السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٧ صباحاً

الحراك الجنوبي واهدافه بين الثورة والوحدة والانفصال

سمير الشرجبي
السبت ، ٠٣ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١٢:٤٠ صباحاً
ألمشهد الجميل الذي ظهر فيه الشعب اليمني في كل مكان إحتفالا بالذكرى ال44 للاستقلال وطرد أخر جندي بريطاني من جنوب الوطن يجعلنا نقف اجلال واكبار لتضحيات شعبنا أملا في تحقيق اهدافه المتمثله بالحرية والعدالة والوحدة.

منذ اللحضة الاولى للاستقلال عملت قوى على إقصاء قوى اخرى رافقتها السلاح وقدمت التضحيات الجسام طوال حرب التحرير الوطني ليعاني قادة جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل وهي إحدى فصائل المقاومة للاستعمار البريطاني على يد الجبهة القومية للتحرير بعد ان تسلمت السلطة من الحكومة البريطانية في 30 نوفمبر 1967 حيث استبعدت جبهة التحرير من جميع المواقع ودخل الطرفان في حرب أهلية بهدف شق الصف الثائر في اليمن تشويها للثورة واهدافها النبيلة مما انتج فكرا عبثيا إقصائيا لتستفرد في الحكم قوى بعينها على حساب القوى الاخرى ليعيش الجنوب اليمني تجربة خاصة وفريدة في المنطقة العربية كلها إتسمت بالتطبيق الاشتراكي الماركسي في مجتمع فقيرا كانت الفلاحة هي أساس إقتصاده وتغلبت السياسة والاحلام الثورية اليسارية على حياته منها في التنمية والبناء التي غابتا في تلك الحقبة فلا يتذكر المواطن الجنوبي من تلك الفترة الا المجانيات في التعليم والتطبيب والسكن والشعارات الثورية في الحرية والمساوة بين الناس فقرا .

بعد طول مواجهات وحوارات واتفاقيات تحققت الوحدة اليمنية بشكل سلم فيه طرف فاشل كل شي لطرف لم يكن يوما الا قاتل وسارق
وهنا يتحمل قادة الجنوب مسؤلية جزء كبير من الوضع الذي وصلنا اليه اليوم بمثالية تصل الى مستوى الغباء السياسي لانهم (أعطو ما لا يملكون شعبا وارضا لمن لا يستحق ولايرحم) فاضاف قطعة ارض وشعب على حضيرته التي كان يحكمها في الشمال بالحديد والنار وصنعوا منه بطل وحدويا واصبحوا هم إنفصاليين.

مورس الظلم على اليمنيين كلهم قبل وبعد الوحدة على يد علي صالح الذي وصل الى الحكم بطريقة غير شرعية وباطلة وبدعم سعودي وأميركي ليجهض المشروع التنموي اليمني والوحدوي الحقيقي القائم على هدف اساسي هو تنمية الارض والانسان وحريته وتفجير طاقاته في بناء اليمن الموحد.

تراكمت الاخطاء المتوقعة لنظام دولة الوحدة التي أختلت موازينه حينما إستقوى صالح بقوى داخلية وخارجية وقام باقصاء الطرف الشريك بالوحدة ومعه حلفائه من القوى الوطنية التقديمية الاخرى في الساحة.

وصل جبروت سلطة صالح الى حد الاقصاء والتهميش الذي مرس على كل ما له علاقة بنظام الجنوب وجيشه الوطني الذي شاركه الوحدة وكذا كل القوى الوطنية الاخرى وليدخل ملايين اليمنيين في دوامة الفقر والتجهيل والاذلال لتنعم فئة وتستفرد بمقدرات الوطن وخيراته لينقسم اليمن قسمين , قسما ال5% الحاكم والسارق لخيرات اليمن وقسم ال95% المُضطهد والمقهور والمسروق.

عمل صالح على إفراغ الديموقراطية والاحزاب من الحقيقة التي وجدت من أجلها للتحول الديموقراطي لنظام الحكم فحولها الى ديكور لنظامه الفاسد بل وا متدت يد هذا النظام الى النقابات وقام بتقسيمها وهدمها وإدخالها في صراعات أدت الى تجميد عملها وهي من كان يمكن ان تقوم بدور الثائر على هذا النظام الفاسد .

أمام بشاعة هذا الواقع الذي وصلنا اليه كان من الطبيعي ان تظهر حركات مطلبية لفئات الشعب المختلفة بعد ان فقد الامل بالتغيير عبر صندوق الاقتراع الكاذب وهنا فأن الحراك الجنوبي ظهر مطلبيا لتحقيق أهداف فئوية نتيجة لضلم الاقصاء والتهميش والقهر الذي مورس من قبل علي صالح وعصابته إثر إجتياح عدن في حرب 94.

تدرج هذا المطلب واصبح عند فئة من الحراك الجنوبي مطلبا للانفصال عندما لم يجد إستجابة من هولاء المتغطرسون المتكبرون الذي أعماهم كثرتهم ومالهم وقوتهم التي إستمدوها من ضعفنا وإستسلامنا طوال سنيين القهر والاستبداد والتي تحولت الى حقيقة تعايش الناس معها وباسم الديموقراطية ايضا.

ونفس الحراك تفجر في صعدة شمالا ضاهرة حراك مذهبيا وجوهرة ثورة ضد الضلم والاستبداد والاقصاء.
في البداية لم يتفاعل اليمنيين ايجابيا مع هذه الحراكات تارة خوفا من الانفصال الذي رفعه البعض هدفا وروجت له السلطة وإعلامها خطرا ونفس الشي حدث مع المواجهات في صعدة فطهرت للشارع وكانها مطالب مذهبية أجهضت أي تعاطف معها.

ولكن عندما خرج الشعب اليمني كله شماله وجنوبه , شرقه وغربه في هبة شعبية دعت اليها ألقوى الوطنية قبل عام كامل من اليوم وقبل ربيع الثورات العربية بعد ان فقدت الامل في ما يمكن ان يفضي اليه الحوار مع هذا النظام المتكبر تحولت بعدها تلك الهبة الشعبية التي كانت أخر إعتصام لها في ال3 من فبراير في صنعاء امام جامعة صنعاء تلتها الثورة الشبابية الشعبية الشاملة التي خرجت في ليلة ال11 من فبراير 2011 في صنعاء وتعز رافعة شعار واحد هو إسقاط النظام.

الجميع يدرك أن إسقاط النظام لوحده ليس الهدف بل هو وسيلة لهدف اكبر وهو بناء الدولة المدنية الحديثة و أن بناء الدولة المدنية الحديثة ليست الهدف النهائي ولكن بناء دولة النظام والقانون هي الهدف وأن بناء دولة النظام والقانون ليس الهدف النهائي ولكن الهدف الرئيسي هو بناء الانسان ورخاءه وتنمية الوطن بشكل متوزي وسريع يشعر به كل مواطن.

وعبر التاريخ الانساني في كل مكان في العالم كانت الوحدة هدفا والانفصال إستثنائا وهي اليوم هدف عالمي ليس فقط بين دول تجمعها مقومات وحدوية عظيمة بل وصلت تلك التكتلات الى دول تناحرت وتقاتلت لعشرات السنيين وسالت بينها الدماء أنهارا وسقط فيها القتلى بالملايين ودول اوروبا مثال فاضح لهذا الواقع .

إن الكيانات الصغيرة ستتعرض للانهيار إن لم تتدارك نفسها وتتكتل معا على أسس تعتمد على الديموقراطية الحقيقية مبادي العدل والمساواة والتنمية الاقتصادية أساس بقائها لما يخدم الانسان ليعيش فيها المواطن برخاء ولكي لا يتم التهام هذه الكيانات الصغيرة من قبل الحيتان المفترسة .
ولذى فان الوحدة اليمنية كانت دوما متقدمة على الانفصال ولو سلمنا جدلا في أن الوحدة لوحدها ليست هدفا فان ألانفصال ليس هدفا بذاته لان من يريد الانفصال بالتاكيد لايريده كي يجني جنوب يمني فاشل ومتناحر وفقير ومستبد.

وبالمقابل فان صور الوحدة عديدة وإعادة صياغتها بشكل أخر بما فيها الفيدرالية المرتكزة على الاقتصاد والتنمية بما يحقق الاهداف أمر ضروري ليس فقط من اجل ابناء الجنوب ولكن من أجل اليمن كله لاننا لا نقبل الوحدة المقترنة بالضلم والالحاق والتهميش فهي حين ذلك قد تصبح وحدة بالقوة للارض دون الانسان وهي حينها ترقى الى مستوى ألاستئثار والاحتلال لفئة او جماعة او أسرة على مجتمع باسره.

وبما ان الوحدة المستبدة ليست هدف فأن الثورة بحد ذاتها ايضا ليس هدف وانما وسيلة للوصول لتحقيق احلام الناس ويبقى هدفنا جميعا هو بناء وطن حديث تنموي ديموقراطي تعطى فيه الحقوق كاملة غير منقوصة وتؤدا فيها الواجبات كاملة غير منقوصة,..دولة ألانسان هدفها الاول في كل شبر من هذا الوطن وليس في مدينة بعينها او منطقة بعينها او قبيلة بعينها او أسره بعينها.

من الطبيعي أن تلتقي مطالب الحراك الباحث عن الحرية والعدالة والتنمية ما بمطالب الثوار في اليمن كله وعندما تتحقق الاهداف العظيمة تختفي عندها المشاريع الصغيرة.