الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤١ مساءً

نبش في ضفائر تعز

غمدان اليوسفي
الثلاثاء ، ١٩ يناير ٢٠١٦ الساعة ١٢:٤٣ مساءً
كي لا أنسى أريد أن أقول لكم أنني درست في مدرسة تبرعت ببنائها امرأة عظيمة في قريتي اسمها (هند الرقاب)، رحمها الله.

علكم لاتدركون أن محافظة بحجم تعز لم تبن فيها الدولة أي مستشفى طوال ٥٠ عاما.
علكم لاتدركون أن الدولة لم تبني في تعز أي مكتبة طوال عمرها.

علكم لاتدركون أن الدولة لم تبني حديقة واحدة في تعز.
علكم لاتدركون أن أكبر مدارس تعز لم تبنها الدولة.
علكم لاتدركون أن أكبر شوارع تعز لم ترصفها أو تشقها الدولة.

علكم لاتعرفون أن القصر الجمهوري هو الشيء الوحيد المقدم لتعز، وقد بناه الحمدي، وهو المشروع الوحيد له في تعز، وبكته تعز أكثر من صنعاء يومها.

علكم لاتدركون أن مطار تعز لم تبنه الدولة.
هل تعرفون ماذا قدمت الدولة لتعز؟
١٤ لواء عسكري، وقصر لعلي عبدالله صالح سرق أرضيته التي كانت جراشا للدبابات التابعة للواء المدفعية سابقا، فألغاه وحوله إلى منزل خاص.

في المقابل أيضا، هل تعرفون أن الدولة أحالت إحدى أكبر المدارس (الثورة) إلى جامع وجزء منه مكتب للتربية ودكاكين استثمار.

رممت جامع الأشرفية وخربت معالمه، ورممت قلعة القاهرة ودفنت أجزاء منها، وأنهت أجزاءها القديمة باسمنت التويتي، ووزعت عصابات متخصصة الحبوب المخدرة في المدارس في عملية لم تحصل إلا في تعز.
أمور مزعجة أليست كذلك؟
مع ذلك كانت وظلت تعز كأهم ركائز الدولة المدنية وتنافست أطيافها السياسية وأخرجت برلمانيين لأحزاب المؤتمر والإصلاح والناصري والبعث والمستقل.
بنى الصينيون مستشفى الثورة، واليوم دمره أبناء رسول يشعرونا أنه كان قاطع طريق وليس نبي رحمة.
وبنى السويديون النقطة الرابع الذي كان مستشفى الأطفال وأيضا المستشفى الجمهوري فاستكثروهما على أطفال تعز.
شق الصينيون شارع جمال عبدالناصر ولم يعجب الاسم احفاد الإمام فأحالوه شارع موت وخراب.

بنى الروس مدرسة تعز الكبرى فارتأى أبناء الأمية والإمامة أنها أخرجت أكثر من اللازم من أوائل الجمهورية فدمروها.
ومثلها أيضا مدرسة الشعب التي بناها الإتحاد السوفيتي فعمل بها قيران ماعمل وأكمل البقية وحوش عبدالملك الحوثي.

مدرسة محمد علي عثمان ارتأوا أنها أهم صرح تعليمي في اليمن ويجب إسكات تلك الأصوات التي تتحدث اللغات الأجنبية وتواصِل تعليمها متفوقة في جامعات العالم.
كان للإمام سجن عرف بالشبكة، وقد ارتأت مجموعة شركات هائل سعيد أن تمحوا تلك الذكرى فجعلت منه مدرسة أسميت مجمع السعيد التربوي، فغار الحوثي من أن يتم ترقية سجن أجداده إلى هذه المرتبة فقصفها.
بنى القطريون مستشفى خليفة في التربة، فكان مزارا للمرضى من صعدة إلى عدن، فارتأى علي عبدالله صالح أن يدمره بدون حرب تدريجيا حتى يتوقف.
مكتبة السعيد هي المكتبة الوحيدة في المحافظة، وبنيت من قبل بيت هائل سعيد فأحرقتها آلهة الأمية.
أحالوا حديقة التعاون خرابة برغم أنها بنيت بجهود التعاونيات برئاسة أحمد عبده سعيد، وهو الذي تولى أيضا بناء الغرفة التجارية بالمدينة ومطار تعز من أموال التعاونيات.

ولن أتحدث عن الجامعات، فنواة جامعة تعز التي صارت كلية التربية هي هبة من الكويت، وكلية الهندسه اللي هي الاحدث تبرع بها علي محمد سعيد، وبالمناسبة تنزل درجات وظيفية لأكاديميين في كلية الهندسة بجامعة ذمار أكثر من تعز.

أما المئات من مدارس تعز فقد بنيت إما بتبرعات الأهالي أو الكويت، وجزء منها البنك الدولي.
وحتى مبنى الإصدار الآلي تبرع صيني، وكذلك مستشفى الجذام.

ملعب الشهداء الذي كان ساحة إعدامات أيام الإمامة، أيضا بني بجهود السلطة المحلية وتبرعات.

مستشفى السرطان الذي ظلت دولة قطر تلح على بنائه رفض أحمد علي عبدالله صالح بناءه في تعز، وأصر أن يبنى في منطقة ظهر حمير بصنعاء، ولكن بعد ٢٠١١ تغيرت الأمور ونزل المستشفى بقدرة قادر إلى تعز ووضع له حجر الأساس.
ألا يحق لتعز أن تئن؟
ألا يحق لها أن تتوجع؟
تعاقب اليوم لأنها صرخت في ٢٠١١، لأنها أدركت كم أنها محسوبة على اليمن، لاعلى الصين أو قطر.

على التعزي أن يفتش اليوم كم أنه رجل صامد في وجه دولة، عاقبته بالتهميش بالأمس، وبالكاتيوشا اليوم.
كثيرون يعتقدون أن التعزي يجيد العمل لأنه من تعز، الأمر ليس كذلك، فقط لأنه ليس لديه دولة في محافظته، لأنه عاش من هبات الغير فاضطر أن يصنع واقعه، وأن يغير شخصه أولا لكي ينسى أنه منسي.

هل عرفتم وجعنا أيها الصامتون والشامتون؟
إنها المدينة التي عذبت عشاقها، كما قال الوزير عز الدين الأصبحي في كتابه (السيرة الروائية لمدينة عذبت عشاقها) والصادر في ١٩٩٥، مضيفا:
"أطلق عليها الجغرافيون مدينة الجبل
وأطلق عليها العسكر بنادقهم، وأطلقت عليها العصافير ألحانا غريبه، وأطلق عليها عاشق قديم، مدينة تعز، فكانت كذلك الى يومنا هذا".

كانت تكفينا كل تلك الآلام، لكنكم استكثرتم علينا حتى الأنين بصمت..لترتاحوا الآن، فنحن نبكي بكل جوارحنا، ونحيبنا سيطول،
لكن، لن يظل كذلك، سيأتي يوما ويصبح زئيرا.
نسيت أن أقول شيئا..

أهم منجز حققه علي عبدالله صالح هو بناء سجن الأمن السياسي الذي يعد أكبر مبنى وأكبر سجن في اليمن وربما الجزيرة وفي أحسن تبه بتعز كموقع.
- See more at: http://www.yen-news.com/art965.html#sthash.QQAu7up6.dpuf