الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣٢ صباحاً

كيف ستواجه الامبراطورية الامريكية -الامبراطورية الاسلامية...؟

محمد حمود الفقيه
الأحد ، ٢٧ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
هناك ملامح لميلاد امبراطورية إسلامية على غرار الامبراطوريات العالمية التي قامت في القرون السابقة مثل الامبراطورية العثمانية ، الامبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس البريطانية في القرنين الماضيين ، فمن خلال مراقبة ما يحدث في العالمين العربي والإسلامي ، فقد بدأت الأنظمة الاستبدادية الفردية بالأفول ، نتيجة الربيع العربي الذي أخرج شطئه فئازرته ثورات شعبية سلمية ضد الأنظمة التي ضلت جاثمة على صدور الشعوب العربية مصادرة حقوقها وحرياتها ومتمتعة بثرواتها ومقدراتها طيلة ، نصف قرن من الزمان .

بدأت ملامح ظهور الإسلاميون المعتدلون كما يسميهم الغرب بداية من حزب العدالة والتنمية التركي في مطلع القرن الواحد والعشرون الجاري ، وامتدادا بحركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين وصولا بفوز حركة النهضة التنوسية الإسلامية ومرورا بحزب العدالة والتنمية المغربي ذات التوجه الإسلامي في الانتخابات التي أجريت يوم الجمعة الماضي في الخامس والعشرين من نوفمبر 2011م ، وقد تكون مصر هي الأخري في ترقب لفوز الإخوان المسلمون الذين كان لهم دور بارز في الثورة المصرية التي خلغت الرئيس مبارك في الخامس والعشرين من ياناير الماضي ، والتي ستجري الانتخابات فيها في الثامن والعشرين من نوفمبر الجاري أيضا ، ولا ننسى كذلك اليمن الذي أطاحت ثورته بالرئيس علي عبد الله صالح رغم اعتبارها عند البعض بأنها أزمة سياسية وليست ثورة ، فكثير من المراقبين يرون ان إلاخوان المسلمون في اليمن قد يكون لهم النصيب الأكبر إذا ماجرت انتخابات حرة ونزيهه ، ليبيا البلد الافريقي العربي كذلك الذي ظل يعاني من الحكم الدكتاتوري أكثر من أربعة عقود فقد تخلصت من معمر القذافي في ثورة شعبية مسلحة وبمساندة دولية ، ولا نستبعد ان يكون النفوذ الإسلامي فيها أكبر من غيره من التوجهات السياسية ، ولم يبقى إلا سوريا التي لم تحسم الثورة فيها بعد ، ولكن هناك مؤشرات على ان النظام السوري الشمولي أيامه باتت معدودة .

لهذا صعدت القوى الإسلامية في كثير من الدول العربية والإسلامية في العصر الحديث ، ويأتي سبب هذا الصعود لما عانته هذه الشعوب في الماضي من عدم توفر الحكم الرشيد الذي يلبي تطلعاتها بعد سقوط الخلافة الإسلامية الراشدة .

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ بداية القرن العشرين تقف عائقا أمام أي تقدم سياسي للحركات الإسلامية في مختلف بقاع الأرض ، أضف الى ذلك الشيوعية العالمية التي حاربت الفكر الإسلامي برمته ، وكانت هاتين الامبراطوريتين الشيوعية والأمريكية تعكفان معا في محاربة الإسلاميين بكل الوسائل منها العسكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها ، ولكنهما فشلتا في كبح النهج الإسلامي المعتدل وحاولتا مرارا وتكرارا منع الفكر الإسلامي من الانتشار و المشاركة السياسية و الوصول الى سدة الحكم سواء عبر الانتخابات أو غيرها من الوسائل في أي من دول العالم ، ونستطيع القول أنهما نجحتا في تأخير وصول الإسلاميون الى السلطة في القرن المنصرم ، من خلال الدعم اللوجستي للأفكار العلمانية والاشتراكية والليبرالية في تلك الدول ، وعمدتا عبر وسائل الإعلام العالمية على نشر ثقافة الكراهية ضد إلإسلاميين في مختلف دول العالم ، تارة باستخدام مصطلح الأصوليين وتارة بالمتشددين ، حتى انتهى بهما الأمر الى ابتكار مصطلح عصري حديث يسمى (الإرهاب ) خاصة بعدما قام تنظيم القاعدة المتشدد الذي كان يتزعمه السعودي أسامة بن لادن بالهجوم على برجي التجارة العالمية في نيويورك الأمريكية ، فحشدت الولايات المتحدة في العام2001 الأمم المتحدة وأوروبا والجامعة العربية ضد ما يسمى” بالإرهاب الإسلامي المتطرف ” وقامت على اثر تلك الهجمات باحتلال افغانستان والعراق مدعية بذلك انهما يدعمان بن لادن زعيم تنظيم القاعدة ، استمرت الولايات المتحدة في حربها على مايسمى بالإرهاب الى يومنا هذا ، غير أنها لم تحقق شيئا في هذا المجال .

نتيجة السياسيات الأمريكية التي تنتهجها ضد العالم الإسلامي سواء في السر أو في العلن ، بدأت الشعوب العربية والإسلامية تتفهم البعد السياسي الأمريكي تجاهها ، فسعت هذه الشعوب الى الالتفاف نحو البرامج التي من شأنها ان تخرجها من التبعية والانبطاح اللتان ضل الحكام يركضون ورائهما طيلة عقود من الزمان ، وقد زاد من صعود الحركات الاسيلامية وظهورها بشكل كبير على الساحة السياسية العربية المواقف الأمريكية تجاه القضية العربية الأم قضية فلسطين ، والتي انحاز فيها الأمريكيون والأوروبيون الى جانب الدولة اليهودية التي تم إنشائها على الاراضي العربية الفلسطينية المحتلة .

والسؤال الذي يطرح نفسه كيف ستتعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع التغيير الكبير الذي أحدثته الثورات العربية ، الذي ساهم هذا التغيير. في بروز الإسلاميين الى الساحة السياسية العربية ، وبهذا فإننا نتوقع ان يرسم هذا التغيير اتجاهات جديدة للسياسة العربية المستقبلية والتي لم نلاحظ شبيهها من قبل في العقود الستة الماضية ، لذلك فقد تتفق هذه السياسات الجديدة مع الأدراة الأمريكية في نقاط معينة ، مثل الحريات ومشاركة المرأة والديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان ، وقد تختلف وتنصدم وهذا أمر حتمي في القضايا القومية وعلى رأسها قضية فلسطين ..