الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٥٣ مساءً

هل تتحرر صنعاء في ذكرى احتلالها؟

حبيب العزي
الخميس ، ١٧ سبتمبر ٢٠١٥ الساعة ٠٩:١٩ صباحاً
لن تكون معركة صنعاء التي تجري الاستعدادات لها هذه الأيام مجرد نزهة، لكلا الطرفين المتحاربين، فهي معركة مصير، وحياة أو موت لكليهما معاً، كما أنها معركة الكلمة الفصل التي ستقطع بها جُهيزة قول كل خطيب، في تحديد المهزوم من المنتصر في هذه الحرب التي شارفت على إنهاء شهرها السادس. وعلى الرغم من حديثنا المتكرر عن أهمية مدن أخرى، مثل عدن وتعز، إلاّ أن أي حديث عن التحرير لباقي المدن اليمنية من دون صنعاء يبقى ناقصاً ومبتوراً، ولن يعني شيئاً كثيراً في البُعد الاستراتيجي لهذه الحرب، كما في الأهداف التي استعرت لأجلها.
ومع اقتراب يوم الـ 21 من سبتمبر،أيلول، والذي سبقه تزايد مضطرد في الحشود العسكرية، من الجيش الوطني الموالي للشرعية، وكتائب المقاومة الشعبية، المسنودة بقوى التحالف العربي، المتجهة صوب مأرب اليمنية، قادمة من المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، بالإضافة إلى دول عربية أخرى، ومباشرتها الفعلية معركة تحرير مأرب، ازداد الجدل في أوساط اليمنيين والمتابعين للشأن اليمني، حول ما إذا كان ذلك مؤشراً إلى أن قوى التحالف العربي خططت لاستعادة صنعاء وتحريرها من يد المليشيا الحوثية، بالتاريخ نفسه الذي سيطرت فيه الأخيرة على العاصمة قبل عام.
في حال حدث ذلك، فإن المعركة ستكون بمثابة الضربة القاصمة التي ستغير واقع الأمور على الأرض، وستحسم المعركة لصالح الحكومة الشرعية وقوى المقاومة، ومن قبلهما قوى التحالف العربي بشكل أو بآخر، ما سيؤدي إلى انهيار تحالف الحوثي وصالح في بقية المحافظات، أو سيُعجّل بانهياره على أقل تقدير.
لعلّ ما يعزز مثل هذا الطرح ويُقويه، أن تاريخ 21 من سبتمبر، يصادف هذا العام وإجازة عيد الأضحى المبارك، ما يعني أن الكثافة السكانية لمدينة صنعاء ستكون في أدنى مستوياتها في ذاك التاريخ وخلال تلك الفترة، وكما هو معروف عنها في كل عام، بسبب مغادرة كثيرين من سكانها والمقيمين فيها إلى قراهم ومدنهم في المحافظات الأخرى، لقضاء إجازة العيد هناك، وهذا يحدث دائماً في حالة السلم، فما بالك هذا العام، وهي تعيش حالة حرب مستعرة.
قد يكون ذلك من الدوافع التي لربما جعلت المعنيين بالتخطيط لمعركة تحرير صنعاء يختارون هذا التوقيت بالذات لحسمها، حتى تأتي بأقل الخسائر البشرية الممكنة، ثم الأمر الآخر والمهم في هذا الصدد أنه سيكون لحسم المعركة بهذا التاريخ وبهذا التوقيت دلالاته وأصداؤه القوية سياسياً وعسكرياً، في حال تم حدوثه فعلاً، لأنه سيُزيد من مستوى الانهيار المعنوي لتحالف الحوثي وصالح، بالتزامن مع خسائرهم الكبيرة التي سيتكبدونها على الأرض.
إذا ما تذكرنا معركة تحرير عدن، فقد رأينا أن توقيتها كان مع نهاية رمضان، وبداية إجازة عيد الفطر المبارك، ما يعني أنه كان لذاك التوقيت دلالاته بكل تأكيد بالنسبة لقوى التحالف، من زاوية محاولتها تقليل الخسائر البشرية في صفوف السكان إلى أدنى مستوياتها، وهذا لن يتأتى -وفق تقديرهم- إلا في فترة الإجازات التي تخِف فيها كثافة السكان وحركتهم في المُدن اليمنية عموماً.
يبقى الحديث عن الحسم بهذا التاريخ أو بغيره مجرد تحليل، لكن المؤكد أن معركة صنعاء ستطول حتماً، ليس أسابيع، ولكن ربما حتى لشهور مقبلة، بمعنى أنه، حتى في حال حدث اجتياح بري للعاصمة صنعاء، مسنوداً بغطاء جوي كثيف، واستطاعت قوى التحالف والمقاومة السيطرة عليها، فذلك لن يتم إلاّ من خلال كلفة عالية جداً، وخصوصاً في صفوف المدنيين. وثانياً إن انهزام الطرف الثاني لن يعني، بالضرورة، أنه انتهى وتبخّر في الهواء، وإنما سيظل يدير حرب عصابات عن طريق جيوب تتخفى هنا وهناك، ليس بالضرورة في صنعاء، وإنما حتى في باقي المدن اليمنية الأخرى، إلى أن تستطيع الدولة، ممثلة بالحكومة الشرعية، بسط سيطرتها على كامل الأرض اليمنية، وهذا يأخذ وقتاً طويلاً قد يمتد سنوات.

* العربي الجديد