الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٤ مساءً

مؤهلات صالح وحوثييه

عمر عبد العزيز
الثلاثاء ، ١٣ اكتوبر ٢٠١٥ الساعة ١١:١٠ صباحاً
تدل كامل المؤشرات القادمة من ميادين القتال في اليمن إلى أن العد التنازلي لتحالف صالح والحوثيين بدأ بصورة متواترة وثابتة ، فخلال الأيام القليلة الماضية تم تحرير مضيق باب المندب وكامل الجزر المحيطة بها ، وخاصة جزيرة ميون الاستراتيجية ، وبذات الوتيرة تم تحرير مدينة ذباب الساحلية والمتاخمة لميناء المخا التاريخي الاستراتيجي ، وكلتا المدينتين ذباب والمخا هما مفتاحا الوصول المؤكد لعاصمة التهائم اليمنية مدينة الحديدة ، وإذا ما استكمل طوق التحرير لسلسلة مدن ساحل البحر الأحمر سيصبح الحصار البحري الشامل مطبقاً على الحوثيين ومن يقف خلفهم .
وبالمقابل سيصبح التحرير التام لمدينة تعز من باب تحصيل الحاصل، خاصة إذا عرفنا أن تعز تسيطر عليها المقاومة الشعبية بنسبة لا تقل عن ثمانين بالمئة ، فيما تنبئ الحقائق الميدانية المتجددة والواعدة بوعودها الحاسمة، من خلال إرسال منظومات جديدة من الأسلحة المتطورة للمقاومة ، وتخريج دفعات من المقاتلات اللائي سيسهمن في تأمين المناطق المحررة ، بالإضافة إلى تخرج كتائب شبابية من قوات النخبة الاقتحامية الصادمة لميليشيات الحوثي وصالح.. وإذا ما أضيف إلى كل ذلك الحضور الكاسح لقوات التحالف العربي في البحر والبر والجو، بالتنسيق الشامل مع قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الخارجة من تضاعيف الخبرة القتالية الميدانية القاهرة.. إذا ما أخذنا بالاعتبار كامل هذه الحقائق سيصبح من باب تحصيل الحاصل أيضاً افتراض تشديد الحصار على صنعاء، وبنفس القدر تأمين عدن وما يجاورها من محاولات التسلل (الحوثصالحي)، ذلك أن تعز هي الخاصرة الضامنة للبعدين معاً، فمن تعز سيتم تأمين عدن، وعبر تعز سيتم الانطلاق صوب صنعاء.
ولا ننسى هنا الدور المركزي الذي تلعبه مأرب المحررة، وامتداداتها في ارحب وعمران وصعدة ، ما يجعلنا نرى السقوط الميكانيكي الحر لصنعاء بادياً للعيان ، وما يجري الآن من خلافات المافيا الحوثية الصالحية دليل قاطع مانع الى ما نذهب إليه ، كما أن محاولات المناورة الأخيرة لتحالف صالح - الحوثي في الجانب السياسي يكشف بعدين في آن واحد : الكذب والمخاتلة والمراوغة من جانب، والتقهقر الميداني المؤكد من جانب آخر، وهنا لا بد من الإشارة بالبنان لقائد الخرائب والموت المجاني علي عبد الله صالح الذي كان ديدنه وما زال إطلاق التصريحات المخالفة جذرياً لنواياه، فقد عرفت الساحتان اليمنية والعربية هذه الخصيصة البائسة لديه، والشواهد الوطنية اليمنية أكثر من أن تحصى، فبعد وحدة مايو/أيار لعام ١٩٩٤ لبس صالح ثوب الثعلب الناسك، قائلا بأن مضامين تجربة الجنوب الإدارية والمالية والمؤسساتية مكسب لصالح اليمن الواحد، لكنه شرع فور تحقيق الوحدة في هدم مقدرات الجنوب العصرية الحداثية، وباشر رجالات الدولة الجنوبية باغتيالات مجرمة في قلب العاصمة صنعاء، باحثاً عن إنعاش فتنة يناير/كانون الثاني بين فرقاء الساحة الجنوبية من خلال القول بأن ما يجري من اغتيالات هو مجرد تصفية حسابات بين زمرة علي ناصر وطغمة علي عنتر!!.. لكن القاصي والداني من المدركين لنهجه وطرائقه كانوا يعرفون تماماً أنه هو بالذات من يدير خلايا الاغتيالات المجرمة، وعندما ثار شباب العاصمة والمدن الكبرى باليمن لوح صالح بتدابير إصلاحية عاجلة، لكنه بدلاً من ذلك أوعز إلى فيالقه الاحترافية بالقتل، فكانت مذبحة (جمعة الكرامة) التي سقط فيها أكثر من خمسين شاباً، وشكلت بداية البداية لانهيار نظامه الفاسد، وفي حروب صعدة الستة ادعى دوما أنه يحارب الحوثيين الإماميين المناوئين للجمهورية والحداثة، لكنه كان يضمر شراً مستطيراً للجيش الوطني الاحترافي المهني، وكانت عينه على استبدال كامل للجيش الوطني بالحرس الجمهوري الخاضع لسيطرته الأسرية ، كما استبدل الأمن الوطني بما أسماه الأمن القومي، وعندما جاءت المبادرة الإنقاذية الخليجية الراشدة لتمنحه عفواً وصفحاً وحصانة برلمانية قانونية، وقع عليها وعلى مقتضياتها أمام رؤوس الأشهاد، ثم عاد إلى صنعاء ليباشر تخريباً شاملاً لمرئيات المبادرة، من خلال استخدام عناصر «القاعدة» التابعين له في أبين وحضرموت،. ونشر صعاليك الاعتداء على محطات الكهرباء وأبراج نقل الطاقة، والقيام بتفجير أنابيب النفط والغاز، وإعادة نشر مرتزقة الاغتيال السياسي المدججين بنياشين الدولة وأسلحتها وإمكانياتها المالية واللوجستية.
هذا التاريخ المترع بالشواهد والمخاتلات والأكاذيب سمة دائمة عند صالح، وقد انتقلت هذه الطبيعة الخسيسة إلى أمراء الحرب الجدد من الحوثيين، ممن أصبحوا جيشاً مضافاً لجيش صالح الإرهابي ، ووقعوا في براثن مصيدته القاتلة.
تلويحات صالح والحوثيين بقبول النقاط السبعة للحل السياسي بحسب ما وردت لدى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لا تخرج من دائرة الكذب وكسب الوقت وخلط الأوراق .. يكفي المراجعة لنص المقترح الأصلي للمندوب الأممي وما كتبه الحوثيون ومؤتمرو صالح من كلام بعيد كل البعد عن جوهر النقاط الأصلية.
من المضحك المبكي أن صالح ومطبخه العقيم ما زالوا يعتقدون أن بوسعهم الضحك على الذقون، وتسويق ذات البضاعة الفاسدة التي طالما سوقوها على حين غفلة من الذاكرة.
ليس لدى صالح والحوثي أي نية للالتحاق بالعملية السياسية الرشيدة، فما فعلوه على مدى سنوات الجمر والمتاهات يدل دلالة قاطعة على أنهم ليسوا مؤهلين لشجاعة التداعي الحر مع التاريخ ومقتضياته، وأقصى ما يستطيعون فعله أن يظلوا مخلباً لمشروع إقليمي عنصري استيهامي ديني، يعادي آمال شعبه قبل أن يعادي العرب.
تلك هي مؤهلات صالح وحوثييه ، وما عدا ذلك، سحب عابرة ورمال تذروها الرياح.

* الخليج الإماراتية