الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٢ صباحاً

ستطول الحرب في اليمن

وميض شاكر
الثلاثاء ، ٢٩ سبتمبر ٢٠١٥ الساعة ٠٦:٠١ مساءً
"استحالة إيجاد مسار واضح لحلٍ سريع للصراع في اليمن"، هذه هي الجملة التي تتكرر في تقرير "الحرب الأهلية في اليمن: صراع معقَّد وأفاق متباينة" للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

تقدم تلك الجملة خلاصة التقرير، لكنها- وبشكل أكبر- تقدم دعوة لإقناع القراء والمعنيين من قبول واقع الصراع ليس كأمر استثنائي، ولكن كحالة من المرجح أن تستمر طويلا. وعليه، ينصح التقرير بعدم ادخار أية جهود لتسيير الخدمات أو الأمن أو المفاوضات لمرحلة ما بعد الصراع. وعلى التحالف العمل على معالجة وتفعيل دور "الحكومة عديمة الفعالية" حيثما تسنى لها ذلك ولو فوق مساحات صغيرة على الأرض. يقترح التقرير، أيضا، دعوة الإعلاميين للتقارب بين الحوثين والسعودية.

الحرب اليمنية تتوفر فيها جميع الشروط التي تؤهلها للاستمرار سنوات عديدة إما على وتيرتها الراهنة أو حتى على وتيرة أسرع، هكذا يتوقع التقرير. ويتقدم هذه الشروط حتمية أقلمة الصراع في اليمن. فالسعودية تخشى من تنامي دور إيران في اليمن كما هو عليه حالها في العراق. ويتعزز هذا القلق مع إعادة اندماج إيران في المجتمع الدولي بعد الاتفاق النووي. لكن، الوضع في اليمن مختلف لأن مستوى الدعم الإيراني للحوثيين- على الرغم من سريته- ليس كبيرا، ربما لأن ايران حسبت حساب الرد السعودي القوي والحازم. وعندما تحاول إيران "تصدير الثورة"، كما حاول ناصر في الستينات تصدير ثورته، ستجد حزما مماثلا عند آل سعود وحلفائهم الرئيسين.

بالإضافة إلى شرط أقلمة الصراع، هناك مصالح الأطراف المتصارعة في الداخل التي تدعم سيناريو "الحرب الطويلة". فالحوثيون غير قادرين على بناء الدولة وإن احتفظوا بالعاصمة لعدم وجود اعتراف دولي بسلطتهم. أيضا لم يظهر الحوثيون الحكنة السياسية المطلوبة لبناء الدولة إذ اقتصر تحالفهم مع الجماعات الزيدية متمثلا في حلفهم مع صالح وحزبه (المؤتمر) ولم يعيروا اهتماما بالأحزاب الأخرى.

وصالح يعمل بدأب لاستعادة جزء من السلطة ويأمل في الإبقاء على نفوذ حزبه أو توسيعه، إلا أن هذا الأمر يبدو صعبا مع قرارات مجلس الأمن بحظر السفر وتجميد الأموال، إضافة إلى نجاح هادي في خلق انشقاقات داخل المؤتمر. بالمقابل، قدرة هادي على أن يصبح قطبا في السياسة اليمنية محدودة، فحلفاؤه في المقاومة الشعبية الجنوبية هم حركة انفصالية لا تشاركه رؤيته لمرحلة ما بعد الصراع، وكل ما يقوي سلطته هو تأييد بلدان الجوار لشرعيته. أخيرا، هناك استخدام متزايد للخطاب الطائفي من قبل الحوثيين وحزب الإصلاح الإسلامي السني في قتالهم وهو ما يعاظم خطر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتمتع بجذور قوية في اليمن، وكذلك يقوي من فروعها الحديث "داعش".

ليس هناك من رؤية حاسمة لقضية اليمن في ظل تلك الشروط- بحسب التقرير، فاليمن ستراوح حالتين متناقضتين، هما الحرب والسلام. في حالة الحرب هناك إمكانية لحدوث صراع طويل الأمد. أما حالة السلام لا تفترض سلاما إيجابيا، أو مصالحة وشيكة. بل على العكس من ذلك، إذ يتوقع التحليل، على المستوى القريب، بقاء مناطق معينة خارج سيطرة الحكومة أو حدوث أعمال عنف متفرقة حتى في المستقبل الأكثر تفاؤلا.

وبخصوص قضية وحدة أراضي اليمن وسلامتها، يفترض التقرير إما عودة محتملة لعملية توطيد يمن موحد، واما تقسيمه إلى كيانين منفصلين. ويفترض سيناريو الوحدة الحفاظ على الحدود الحالية للبلاد، بغض النظر عن مستوى اللامركزية. أما السيناريو المعاكس، فيمثل التدهور المزمن في اللحمة الوطنية، وهو قد يؤدي إلى تقسيم البلد إلى دولتين أو إقليمين منفصلين، وفيه إمكان العودة إلى حدود ما قبل عام 1990، أو حتى إعادة رسم الخريطة.