحديثة الراشدة.

من الخطأ في علاج قضايا الدولة أن نركز جهودنا على النتائج ونتجاهل الأسباب، وهذا الذي يحصل عند مريدي السلطة وعامة الشعب، يركزون على مشاهد الحزن والألم والشعور بالضيم وضرورة الانتقام من العدو، ويتجاهلون خوفًا أو قصدًا العدو الأول وهو الاستبداد الذي صيّرهم إلى هذا الحد من الهوان، فمثلهم كمن يلعن الخمر ولا يقلع عنه.

ذكرنا ذلك ونجدد أن الإمارات تجري نحو المجهول، وقريبًا ستتعرض لهزات ومصائب أكبر، وكل مصيبة هي أكبر من أختها ستشمل قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية، الأمر الذي يجب أن يعيه شعب الإمارات، ويتخذ إجراءات سريعة وواضحة لمحاسبة نظام الإمارات، وما لم نوقف هؤلاء الغائبين عن الوعي فسيهدوننا إلى الهلاك.

ما أشرنا إليه ليس طلاسم أو رقصًا على جراح الوطن، وإنما نذكّر بسنّة من سنن الله، ذلك لأن المسؤول المستبد الظالم لنفسه ولشعبه لن يجد طريق النجاة ما لم يفق أو يردعه شعبه، وإلى أن نفهم تلك المعادلة فكم سنحتاج من شلالات المآسي والدم والدموع.

"شؤون خليجية"