الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٣ مساءً

بين سرطان الدم وسرطان الحوثي!

حسين الصوفي
الاربعاء ، ٢٨ اكتوبر ٢٠١٥ الساعة ٠٥:٣٩ مساءً
ذهب أحد المصابين بسرطان الدم إلى الوزارة المعنية في صنعاء، وأعاد مطالبه بضرورة توفير دواء لأكثر من 800 حالة كانت ضمن اعتمادات الرعاية الحكومية المجانية لكل هؤلاء المواطنيين فرضت في عهد الوزير صخر الوجيه..

وحين أكثر هذا المواطن المنهك بالمرض بإلحاح على حقه في الحصول على الدواء، يسمى "جليفك" وأبلغهم أن الجرعة التي لدى أغلب المرضى ستنتهي في تاريخ 30 نوفمبر، أي بعد نحو شهر من الآن، كان ردهم كالآتي:
سهل موتوا .. مثلكم مثل الأطفال الذي بيموتوا بالقصف!!
قالوا ذلك بكل برود!

قالوا لأسر كاملة، لأطفال في عمر الزهور، لشباب ارواحهم مغمورة بحب هذا التراب، لأرباب أسر حضورهم حياة بين أطفالهم رغم قسوة المعاناة..

بلا مبالاة ردوا على هذا المسكون بالوجع، فكان ردهم يكشف عن حقيقتهم، كسرطان أشد خطرا من سرطان الدم.
يعود صاحبنا وهو يتأمل في تاريخ الانتهاء لمغلف الدواء الذي طالما خفف عنه الوجع طيلة ثلاث سنوات، ومع خطواته المتثاقلة كان يعد أيام شهر نوفمبر كلما قرع نعله الشارع الخلفي للوزارة، تحضر في مخيلته صور أطفاله وأسرته وقد باتوا يتامى إلا شهر أو اقل.

في يونيو الماضي كشفت صحيفة "المصدر" عن وثيقة مرعبة تحمل في طياتها أرقام مهولة لفساد مدير شركة نفطية تم تعيينه بعد انقلاب، الحوثيين-صالح، رصدت سرقته نحو 46 مليون دولار، تحت مسمى "المجهود الحربي" سلمها لما يسمى أيضا ب "اللجنة الثورية" وقد أفادت الوثائق أن المدير نفسه خصم مبلغ 6 مليون دولار لشخصه، حسب التقرير ذاته.
هذه الأرقام لم يحظى بها مريض السرطان الذي ينتظر قدره، ولم تنجح في حماية "الأطفال الذين تقتلهم الطائرات" حسب رد الحوثيين على المصاب بالسرطان الهارب من الموت، إلى باعة الموت وأهله!

وفوق ذلك وأخطر، فقد قالت رضية المتوكل أن الحوثيون يتعاملون مع ضحايا القصف كسلعة ومادة للدعاية " كل ما يقومون به هو التقاط صور الضحايا" ثم يستثمرون الدماء، ولا يأبهون للقتلى ولا الجرحى ولا يقدمون لهم أي خدمات علاجية أو رعاية صحية، بل أبعد من ذلك "لا يهتمون برصد وكتابة الاسماء"! حسب رضية التي أكدت انهم يضايقون فريق منظمتها ويمنعونهم من القيام بواجبهم.

لم يطبع الانقلابيون منهج الدراسة هذا العام، ويشرفون على السوق السوداء، ويبيعون الدبة البترول بعشرة ألف ريال، من المحطات الرسمية، في ذمار وصنعاء، ويقومون بخصومات على الموظفين، وبجمعون الأتاوات تحت مسمى "المجهود الحربي" وكل تلك الإيرادات تصب في خزائنهم فوق استيلاءهم على كل موارد الدولة طيلة العام المنصرم.
يخرج مريض السرطان حاملا مغلف دواء شارف على الانتهاء بعد ثلاثين ليلة، وفي أذنيه ترن كلمات المشرفين من لصوص الحوثيين "مثلكم مثل ضحايا القصف"، ويستمع لهزيم الطائرات تحلق فوق صنعاء، وفي مخيلته صور الضحايا الذين دخلوا عالم الموت، بينما هو في طريقه إلى القبر يشغله السؤال الموجع:
لا وفروا لنا علاج للسرطان، ولا هم استطاعوا حماية الأطفال من قصف الطائرات، إذا ما الفرق بين سرطان الدم و "سرطان المجهود الحربي"؟!