الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٤٩ صباحاً

المبادرة وإجتثاث المؤتمر

سمير الشرجبي
الاربعاء ، ٣٠ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٩:٠٦ مساءً
بعد طول مراوغة وسقوط مئات الشهداء وألاف الجرحى من بين صفوف اليمنيين كان يمكن تداركها لو أن الرئيس المنتهي صلاحياته قد وقع على إتفاقية (فُصٍلت على مقاسه) وبدرزي سعودي, ضاهرها إنقاذ اليمن من أتون حرب اهلية وباطنها إجهاض لثورة شبابية شعبية قد تجتاح الجزيرة والخليج العربي كله على إثر دوي سقوط عرش هذا النظام الذي إستفحل في الارض فسادا بانيا على جماجم الشهداء إمبراطورية أراد الله لها السقوط في وحل التاريخ وعلى ايدي الثوار الشرفاء الذين خرجوا على وقع ثورات الربيع العربي في أفريقيا العربية.

ها نحن قد شهدنا لحضات تاريخية لا تنسى حين تسلم صالح القلم بيده اليمنى ووثيقة المبادرة في اليد الاخرى ليوقع على الصفحة تلو الاخرى منهيا بذلك 33 سنة من حكم ديكنانوري أسري وبعد أشهر هرب منها من هذه اللحضة التاريخية وباعذار متعددة ولهدف واحد هو الهروب من النهاية الحتمية التي أرادها الثوار في الرحيل واعادة اليمن لابنائها بعد ان إختطفها في خيانة إنسانية لقيم اليمنيين وثقة القائد بدعم سعودي وغربي قبل 34 عاما باغتيال حلم اليمنيين شمالا للرئيس الخالد إبراهيم الحمدي في 11 إكتوبر 77 , وإجتياحا وقتلا وتشريدا وأجتثاثا عام 94 لكل ما له علاقة بالحزب الاشتراكي اليمني وجيشه في جنوب الوطن الذي شاركه الوحدة في 22 مايو 90 فغدر به كما هي عادته واوصله الى حافة الهاوية ليستفيد من خطاء قاتل كانت ورائه نفس القوى التي أتت بصالح ليعلن قرار إنفصال مشؤوم تهاوت على إثره الاحلام التي لم تؤمن بغير الوحدة والحرية مصير فاستباح صالح عدن بالبندقية المدعومة بالفتوى التي لا ترحم وتسابيح علماء السلطة الذين يختارهم بعناية او يختارونه بعناية لمصالح فردية او جمعية تنتهي عند سلم الذاتية والاستئثار التي تعلموها من ميكيافلي العصر في تبرير الوسيلة عند اللاهثين للسلطة.
هذه المبادرة وألياتها التنفيذية ورغم انها لا تلبي طموح الثوار فانها يمكن ان تكون مخرجا يحقق الحد الادنى المطلوب لو تم تنفيذها بحرفية وبدون إلتفاف او زرع الغام تحتها من قبل صالح نفسه وبقايا المتعطشين للبقاء في السلطة وبالقوة رغم لفض الجماهير لهم .

دعونا نكون من المتفائليين الذي يرون في هذه المبادرة وألياتها تفكيك للنظام عوضا عن إسقاطه وتهاوي الدولة المركزية خوفا من مجهول قد يدفعها الخاسر للسلطة الى هاوية حقيقية تسقط فيها اليمن في أتون صراع عسكري ودماء ستنتهي في النهاية وبدون شك لصالح الشعب الذي سيستعيد سلطته ولكن الثمن حينها سيكون غاليا بغلاء دماء اليمنيين انفسهم.

ولذى فان رحيل صالح عن السلطة وإعادة هيكلة الجيش اليمني هي أهم الاهداف التي ستجعل من المبادرة اذا ما تم تنفيذها طريقا لبناء يمننا المنشود بما يكفل إقصاء القتلة والفاسدين عن مفاصل الدولة التوافقية التي تضهر ملامحها من حكومة التوافق ومرشح التوافق .

إذا ما تم تحقيق هدف الرحيل وهيكلة الجيش وعودته ليخدم الوطن بدلا من خدمة العائلة او القبيلة او الحزب فان كل مطالب الثوار قد تصبح قابلة للتحقيق بما فيها محاكمة القتلة وإسترداد المال العام المنهوب .

لذى ولاستكمال التعاطي الايجابي مع المبادرة رغم كل تحفضاتنا, فاننا نؤكد أننا ايضا ومما تعلمناه من قيم ثورية ندرك ان اليمن لا يمكن ان يبنيها إلا أبنائها الشرفاء من أي مدينة أو قبيلة كانوا , من أي حزب او طائفة هم دون إقصاء أو إستثناء تحت معيار واحد فقط وهو الولاء لليمن والشعب أولاً .

وعندها فان موقفنا ثابتا من فكرة ألاجتثاث للطرف الاخر بالرفض, لانها فكرة ثأرية وإنتقامية تهدم ولا تبني بل أنها تمثل مفهوم نفيض للثورية وعكس للديموقراطية وقناع بشع للديكتاتورية بل وفي إعتقادي هي فكرة إقصائية تعكس الخوف من ألاخر طمعا بالاسئثار بالسلطة والذي يعيد إنتاج ديكتاتورية جديدة.

كما أن فكرة الاجنثاث للمؤتمر التي يروج لها البعض ستخلف ديكتاتورية جديدة يمكن رؤية شدة بشاعتها واضحة في مثال حي لديكتاتورية ورثة بريمر في العراق اليوم (رغم الفارق الكبير بين المشهدين) كون إسقاط نظام حزب البعث في العراق تم على يد المحتل الاميركي وإسقاط نظام صالح يتحقق على بد شباب اليمن وشعبها الثائر, بالاضافة الى كون المؤتمر ليس حزبا عقائديا سيتمترس أعضائه حول مخلفات الماضي بل أن جزء كبير منه سيكون إضافة إيجابية لبناء يمن الغد إذا ما تحرروا من ديكتاتورية الطاغية ووجدوا لهم مكان بين صقوق المجتمع.