الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٨ صباحاً

عقبات في طريق الحل السياسي

مارب الورد
الجمعة ، ٢٣ اكتوبر ٢٠١٥ الساعة ٠٧:٥١ مساءً
ثمة إشكاليات وتحديات عدة تقف دون الحل السياسي في اليمن، أو على الأقل تقلل فرص اقترابه رغم المحاولات المختلفة لإحياء المسار السلمي بجمع كل الأطراف إلى مائدة الحوار بعواصم عربية وغربية عدة.

الحرب الحالية، بما في ذلك التدخل العربي بقيادة السعودية هو نتاج لانقلاب الحوثيين وحليفهم صالح على المسار السياسي والعملية الانتقالية، بدءا بمخرجات الحوار وانتهاء بمحاصرة الرئيس بمنزله وعزله، وهم من يتحملون مسؤولية ما جرى وحتى تضع الحرب أوزارها.
إن العودة لهذا المسار مجددا يتطلب التزاما واضحا وعمليا بالمرجعيات المعروفة، وهي أولا قرار مجلس الأمن (2216) والقرارات الأخرى ذات الصلة، والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والكرة في ملعب الانقلابيين لإطلاق شارة البدء بإيقاف الحرب بإعلانهم تنفيذ القرار (2216)، كما ينص فورا ودون شروط.

وطالما أعلن الانقلابيون التزامهم بالقرار المذكور وقبولهم تنفيذه قبل الدخول في المشاورات الجديدة المقرر عقدها في جنيف في نهاية الشهر الجاري. فإنهم الآن على المحك ومحل اختبار لإثبات مصداقية وجدية جنوحهم للسلم وترك السلاح الذي أزهق أراوح الأبرياء.

لتكن أولى الخطوات -وفق القرار- الانسحاب من المحافظات وليس فقط عواصمها كما يحاولون إفراغ القرار، ولتكن البداية من تعز التي يحاصرون سكانها ويمنعون عنهم الماء والدواء والغذاء، ويقصفونهم ليلا ونهارا على مرأى ومسمع من العالم ولا أحد يوقفهم عند ظلمهم وحدودهم ثم محافظة إب المجاورة وما بعدها.

المختطفون وما أدراكم ما المختطفون؟ المئات من المختطفين والمعتقلين من وزراء وسياسيين وأكاديميين وصحافيين وناشطين تمتلئ بهم السجون الرسمية والسرية، ولا يزال الاختطاف مستمرا بدلا من وقفه وإطلاق سراح المختطفين، ليس فقط كبادرة حُسن نية، وإنما كالتزام بالقرار الدولي، فهل يفعلون ذلك ومتى؟
ورغم اعترافهم بالقرار -وفق رسالتهم الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة- والذي يعني اعتراف بشرعية الرئيس هادي إلا أنهم لم يعترفوا به صراحة، ولا يزالون يراوغون ويكتفون فقط بالحديث عن عودة الحكومة للبلاد وبدون اعتراف بشرعية هادي يبقى الحل السياسي بعيدا طالما بقيت أهم عُقده قائمه أيضا.

الرئيس منتخب وتغييره يجب أن يكون بنفس طريقة مجيئه للحكم، وليس بانقلاب ورفض الانقلابيين لعودته يتصادم مع إرادة ناخبيه ومؤيديه من القوى السياسية والاجتماعية والإجماع العربي والدولي، ولا يمكن قبوله ليس لأجل شخص الرئيس، وإنما حتى لا نشرعن للانقلابات بدلا من التداول السلمي للسلطة.

الإشكالية الأخرى تكمن في من سيتسلم المحافظات بعد الانسحاب، خاصة رغبة الانقلابيين بأن تكون تحت سلطة الجيش الذي بيدهم، وهو لم يعد جيشا وطنيا بعد تحوله لميليشيات تقاتل الشعب وتنقلب على قائدها الأعلى، وأي قبول لهذا الخيار يعني بقاء الوضع على حاله. أي بقاء الانقلاب طالما بقي هو من يتحكم بالأرض.

هناك جيش وطني تم تشكيل ألوية منه وتدريب أفراده بالسعودية، وجميعهم من مختلف المحافظات، وهناك المقاومة الشعبية التي سيتم دمجها في الجيش والأمن وفق قرار الرئيس، وهذه القوات هي وحدها المسؤولة عن استلام مرافق الحكومة والمهام الأمنية عقب الانسحاب بمساعدة قوات التحالف العربي.

وثالثة الإشكاليات التي تعقّد الحل السياسي تكمن في الجهة التي ستتولى مهام الإشراف على تنفيذ أي اتفاق قادم، وهل هي الأمم المتحدة، وإن كانت هي فكيف ستلزم كل الأطراف من دون قوة على الأرض ولا جدوى من المراقبين بدليل فشل هذه التجارب بأكثر من دولة في العالم.
ومن هنا هل تطرح الأمم المتحدة مقترحا بنشر قوات سلام عربية تحت مظلتها ورعايتها، وهذا المقترح سبق أن ناقشه مبعوثها إسماعيل ولد الشيخ مع نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية، ويحظى بتأييد الانقلابيين، وفي ذلك إشكالية أخرى لا يمكن قبولها.

أي قوات تحت مظلة الأمم المتحدة تساوي بين قوات الحكومة والانقلابيين والأمر ليس كذلك؛ إذ إن الميليشيات المتمردة يُفترض أن تنسحب وتحل مكانها القوات الشرعية كوضع طبيعي، وتطلب دعمها من قوات التحالف العربي.

سنرى هل ستكون المشاورات القادمة مختلفة، وهل ستشهد تغييرا في المواقف، خاصة من الانقلابيين، وإلى أي حد يمكن أن يلتزموا بوعودهم، مع أن المؤشرات الأولية إلى الآن لا تدل على تغيير سوى بالكلام فقط. أما على الأرض فالأمر مختلف تماما.

"العرب القطرية"