الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٠ صباحاً

الله في قلب كومار الهندوسي أيضاً

فيصل علي
الأحد ، ١٠ يناير ٢٠١٦ الساعة ٠٨:٥٦ مساءً
في غمرة من الإحباط والألم من تقلبات الأحوال وما يجري في بلد مازال ينزف منذ الانقلاب الفاشل أواخر 2014، ذهبت مغاضباً نحو الهاوية، وأنا أرى أن الانتهازية هي المشروع الجاهز لالتهام البلد حتى بعد التحرر من سلطة الانقلاب، مشروعها بسيط ولا يكلف شيئاً سوى "التمليس والتمسيك" وهيله هبه والعودة من جديد بأي وجه وبأي شكل وتحت أي ظرف، فمشروع الانتهازية أخطر من مشروع الحوثي بأضعاف، يالله وأنا مالي وعسى" ماحدش حوش"..

وفي ذروة الإحباط قفزت فتاوى التكفير ومحاكمة المسلمين الجدد للكفار الجدد!! ماذا يجري وما كل هذا الجنون الفائق للاحتمال؟ لا شيء سوى الكتابة متوفر حالياً للصراع مع الإحباط ، عن أي إيمان وكفر وقضاء وحكم وتحكيم يتحدث هؤلاء الناس في هذا التوقيت الساخن بقذائف الكاتيوشا المنهمرة على الأحياء السكنية في مدينة المدن وحاضرة اليمن وأسطورة المقاومة تعز؟ وهل هناك وقت لترف الوعاظ والفلاسفة و النحويين الذين بالتأكيد أنهم لا يجيدون السباحة في برك الدم؟ فكانت بعض الجمل والفقرات تتسابق على النشر علها تصل إليهم أو إلى الجمهور المحبط أكثر من أي وقت مضى فنشرت على صفحتي في الفيس وتويتر:
- بعد انعدام صفة "الإنسانية" عن الناس في أي مجتمع لا معنى بعدها لكفر أو لإيمان.

- المنشغلون بقضايا الإيمان والكفر والتكفير والتنفير والدقتش دافي أحيطكم علماً بأن 17 حمارا مابين "جحش وصبياني" استشهدوا وهم ينقلون الأكسجين والأدوية إلى مدينة تعز المحاصرة، بينما كفركم وإيمانكم لا يصل إلى رأس نقيل طالوق في صبر حيث تمر الحمير من هناك ، وبناء عليه اكفروا وأمنوا على راحتكم وعظم الله أجرنا وأجر المساكين في حميرنا والسلام.

- سواء كفر القاضي أو أمن الخميسي ومن معهم ومن في مستواهم أو العكس ، لا تنسوا أن الذي سيطبق فيهم شرع الله هو المنصور بالله أبو علي الحاكم ، ونعيماً مقدماً.

- الشلل الانتهازية التي تبحث عن مصالحها وسط هذا الكم الهائل من الدمار هي التي تتهلل اساريرها لقضايا التكفير والاستتابة، وكل قضية جانبية تعني لها أن الناس لن يلتفتوا إليها، ولن يلاحظ أحد انتهازيتها المستفحلة.

- كل كفر وكل إيمان لا ينتصر للإنسان ولحقه في الحياة فلا معنى له وعدمه خير من وجوده.

- لو أن إيمان الشيخ عبدالله أحمد علي يصل ما بين السماء والأرض، والأستاذ شوقي القاضي "يخزق" الكرة الارضية عشر مرات أو العكس فإن كل هذا الهذيان لا يعني شيئاً ولا يغير شيئاً من حقيقة أن تعز مدينة تحاصرها مليشيات الرب.

كل هذه الرسائل كانت عبارة عن " فش غل" لا غير في وضع لا تحتمل فيه خفة دم من أي نوع، إذاً الذهاب لمشوار قصير بالتاكسي هو الحل، كان القلق بادياً هلى وجهي لكنه خف بسبب موسيقى هندوسية هي أقرب إلى الابتهالات الصوفية يتردد صداها في سمعات السيارة، من أين أنت أيها الصديق القلق سألني كومار سائق التكسي، من اليمن قلت له، مسلم؟ قلت الحمدلله، أنت قال "هندو" ويعني بها أنه من طائفة الهندوس.

أخبرني أن الإسلام هو الطريق المستقيم وأن الناس لو عملوا بالقرآن لكانت الرحمة تعم الأرض، طيب يا كومار افندي لماذا لا تعتنق الإسلام؟ خوفاً على شعور زوجتي ونفسيتها، أيضا أبي وأمي لن يقبلا بهذا الشيء ،فتقاليد الهندو صعبة ومخالفتهم ليست بالأمر السهل.

قال لي الإسلام ليس مجرد أقوال وإنما "بهفير" سلوك قويم، ولو كنت مسلما لفعلت كل ما هو خير، وأنا الآن اسلك الإسلام في أعمالي وأشهد أن لا إله إلا الله.. أو مازلت غير مسلما وأنت تنطق الشهادة الأولى وليس لديك مشكلة في نطق الثانية؟ قال لا لست مسلماً ولكن إن شاء الله المرة القادمة سأكون مسلماً! ، ومتى هذه المرة يا "براذر" ؟ عندما أموت وأبعث في الجيل الجديد سأكون مسلماً إن شاء الله!!

تقول عقيدة تناسخ الأرواح عند الهندوس وديانات الهند عموماً أن الإنسان بعد أن تفيض روحه يخلقه الله مرة أخرى على شكل إنسان او حيوان أو نبات المهم أن روحه تعود مرة أخرى، وهذا قريب من عقيدة البعث عندنا والحساب، لكنها عودة إلى الدنيا ربما لتكرار نفس التجربة.

الله أكبر يا "ابنج" أسأل الله أن يرزقك على قدر نيتك الطيبة وأن يهديك لما يحبه ويرضاه، قال لي أيضاً أنه يقرأ القرآن المترجم إلى الإنجليزية أحياناً ، ويشعر بالاطمئنان وهو يستمع للبرامج الاسلامية الهندية عبر الراديو.

كومار مبتسم خلوق وهادئ، ويعلم أن الله لا ينظر لجلده الأسمر ، ولكن ينظر إلى قلبه وعمله، سألني هل تعلم لماذا نحرق أجساد موتانا؟ قلت للتخلص من الجثث، قال لأن الأجساد البشرية ترتكب القذارات دوماً نحن نتخلص من القذارة ونحتفظ بقليل من الرماد للذكرى.

سألته عما إذا كان قد إستمع للداعية الهندي المشهور "دكتور ذاكر نايك" قال نعم إنه فيلسوف ومقنع ويلقي محاضرات جماهيرية لا أحد يتحدث وقت إلقائه للخطاب، لأنه يذهل الحضور ، وهو معجب به وبطريقة عرضه لأفكاره.

هدف الدكتور ذاكر من دعوته قد لا يدركه وعاظ الشرق الأوسط المنشغلون بفحص عقائد الناس ودرجات إيمانهم، فهدفه كداعية تخرج من كلية طب مومباي يتمثل في "التركيز على الشباب المسلم المتعلم الذين يشعرون بأن دينهم قد عفا عليه الزمن أو أنهم يشعرون بالحرج منه"، ومن أسباب شهرة الدكتور ذاكر قدرته على تذكر الشواهد من القرآن والحديث والكتب المقدسة الأخرى للمسيحيين واليهود والهندوس والبوذيين، فلم يحصر خطابه بشواهد دون غيرها، ولذا لديه مكانه كبيرة في الهند اذ عد في 2009 رقم 82 من بين 100 أكثر "هندي قوة" في أمة تعدت المليار.

شكرا عزيزي كومار الهندوسي فقد بددت الإحباط المحيط بي وأخبرتني أن الله موجود في قلبك، بينما لم يكن في قلبي سوى اللعنة، ساطهر قلبي جيداً لاستصافة الله، ولن أشعر أني مسلم مميز عن بقية البشر بسبب انتمائي لدين بمجرد القول، فالله ليس ملكا لي وحدي، ويمكن أن يراه الناس في وجه بوذي أو هندوسي طيب القلب يدرك أن هذا الكون من صنع الله ، وليس لديه مانعاً أن يصدق القرآن في حقيقة وحدانية الله.