الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥٠ مساءً

الحرب تسلب الأطفال فرحة العيد

نُهى البدوي
الثلاثاء ، ٢٩ سبتمبر ٢٠١٥ الساعة ١١:٣٧ صباحاً
الاحتفال بعيد الأضحى المبارك له نكهه وطقوسة عند سائر المسلمين كباراً وصغارا، ففي بلادنا اليمن ينتظرة الأطفال بشوق ولهفة فرحاً به بعد إن أصبح بالنسبة لهم موسم للفرح المنتظر للإنطلاق للعب والشعور بالبهجة والزهو بالملابس الجديدة وقبض العيدية المعتادة، وبفرحتهم وسعادتهم يتجدد الأمل ويكتمل السرور في حياة الكبار أولياء الأمور، حين يتقاسمون البهجة التي تكسو وجوه فلذات أكبادهم. في هذا العام لم يكن الاحتفال كما تعودنا، ومع ظروف الحرب تغير وضع المواطن واختلف احتفاله بالعيد، عما كان معتاد عليه، وبسببها حُرم من أشياء كثيرة، ولم يتوقف الحرمان من فرحة العيد عندالكبار، ليقتصر عليهم فقط ، بل حُرم أيضا الأطفال من متعة موسم فرحهم وسلبت الفرحة من على وجوههم البريئة، بعد إن كانت لا تفارقها كل عام وهم يحتفلون بعيد الأضحى المبارك في مختلف القرى والمدن اليمنية، ليزيد هذا الحزن الذي اكتست به وجوههم همّاً ومعاناة مضافة لأولياء الأمور وهم يرون أطفالهم يدمورن أمام أعينهم.

اعتاد أطفال اليمن في كل مناسبة عيدية على أجتماع الأهل والأجداد والأخوان معهم ، وتبادل التهاني بالعيد، فالأطفال ينتظرون هذه المناسبة واللحظة بشوق وتلهف للتنفيس عن ذاتهم وتفريغ شحناتهم فيها بممارستهم اللعب والمرح والالعاب النارية والأبتهاج والتنزه في الحدائق، وزيارة الاقارب في المدن والقرى ، لكن الحرب حولت يوم فرحهم المنتظر إلى يوماً آخر مملوء بالحسرة والحزن، وهم يحتفلون به هذه المرة على سماع أصوات المدافع والرشاشات والبنادق وصواريخ الطائرات وتفجيرات المساجد بدلاً عن أصوات العابهم النارية المتعود السكان عليها، ففي هذا العيد غابت مظاهر كثيرة اعتاد أطفالنا عليها.
لم يشعر الأطفال هذه المرة بالفرحة المعتادة فالخوف والرعب وأصوات المدافع والانفجارات والغارات الجوية منعتهم من اللعب في الشارع ليفضلوا الجلوس في منازلهم، البعض منهم ظل يتذكر في هذا اليوم مواقف لوالده الذي قضى في الحرب، ومشاركته له فرحته في الاعياد السابقة، لتستبدل الحرب فرحته وابتسامته المعتادة بالدموع، والبعض الآخر منهم حُرم من جعالة العيد المعتادة ، وآخرون غادروا الحياة ضحايا بسبب الحرب.هذه العوامل وغيرها حرمتهم من فرحة العيد، ليس فقط هنا في صنعاء، بل في بقية المدن فالوضع متشابه، حتى في مدينة عدن التي يمكن احتسابها بعيدة عن ساحة المواجهات، أكدت لي بعض صديقاتي القاطنات فيها إنه رغم محاولات بعض دول الجوار نشر البسمة على وجوه الأطفال بتوفير لهم ملابس العيد وإقامة البرامج الترفيهية، إلا إن استمرار إغلاق الحدائق والمتنزهات إلى جانب وجود الجماعات المسلحة ، وعوامل نفسية خلفتها الحرب حرمتهم من فرحة العيد.
الصورة الحزينة التي رسمها الأطفال في اليمن باحتفالهم بعيد الأضحى المبارك هذا العام ، هيمنت على المشهد المحلي وتعاطف الكبار والشباب مع وضعهم، باعتبار إن المأساة التي يعيشها الأطفال بفعل وعمل الكبار، وسيستمر أثرها السلبي ليس بسلب فرحة العيد من وجوههم، وإنما على حياتهم وكافة انشطتهم وسيمتد أثرها إلى الجيل القادم، وللأسف تتسبب الأحداث ويوميات المعارك التي تدار في اليمن، بصرف نظرنا نحن اليمنيين بالذات عن حجم المأساة، وعدم الأهتمام بقضايا هذه الفئة الأكثر تضرراً من الحرب ، التي أصبحت عرضه لجرائم القتل والانتهاكات الإنسانية بمختلف أنواعها ووقود للحرب، والزج بهم في المعارك لخدمة اطراف الصراع، حيث تشير تقارير إعلامية إلى ان الحرب في بلادنا ازهقت أرواح ما يزيد على 4000 من المدنيين فقط، معظمهم من النساء والأطفال، وتؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أن 398 طفلا على الأقل قتلوا، وأصيب 600 آخرون بجروح منذ اندلاع النزاع المسلح في اليمن في مارس/آذار الماضي.وذكرت في تقرير أصدرته في أغسطس/آب الماضي، أن النزاع في اليمن يدمر واحدة من أفقر الدول العربية، مشيرة إلى ارتفاع أعداد الأطفال المجندين في النزاع من 156 طفلا 2014 إلى 377 في 2015. كما توقع التقرير أن يصل عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في اليمن، بحلول نهاية العام الجاري، إلى 1.8 مليون طفل.

كثيرة الوقائع والارقام المؤلمة التي تصدرها المنظمات الدولية عن وضع الأطفال في اليمن ، ومتعددة المشاهد التي نراها بصورة شبة يومية والمؤكدة إن الحرب سلبت الفرحة من على وجوههم، وجرهم طرفي الصراع إلى وقوداً لها، تلك الارقام والمشاهد تشدنا للتوقف عندها وتفرض علينا العمل لإبرازها إعلامياً للضغط على الأطراف المتصارعة احترام القانون الدولي ووقف الحرب التي جعلت من أطفال اليمن أكثر الفئات تضرراً منها ولإنقاذ هذه الفئة من استمرارها ضحية للأطراف المتصارعة في اليمن ولمساعدة مجتمعنا للتغلب عن هذه الكارثة وأثارها المستقبلية.