السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٠٥ مساءً

ورطة علي عبد الله صالح

سالم حميد
الأحد ، ١٨ اكتوبر ٢٠١٥ الساعة ١١:٥٨ صباحاً
كان بإمكان المخلوع علي عبد الله صالح أن يختم حياته السياسية بهدوء، بعد أن غادر السلطة مضطراً، لكنه ورط نفسه بالتحالف مع الحوثيين، وقرر جعل خاتمته سيئة، فما قامت به عصابات الحوثي والمعسكرات الموالية للمخلوع من دمار وتخريب وحصار للمدن اليمنية، يؤكد أن مصير «صالح» لن يختلف عن مصير القذافي وصدام حسين.
الكثير من الشخصيات السياسية اليمنية التي عملت معه تركته وتبرأت منه، وأعلنت رفضها تحويل اليمن إلى ساحة لإيران عبر الذراع الحوثي. ومع ذلك يستمر «صالح» في التحالف مع الحوثيين، وقبل أيام أطل في حوار تلفزيوني مع قناة تدعمها إيران، وتخبط في كلامه الذي غلب عليه الارتباك والقلق وادعاء التحدي، بينما أبدى استعداده للقبول بالقرار الأممي 2216 القاضي بالانسحاب من المدن وتسليم أسلحة الدولة وعودة الحكومة الشرعية.
يحاول «صالح» إنقاذ نفسه في الوقت الضائع، بينما يعرف الجميع أنه يتحرك بدوافع انتقامية تحمل الكثير من الحماقة والعناد والرغبة في تدمير كل شيء! كان «صالح» قد سلم السلطة مكرهاً لنائبه عبدربه هادي، بناءً على بنود المبادرة الخليجية التي سعت لانتقال سياسي يجنب اليمن الفوضى والعنف، ومنحت «صالح» امتيازات لا يحلم بها أي رئيس مخلوع، ومنها حصانة قضائية وإعفاء من الملاحقات القانونية ومعه شركاؤه في الفساد.

لكن «صالح» لم يستفد من المبادرة الخليجية، وظل يتحين الفرصة للانتقام. وما أن أبدى الحوثيون رغبتهم في الانقلاب على الحكومة الانتقالية حتى سارع للتحالف معهم، وكانت تعليماته المسربة تحرض الحوثيين على مواصلة مشروعهم وتعدهم بالمساندة، وقد شارك بالفعل في تحريك معسكرات لاستهداف الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، وقام بدعم الحوثيين للزحف على المدن اليمنية وقصفها، ولا تزال قواته تحاصر مدينة تعز وتمنع عنها الماء والغذاء والدواء، بعد أن تم طرد الحوثيين من كل المحافظات الجنوبية.

«عاصفة الحزم» في اليمن جاءت بدعوة من الرئيس الشرعي عبدربه هادي، بعد أن وضعته مليشيات الحوثيين المدعومة من «صالح» تحت الإقامة الجبرية في صنعاء. وعندما أفلت من قبضتهم وتوجه إلى عدن، باشر الحوثيون بتحريك عناصرهم للزحف على عدن، وباشر الطيران الحربي بقصف دار الرئاسة حيث يقيم الرئيس، إذ لا يمتلك الحوثيون سلاح الطيران وليس لديهم طيارون.

ومن ثمار المبادرة الخليجية انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، والذي كان من نتائجه مشروع دستور جديد أقر تقسيم اليمن إلى أقاليم تتبنى اللامركزية وتمتاز بالاستقلالية الإدارية؛ فاستبشر المتابعون لنتائج الحوار اليمني بقرب انتهاء الأزمات السياسية والبدء بتنفيذ الدستور الجديد الذي كان سيتيح ولادة اليمن الاتحادي القائم على نظام الأقاليم. ومعلوم أن النظم الاتحادية والفيدرالية تساعد على ازدهار الدول واستقرار المجتمعات، ولنا في دولة الإمارات تجربة غنية في هذا الجانب يشهد لها العالم بالنجاح والتميز، كما أن النظام المتبع في الولايات المتحدة يقوم على الفيدرالية، وكنا نأمل لليمن الاستفادة من النظام الاتحادي وجعله وسيلة للتنمية وإنهاء الأزمات. لكن الحوثيين كانوا أول الرافضين لفكرة الأقاليم، بسبب وقوع نطاق وجودهم الجغرافي في إقليم لا يطل على أي ميناء بحري، وكان شرطهم للموافقة على نظام الأقاليم منحهم منفذاً بحرياً، في محاولة للاستمرار في تلقي شحنات الأسلحة التي كانت تمدهم بها إيران. وكذلك حليفهم «صالح»، لم يبد ارتياحاً لمشروع الدستور، لأن من شأن قيام النظام الاتحادي تفتيت هيمنته على بقية المناطق الأخرى، حيث اعتاد طوال فترة توليه الحكم على تكريس نفوذ جماعته القبلية التي كانت توجد في كل مفاصل السلطة في مناطق اليمن كافة.

وفي النهاية سيصبح «صالح» ذكرى سيئة لليمنيين، ومعه الحوثيون الذين شارفت سيطرتهم على الانتهاء، لكنهم مثل حليفهم يفاوضون في اللحظات الأخيرة للحصول على ضمانات بعدم ملاحقتهم أمام المحاكم الدولية كمجرمي حرب.

* الاتحاد الإماراتية