الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢٣ مساءً

فوقعوها و ما كادوا يفعلون

حنان الإرياني
الجمعة ، ٢٥ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
كانت عيون ملايين من اليمنيين في الداخل و الخارج متعلقة بشاشات التلفزيون تنتظر هل سيوقع علي عبد الله صالح على المبادرة الخليجية أم سيمتنع كعادته عن التوقيع كما فعل في المرات الأربعة السابقة..و لكنه وقع و ما كاد أن يفعل.
قصة المبادرة الخليجية مع علي عبد الله صالح تتشابه في كثير من تفاصيلها بقصة اليهود مع البقرة.

الكثير من الأسئلة حول شكلها و مواصفاتها و لونها حتى يتم انتقاء البقرة المناسبة ليتم ذبحها. و علي عبد الله صالح في كل مرة كان يمتنع فيها عن التوقيع كان الجميع يهرع فيها من الداخل و الخارج لإرضائه بسؤاله عن المعايير و المواصفات التي يجب تواجدها في المبادرة ليرضى بها و يوقع بيده الكريمة عليها.

و كان أن حصل علي عبد الله صالح على حصانة من الملاحقة القضائية له و لمن عمل معه طوال فترة حكمه ثم رئاسة فخرية حتى يسلم السلطة بنفسه للرئيس المنتخب, و هو ما كان يعتبره الرئيس اليمني "الخروج المشرف" الذي يحلم به. فلن يضطر إلى الهرب كما فعل زين العابدين و لن يُسجن كمبارك و لن يقتل بيد شعبه كمعمر القذافي..

الرئيس اليمني قرأ معطيات مجتمعه و الحالة السياسية اليمنية جيداًً و هو الشخص الأُمي الذي لا يجيد القراءة, و علم أن المناورات السياسية و المماطلة في التوقيع ستجعل جميع الأطراف التي تطمع في أن يكون لها مكان تحت الشمس في الواقع السياسي اليمني ستقدم أي نوع من التنازلات لتحصل على توقيعه و لو استلزم الأمر التضحية بالشباب الثائر في ساحات و ميادين الحرية و بدماء الشهداء.

فكان أن انتقلت المعارضة اليمنية في ليلة و ضحاها من الديباجة الخطابية "لا حصانة للقتلة" إلى "لنطوي صفحة الماضي" في لمح البصر. متناسية أنها كأي كيان سياسي تستمد قوة وجودها السياسي من الشارع و ليس من المجتمع الدولي أو من دول الجوار.

خرج علي صالح من التاريخ اليمني و لكنه خرج مرفوع الرأس و مبتسماً بسخرية و مُنهي حفل التوقيع بخطبة أكال فيها الشتائم الاتهامات المُبطنة للمعارضة, بينما خرجت المعارضة من حفل التوقيع و قد سقطت سياسياً و حازت على غضب الشباب الذين شعروا بأن المعارضة قد خذلتهم خذلان أقرب إلى الخيانة.

الشارع اليمني الثائر رفض المبادرة الخليجية رغم توقيع المعارضة عليها, لأنها تطوي صفحات كتاب مليء بدماء العديد من الشهداء الذين بذلوا دماءهم لكي لا تكون هناك حصانة للقتلة ,فكان رد المعارضة السريع الغير مدروس بإنها ستكفل للجميع حرية الاعتصام السلمي.

لم تكن مشكلة الشباب مع نظام علي صالح في حرية الاعتصام أو في ما أنهك به كاهل هذا البلد من حروب ستة عنترية متتالية, و لكن كانت في أموال نُهبت و في دماء سُفكت, فهل تستطيع المعارضة أن تعيد معجزة سيدنا موسى عليه السلام بأن تُعيد الحياة لمن قُتل من الشهداء بضرب جثثهم الطاهرة بأوراق المبادرة الخليجية؟؟...