الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٥٤ مساءً

ما من سر بعد الآن حول معركة استعادة صنعاء

ياسين التميمي
الأحد ، ٢٠ سبتمبر ٢٠١٥ الساعة ١٠:١٩ صباحاً
ثمة خطة مشتركة لتحرير صنعاء، أفصحت عنها وكالة الأنباء اليمنية التابعة للحكومة، في تقرير لها متصل بالزيارة التي قامها بها قائد القوات البرية السعودية اللواء الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز، الجمعة الماضية إلى محافظة مأرب.

ما من سر يمكن إخفاؤه بعد هذه الزيارة بشأن معركة صنعاء المرتقبة، فكل المؤشرات تدل على أن ما يجري في مأرب ليس إلا إجراءات تمهيدية للمعركة الحقيقية الفاصلة التي قد تشهدها صنعاء خلال الأيام المقبلة.

المؤشر الأبرز يتمثل في تقطيع الأوصال من حول صنعاء بهدف تضييق الخناق عليها، ومنع وصول الإمدادات إليها، بالإضافة إلى الاستهداف الدقيق للمواقع المتشبه بتواجد عناصر قيادية عسكرية موالية للمخلوع صالح والحوثي فيها.

تصعيد التحالف على جبهة تعز له علاقة مباشرة أيضا بمعركة صنعاء، ويهدف إلى استنزاف الانقلابيين وإشغالهم في أكثر من جبهة، مع وجود تأكيدات بأن يتصاعد تدخل التحالف في تعز إلى حد قد يسمح باستعادة كامل المحافظة بالتزامن مع معركة صنعاء.

ثمن هذا التوظيف الاستراتيجي لمعركة تعز كبيرٌ جداً بالنسبة لسكان عاصمة المحافظة (تعز)، حيث ما يزالون يتلقون مئات القذائف اليومية التي تصيب منازل المدنيين وتقتل العشرات منهم، في قصف عشوائي لا سقف أخلاقي له.

ما لفت الانتباه هو استهداف طيران التحالف لمنزل السفير العماني بصنعاء القريب من منزل نجل المخلوع صالح في حي حدة، الحادث أثار رد فعل عماني قاس عليه، والأكثر ما يلفت هو سكوت السلطنة عن واقعة انتهاك سكن سفيرها من قبل الحوثيين الذي استدعى هذا القصف.

ربما يمثل هذا الحادث واحدا من مؤشرات الافتراق في المواقف داخل دول مجلس التعاون الخليجي، التي لا تتشاطر معها عمان أهداف الحملة العسكرية للتحالف العربي، وربما سلط هذا الحادث الضوء على طبيعة الدور العماني في اليمن..

في أحد التقارير التي بثتها قنوات موالية للحوثيين من محافظة صعدة في شمال غرب البلاد، أظهر هذا التقرير وجود مشاريع تنموية مولتها سلطنة عمان في تلك المحافظة النائية عن السلطنة، ما يدل على أن العلاقة بين مسقط والحوثيين قديمة وأصيلة، ومبنية على اعتبارات المصلحة الحيوية لسلطنة عمان وتقاطع المصالح العمانية الإيرانية.

الحقائق التي يسفر عنها المشهد الدامي هو أن معركة الحسم واقعة لا محالة، ومآلاتها واضحة وهو استعادة صنعاء إلى حضن السلطة الشرعية، لكن لا يمكن التكهن بحجم الخسائر التي قد يدفعها التحالف والانقلابيون والشعب اليمني حتى يتحقق هذا الهدف.

وفي الشق السياسي من هذا المشهد السياس يتجلى الدور الروسي، الذي يتم تنفيذه عبر السفير فلاديمير ديدوشكين، القادم من اجتماع هام لسفراء الدول الثمانية عشر الداعمة للمبادرة الخليجية، عقد في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بالرياض.

السفير ديدوشكين كان قد غادر صنعاء لظروف تتعلق بأجواء الحرب السائدة، وعودته إليها، التي قال إنها تأتي في سياق استكمال مهمة المبعوث الدولي إلى اليمن، تؤشر إلى أن الرسالة التي يحملها إلى الانقلابيين، لا تتعلق باحتمالات انعقاد جولة مشاورات لا يبدو أنها ستنعقد أصلاً بعد التعقيدات
العديدة التي اعترضتها، وإلا لكان عاد المبعوث الدولي نفسه.

ولهذا سيكون من المنطقي جدا التنبؤ بأن الرسالة التي يحملها السفير الروسي إلى صنعاء هي عرض الفرصة الأخيرة، لتجنيب العاصمة معركة وشيكة، ما قد يعني أن الانقلابيين يتلقون هذه المرة تحذيراً من صديق موثوق بأن الهامش المتاح من العمل السياسي هو فقط هذه النافذة المفتوحة لهم للهروب من جحيم المعركة الوشيكة.

لا يوجد سقف لتوقعات المراقبين المتابعين للشأن اليمني بشأن رد الفعل المرتقب من المخلوع صالح والحوثيين، لكن ثمة يقين بأنه لو ترك الأمر للحوثيين، فسوف يقاتلون حتى آخر حجر وآخر بشر في العاصمة صنعاء، لذلك فإن الرهان معقود على المخلوع صالح والجيش الموالي له، في إحداث اختراق قد يسمح بنهاية أقل كارثية لسيناريو تحرير صنعاء.