الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٩ صباحاً

إيقاعات وجدانية ,,,, من وحي الثورة (5)

عباس القاضي
الاثنين ، ٢٨ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
بدأ الشيخ في تعريف عبده غبش لبعض المصطلحات, تمهيدا لتعليمه وتدريبه ,كيفية الوضوء والصلاة, فقال : أخي عبده , ما قمت به إلى الآن عملين هما: طهارة البدن وطهارة الثياب, وهنا استوقفه عبده عبش, فيما يخص طهارة البدن وكيف له أن يجمع بين هذا الشرط , وراحة زوجته علياء التي تأففت من راحة جسمه التي كانت تفوح برائحة معطرة حتى ولو كان مجرد خيال, وهنا رآها الشيخ محطة تَوَقُّّف ليغرس مفاهيم حُرِم منها الكثير, خاصة وأن الشيخ أصلُ تخصصه علم نفس, ولكنه تأثر بأحد الأشخاص الذي كان يوظف مركزه الاجتماعي لخدمة الدين, ويوظف القيم الدينية لخدمة المجتمع, على قلة زاده من العلوم الشرعية كونه طبيبا, وهذا ثمرة من ثمار الصحوة الإسلامية التي جعلت الطبيب والمهندس والمحامي والأكاديمي دعاة , بعد أن كانت الدعوة, والتدين تخصصا, بعدها لزم أحد العلماء المشاهير فدرس على يديه الفقه والحديث حتى أخذ الإجازة في الفتوى, قام بعد ذلك بالطواف على المراكز العلمية ليتعلم أساليب الدعوة الحديثة والاستفادة من مكتباتها, كما أنه قام بالخروج مع جماعات الدعوة ليتعود هجران المضاجع في سبيل الانقطاع للعبادة والتعود على الترحال في سبيل الدعوة.

قال الشيخ لعبده غبش : إن نفور زوجتك علياء من الرائحة المعطرة , تدل على الفطرة المنتكسة.

يا أخ عبده إذا انتكست الفطرة رأت الجمال قبحا والقبح جمالا,,ألم تشمئز قلوبهم إذا ذكر الله, وإذ ذكر من دونه إذا هم يستبشرون, هاهم يا عبده يتصدرون الفضائيات ومواقع الاتصال الاجتماعي, يصفون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تخريبا وإثارة فتن ومحاربة الفساد دعوة إلى الفوضى, والمطالبة بالمساواة والعدالة خروجا على القانون والشرعية الدستورية, إنهم لا يختلفون عن زوجتك علياء, إن الرائحة الطيبة تزكم أنوفهم ورائحة النظام الفاسد بنتنه تنعشهم لأن النظام طال أمده فوجدوا أن الفوضى والرشوة والفساد والمحسوبية هو الوضع الطبيعي, فإذا جاء من يحمل الرائحة الطيبة الزكية وانتقد الوضع اتهموه بأنه خرج على الثوابت الوطنية.

أخي عبده بمجرد أن تنتقل زوجتك علياء إلى مرحلتك وتذوق ما ذقته من طعم الإيمان سوف يتغير لديها كيمياء الجسم وأنزيماتها فتشم وتطعم وتنظر الأشياء على حقيقتها.

وهنا قاطعه عبده غبش ولكن كيف لي أن أنقلها إلى هذه المرحلة ؟ وهنا فتر عن فم الشيخ ابتسامة عريضة, وقال : يا عبده , أنت بنفسك قبل ساعات , كيف كنت ؟ وكيف أصبحت الآن ؟ القلوب بين أصابع الرحمان يقلبها كيف يشاء.

طلب الشيخ من عبده غبش التوجه معه إلى المكان الذي سيتم فيه الوضوء, وطلب منه التركيز , حيث سيذكر العضو الذي يجب غسله في الوضوء مع شرح الكيفية. وكان الشيخ حريصا على تجاوز الأخطاء التي يقع فيها الكثيرون , فقد قرأ بحثا أجرته بعض المجلات حيث رصدت ألف شخص وهم يتوضون وكانت النتيجة مذهلة حينما وجدت أن ثمانمائة شخص من الألف, لا يتقنون الوضوء بالشكل الصحيح ! انتهى الشيخ, وطلب من عبده غبش أن يقوم بالوضوء كما فعل, ويا له من إتقان ! جعل الشيخ , يهلل ويكبر فرحا , اتجه به إلى المسجد, وطلب الشيخ منه أن يجلس جانبا ليتعلم الحركات في الصلاة, ويسمع خلالها التكبير والتسبيح, حتى سلم ,وطلب من عبده غبش إن يفعل كما فعل , ففعل غير انه لم يتقن التسبيح والتشهد وكذلك القرآة, حتى انتهى, فأجلسه بين يديه, ثم بدأ في تحفيظه الفاتحة وسورة الإخلاص, فقد كان يقرأ له الآية ولآيتين والثلاث حتى أتقنها وكذلك التشهد وما تبقى لإتمام الصلاة,,وإن أخذ التعليم وقتا, إلا أن النتيجة كانت مبهرة وهذا يدل على مدى الرغبة الجامحة عند عبده غبش للتعلم, وهنا استوقف عبده غبش الشيخ ليسأله عن الحكمة من الركوع مرة والسجود مرتين, سؤال لم يكن بحسبان الشيخ, ولكن قال له : هذه الصفة التي علمناها رسول الله صلى الله عليه وسلم ,حيث قال : صلوا كما رأيتموني أصلي,,, أدركنا الحكمة أو لم ندركها قال عبده غبش : ماهوش (أليس) لأن الركوع قريب من القيام يكون مرة , ولأن الجلوس بعيدا عن القيام يكون مرتين قاهو( بسبب) على التعب, تعجب الشيخ من محاولة عبده غبش في التأصيل, واستعجاله, وهنا توقف الشيخ عند هذا المشهد, لتخرج زفرة من صدره علامة توجع وتألم, حتى ضن عبده غبش أن شيئا قالها أزعجته, دفعت عبده غبش أن يعلن أسفه ويبدي ندمه, ويقدم اعتذاره قائلا :أنا آسف لم أقصد أنا فداك , أنا عُبَيدك, لا تزعل مني, أنا رجاؤك عند الله, يا شيخ مهما عملت من عمل, لو حجيت عشرين مرة على قدميك, لو أنفقت ملء الأرض ذهبا, لو صمت نهارك وأقمت ليلك, لا تساوي عند الله الوقوف أمام بيت الصفيح الذي أسكنه أنا وزوجتي علياء نلهو بصوت الطرب لا نعرف من خلقنا,ومن رزقنا, راضين بالذل عيشا وبالصَّغار حياة ومنهجا, وهنا أشار الشيخ لعبده غبش أن يتوقف بقوله : يا أخ عبده, أنا لم أتضايق بشيء مما قلته, ولم تقل شيئا يزعجني, غير كلمة قلتها ,ذكرتني بداء من أدواء الأمة ألا وهو الجدل الدائر, حول الفتوى ومحاولة التأصيل بغير علم,,فما أن يبدأ طالب العلم يقرأ الآية من القرآن والحديث من السنة إلا وجآته حُمَّى الفتوى والتأصيل, هكذا دون علم أو فهم أو معرفة واقع, فيحدث الخلاف, ويحصل الجدل, وتتفكك الأمة, فكم سمعتُ من حَدَث لم يبلغ العشرين من عمره ينتقد الإمام محمد الغزالي صاحب إحياء علوم الدين, ويأتي آخر يَصغُره بعام فتقول له :قال الإمام الشافعي كذا وقال الإمام أبو حنيفة كذا فيقول وهو رافع أنفه إلى أعلى,هم رجال ونحن رجال, فقلت له حينها : قل هم رجال ونحن أطفال!