الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٤ مساءً

الإيرانيون اختطفوا أوباما!

طارق الحميد
الجمعة ، ١٥ يناير ٢٠١٦ الساعة ٠٣:١٥ صباحاً
عندما احتجز الحرس الثوري الإيراني زورقين تابعين للبحرية الأميركية في الخليج، مساء الثلاثاء الماضي، وعلى متنهما عشرة بحارة أميركيين، لم تكن القصة البحارة أنفسهم، بل في أن الحرس الثوري قام فعليًا باختطاف الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقبل ساعات محدودة من إلقاء أوباما لخطاب حالة الاتحاد الأخير له قبل انتهاء فترة رئاسته الثانية.

أزمة البحارة الأميركيين في إيران انتهت بعد ساعات من الاعتقال، لكن خطاب أوباما هو الذي اختطف تمامًا، حيث فوت الإيرانيون على أوباما فرصة الظهور بمظهر القوي الذي أجبر إيران على الرضوخ في الملف النووي.

عملية اعتقال البحارة أضاعت على أوباما فرصة التباهي بمشروعية الاتفاق النووي، وأفسدت عليه فرصة القول لأميركا المنقسمة، ومعها العالم، حول إيران، إن طهران قد تغيرت، وإنها ستعود عضوًا فاعلاً بالمجتمع الدولي ينبذ العنف، ويحترم المواثيق والاتفاقيات الدولية. وقد يقول قائل إن في التصرف الإيراني حماقة، وهذا صحيح، ومثل حماقة الوثوق بنظام إيران أيضًا.

ولذا فإن اعتقال البحارة الأميركيين، وقبل خطاب أوباما، أظهر الرئيس الأميركي ضعيفًا، وشكك حتى المدافعين عن سياساته الخارجية، وتحديدًا تجاه إيران في منطقتنا، كما أن الارتباك كان واضحًا على فريق البيت الأبيض، وذلك من خلال التسريبات، والتبريرات، التي قدمها فريق أوباما للإعلام الأميركي لحظات اعتقال البحارة، وكان الارتباك الأكبر هو في كيفية تعامل أوباما مع الحدث، أي اعتقال البحارة، وهل يضمنه خطابه المعد سلفًا أم لا، لذلك كله لم نكن أمام عملية اعتقال بحارة بقدر ما أننا كنا أمام عملية اختطاف للرئيس الأميركي نفسه، وكانت «الفدية» هي تفويت الفرصة على أوباما للظهور بمظهر الرئيس القوي صاحب شرعية إنجاز الاتفاق النووي مع إيران.

وإمعانًا في التنكيل بالرئيس الأميركي، والرغبة في إظهار ضعفه، قام الحرس الثوري الإيراني باعتقال البحارة الأميركيين، وبالتالي اختطاف أوباما نفسه، قبل أيام من التنفيذ المتوقع للاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية، وهدف الحرس الثوري الإيراني هنا واضح حيث يريدون القول إنهم لم يرضخوا، وإن أوباما أضعف من أن يتباهى بالنصر عليهم، كما أنهم، أي الحرس الثوري، يريدون القول للداخل الإيراني، وللخارج، إنه لا يزال لديهم اليد العليا في طهران، ورغم كل ما حدث لإيران مؤخرًا بعد همجية الهجوم على السفارة السعودية في إيران، واعتذار طهران لمجلس الأمن عن ذلك. كما أن ما فعله الحرس الثوري هو إحراج، ورد عملي على دعائية الرئيس الإيراني وفريقه، وتحديدًا المتذاكي وزير الخارجية وغيره، والذين يدعون رغبتهم في السلام والانفتاح بينما يسوقون أكاذيب وتهمًا مغرضة ضد السعودية.

وورطة أوباما ليست اختطافه هو نفسه وحسب، بل وفي أنه كان يريد لعب لعبة الحياد تجاه العدوانية الإيرانية الأخيرة ضد السعودية، والمنطقة ككل، إلا أنه، أي أوباما، بات نفسه ضحية إيران يوم اختطفته قبل خطاب حالة الاتحاد الأخير وأفسدت عليه فرصة الظهور ببطل المنجز غير المكتمل أصلاً.