الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠١ صباحاً

التغيير في اليمن بين مفهوم الثوره والازمه

محمد الحميدي
الجمعة ، ٠٢ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
تعددت المصطلحات والمفاهيم الذي تداولها إطراف الصراع القائم في اليمن سلطه ومعارضه وثوار ووسطاء في مختلف وسائل إلا علام المحلية والخارجية بين(الثورة- ألازمه- الانقلاب) وادعاء كل طرف شرعية حجته لصحة وضعه فالثوار ادعوا الشرعية الشعبية وفقا" للمادة (4) من الدستور التي حددت الشعب كمالك للسلطة ومصدرها الوحيد بينما تمسك النظام بما اسماه بالشرعية الدستورية لبقاء الرئيس في السلطة حتى عام 2013م وفقا" للمادة ( 112 ) من الدستور في ظل غياب أي مبرر شرعي لتطبيق بحقه المواد(115و116 ) لتقديم استقالته أو نقل صلاحياته لنائبه.

وعلى مدى قرابة عشره أشهر تمترس الطرفين خلف تلك الحجج والمواد الدستورية فلا ثوره انتصرت ولا سلطه أذعنت حصدت خلالها أكثر من (1000) شهيد و(27000) جريح من المدنيين وعشرات المختفين قسريا" والمعتقلين وإعداد غير محدده مثلهم من العسكريين وألحقت دمار كبير في البنية التحتية للمجتمع وألحقت به آثار اجتماعيه واقتصاديه كبيره يتطلب سنوات من البناء لتجاوزها0

وفي 23 نوفمبر2011م تفاجئ الثوار بتوقيع المشترك والحزب الحاكم على المبادرة الخليجية واليتها المزمنة ٍٍبرعاية خليجيه وبأشراف دولي بالعاصمة السعودية الرياض كتسوية سياسيه لإنهاء (الثورة- ألازمه) بعد إن أفرغت من مضمونها وحولت من مبادرة لتنحي رئيس الجمهورية إلى مبادرة لحل ألازمه اليمنية لأتحقق مطالب الثورة وسط ذهول وصدمه لعامة الشعب وقوى الثورة من القرار السيئ الذي اتخذته المعارضة لإطلاق رصاصة الرحمة على الثورة ووأدها وإيجاد طريقا" ومخرجا" أمنا" للنظام والحفاظ على كيانه وديمومته وتوفير الحصانة والضمانة القانونية لعدم مسائلته والمضي قدما" في حلحلت الأوضاع دون إعارة أي اعتبار للثورة والثوار وتضحياتهم مختصرتا" القضية بين الأحزاب (مشترك- مؤتمر) مقصيتا" الثوار وأنصارهم ليصيب الذهول والإحباط كل مكونات القوى الوطنية للتغيير وعامة الشعب و يدفعهم لإعادة التفكير فيما يجري ومسائلة ذاتهم عن حقيقة ما يحدث ودوافعه وهل الثورة علم أو حلم؟ ومن يقودها ويقرر مصيرها؟ وعلاقة الثورة بالازمه ؟ وهل خدعوا ؟ أم كانوا ضحايا للسلطة والمعارضة ؟ وما موقف الثورة من التسوية ؟ وعادوا بتفكيرهم لبحث مصطلحات الحالة لتشخيص الواقع وتسمية الأسماء بأسمائها من منظور علمي بعيدا" عن التطرف والتعصب لأي طرف لكي يعرفون الحقيقة التي لا يدركونها فتعددت نتائجهم بين ألازمه والانتفاضة والهبة ولكن خلص الكثير منهم إلى إن ما جرى في اليمن بداءت كثوره إلا أنها جيرة وحولت إلى ازمه منذ انضمام أحزاب المشترك وشركائهم من القوى العسكرية والقبلية التي سطت عليها وغيرت مسارها بعد إن كادت تقطف ثمارها على اثر انهيار النظام في إحداث جمعة الكرامة لولا تدخل المعارضة التي أوقفت رحلت مغادرته بدعوته لحوارها لنقل السلطة إليها فجمدت الثورة وتمكنت من السيطرة على دفتها وعادة بالأوضاع إلى محطة هبتها الثورية التي نفذتها في ديسمبر2010م لتنفرد بخصمها وتحافظ على ماتراه من حقها كاسب حققتها على مدى سنوات من النضال والنكال مع النظام تأبى إن يضيع من تاريخها بالاضافه إلى إن فلسفتها تقوم على مفهوم (أن تغيير أي نظام لابد إن يشمل تغيير معارضته كونها احد مكوناته ومن منتجاته) فغلبت مصالحها على قيمها ومبادئها الاخلاقيه0

ويرى البعض أن عدم دعوة المشترك لأنصاره بمغادرة الساحات وفقا" لإلية المبادرة يندرج في إطار تكتيكه المتعلق بإظهار استقلالية الثوار وعدم سيطرته على القرار وأيضا" لكي يضلون كورقة ضمان لإجبار النظام بتنفيذ بنود المبادرة والاليه وتبرز جليا" هذه العلاقة من خلال الموقف السلبي والخجول للثوار من المبادرة وصمتهم وتناقضهم بين المطالبة أحيانا" بتوقيعها وأحيان رفضها ثم تأييدها على حياء وتسويقها كمنجز يحقق ألهدف الأول للثورة رغم أنها لا تلبي مطالبهم برحيل النظام و محاكمته مع بقيه ألقتله والفاسدين ولا تسترجع أموال الشعب المنهوبة والمهربة ولن تعزل إفراد العائلة من مناصبهم بقدر ما أوجدت الضمانات لبقائهم واستمرارهم ومنحت بقايا النظام سلطات أكثر من خلال تعليق الدستور وإحلال المبادرة واليتها للفصل في الكثير من القضايا المتعلقة بصلاحيات مجلس النواب والحكومة والطامة الكبرى تجاهل المبادرة والاليه لتضحيات الشهداء والجرحى ومعانات الشعب وما لحق به من دمار وذل ومهانة فكشفوا بذالك حقيقة تكامل الأدوار بين الكثير من ائتلافات الثوار وبين تلك الأحزاب لاستغلال الثورة والشباب وجعلهم كحصان طروادة لاختراق أسوار النظام لمشاركته في السلطة والحكم على الدوام

ولكي لأنتهم بالتجني على الثورة اليمنية والتقليل من شأنها وتضحياتها وخصوصيتها التي تنفرد بها وجهلنا لمنهجها وفكرها وطريقة تكتيكها التي قد لا ندركها سنقدم موجزا" مختصر لتعريف الثورة ومفهومها السياسي وأهدافها واهم مقومات نجاحها في سياق التاريخ والعلم ألحديث لكي نستطيع تشخيص ماهو قائم في اليمن0

اولا" - الثورة لغة" :- إذا كان مفهوم الثورة في اللغات الأوروبية للمصطلح اللاتيني Revolution مستعاراً من دورة الكواكب حول نفسها بما فيها كوكبنا الذي ينجز ثورة كل 24 ساعة، فإنه في العربية مستعار من ظواهر الطبيعة والسلوك الانفعالي اليومي للإنسان نفسه وورد في (لسان العرب) كلمة ثار للدلالة على الحالة مثل ثار الشيء أو هاج، ثورة الغضب حدته، والثائر الغضبان. ويقال للغضبان أهيجَ ما يكون: وقد ثار ثائرة وفار فائرة إذا غضب وهاج غضبه. وثار إليه وثب ,. ثار الغبار وثارت نفسه، إذا فارت واهتاجت. وثار الدخان وغيرهما يثور ثورا وثؤورا وثورانا ظهر وسطع ) ويقول الطبري إن الثورة هي الهيج.

ويقول تعالى (لا ذلول تثير الأرض)(البقرة:71) (اى لا تقلبها بالحرث القلب الذي يغيرها فيجعل عاليها سافلها)، و قالى تعالى(كانوا اشد منهم قوه واثاروا الأرض وعمروها)(الروم:9) (اى قلبوها وبلغوا عمقها)

وبذالك يتضح أن مفهوم الثورة في العربية هو وصف للتمرد الفردي أو الجمعي الانفعالي اليائس غير الحامل لأي مشروع مجتمعي،....

ثانيا"- الثورة كمصطلح سياسي ويعني الخروج عن الوضع الراهن وتغييره - سواء إلى وضع أفضل أو اسوأ - باندفاع يحركه الغضب وعدم الرضاء، والتطلع إلى واقع أفضل

بمعنى أخر الثورة ظاهرة تاريخيه وسياسيه تقوم بها بعض القوى الوطنية بهدف تغيير نظام الحكم القائم لتنفيذ مجموعة من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تؤدي إلى تغيير جذري شامل في المجتمع وللثورة تعاريف ومفاهيم كثيرة أهمها :-
1- التعريف التقليدي (القديم)- وهو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة ووضع مع انطلاقة الثورة الفرنسية

2- التعريف أو الفهم المعاصر- وهو التغيير الذي يحدثه الشعب من خلال أدواته "كالقوات المسلحة" أو الشخصيات التاريخية لتغيير نظام الحكم وتحقيق الأهداف التي تلبي احتياجاته وتنفذ مهام برنامجه الثوري غير الاعتيادي.

3- المفهوم العام (الشعبي)- ويعني ألانتفاضه العفوية ضد أنظمة الحكم الظالم بواسطة الثورات الشعبية كالثورة الفرنسية عام 1789 م وثورات أوروبا الشرقية عام 1989 م وأوكرانيا المعروفة بالثورة البرتقالية في نوفمبر 2004 م وقبلها في جورجيا

4- الثورات العسكرية ( الانقلابات ) كالانقلابات التي سادت أمريكا اللاتينية وبعض الدول العربية في حقبتي الخمسينيات والستينات من القرن العشرين

5- الثورات التحررية ( المقاومة المسلحة)ضد الاستعمار لنيل الاستقلال مثل الثورة الجزائرية (1954-1962) وثورة أكتوبر في جنوب اليمن1963- 1967م

وبشكل عام نقول إن علماء علم الاجتماع أمثال ( نيتشه) و(غوستاف لوبون)و جورج سوبر ودان وغيرهم) قد اجمعوا على إن الثورة تغيير فجائي يجري خارج إطار التشريع القائم ويختلف عن إي تغيير يتم بصوره سلميه أو بشكل تدريجي أو جزئي من خلال نظام يوفر شرعية التغيير وأكدوا على إن نجاح أي ثوره يرتكز على المسائل التالية:-

1- الظروف الموضوعية والذاتية التي أدت لقيام الثورة
2- وحدة قوى الثورة في إطار كيان ثوري يشكل الحامل الرئيسي لقضيتها وبلورة أهدافها و قيادة العملية السياسية والتنظيمية لها.
3- القيادة ألخلاقه للجماهير وحسن توجيهها و توحيد نشاطها الثوري و زيادة العمل التوعوي والتعبوي بين أوساطها.
4- الفهم الصحيح للعلاقة بين (الثورة والسلطة). باعتبار الثورة مقدمة ووسيلة لاستلام السلطة. واستلام السلطة شرط ضروري للتغييرات الجذرية التي يجب تحقيقها في المجتمع من خلال السلطة الجديدة التي تجسد مصلحة الشعب وهذا ما لم يتحقق في ضل وضع الثورة اليمنية ألقائمه0

ومن خلال ماسبق نسأل القارئ الكريم ليجيب بتجرد من أي عواطف هل يرى بأن مايحدث في اليمن ثوره؟ أم ازمه ؟ أم هبه؟ أم ثوره أجهضتها وسرقتها الأحزاب؟ أم أنها ثوره لها خصائصها وإن ما يحدث ليس إلا مجرد تكتيك لتحقيق إستراتيجيتها.