الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٤ مساءً

دلالات تعيين الجنرال مُحسن نائباً

حبيب العزي
الخميس ، ٠٧ ابريل ٢٠١٦ الساعة ٠٤:٤٩ مساءً
لم يكن قرار الرئيس هادي الأخير، بتعيين الجنرال علي محسن الأحمر نائباً له، أمراً مُفاجئاً لي على المستوى الشخصي، فقد تنبأت بإمكانية حدوث مثل ذلك بشكل أو بآخر، في مقال سابق لي، نُشِر على العربي الجديد قبل حوالي شهر تقريباً، تحت عنوان "الجنرال مُحسن والطريق إلى الرئاسة".
لعلَّ الشيء الذي فاجأني حقيقة في تلك القرارات، هو إقالة رئيس الحكومة خالد بحَّاح من كلا منصبيه معاً، منصب رئيس الحكومة وكذا نائب الرئيس، وعزله كُلياً، وكنتُ أتوقع الإبقاء عليه في منصب رئاسة الحكومة على الأقل، خُصوصاً وأن الشخص البديل له ليس بأفضل منه بحال، أكان من حيث الكفاءة والأداء، أو حتى من حيث الولاء والانتماء.

جميعنا يعلم أن الدكتور/ أحمد عُبيد بن دَغْر، ظل يتنقل بولاءاته مُشَرِّقاً ومُغَرِّباً، طوال السنوات الماضية، فقد كان عضواً في اللجنة الدائمة للحزب الاشتراكي، وبقدرة قادر أصبح عضواً في المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وواحداً من هُواة التصفيق لصالح، وعندما حانت لحظة الحقيقة ودقَّت ساعة الحزم، ركب موجة الشرعية، مثله مثل باقي القوم الذين تعُجُّ بهم فنادق الرياض منذ بدء الحرب.

كنتُ واحداً من المُنتقدين لأداء بحَّاح وحكومته طوال الشهور الماضية، وبخاصَّة لعلاقاته المشبوهة بدولة بعينها في التحالف، سعتْ لتعطيل الحسم في مدينة تعز، وعرقلت كل جُهد لدعم وإسناد المقاومة هناك، ولستُ هنا في معرض الدفاع عنه أو مهاجمته، لكنني أردتُ القول بأن قرار الرئيس هادي في إقالة الرجُل من كلا المنصبين معاً وعزله تماماً، كان قراراً ارتجالياً، لا يخدُم سوى أغراضاً تتعلق بشخصه هُوَ، وليس بالشعب والوطن، وخلافنا مع الرَّجُل لا يعني رضانا على قرار هادي بتعيين بن دغر بديلاً عنه.

على الجانب الآخر، فقد جاء تعيين الجنرال على مُحسن في منصب نائب الرئيس، مُلبياً لطموحات مُعظم الشارع اليمني، وبخاصة الداعم للشرعية والمقاومة، وقد لاقى ابتهاجاً وترحيباً من قِبَل تلك الأطراف، لكنه فتح الباب واسعاً أمام تساؤلات عديدة، تتعلق بدوافعه ودلالاته، كما وبتوقيته أيضاً.
فتوقيت القرار جاء قبل وقت قصير من مباحثات الكويت، المزمع عقدها في الـ 18 من شهر نيسان/ إبريل الجاري، ما يعني أن قيادة التحالف قد أرادت –بحسب ما يرى خُصومها- أن تنسف أي إمكانية لإنجاح مباحثات الكويت قبل بدئها، أو لعلها أرادت تحقيق أي إنجاز على الأرض، يُزِيد من رُجْحَان كفَّتها قبل بدء تلك المباحثات، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية وكأن هذا القرار قد جاء بمثابة الرد القوي من قبل المملكة، على تجرؤ صالح بالظهور علناً، ومخاطبة أنصاره في ميدان السبعين، بالذكرى الأولى للعاصفة، وهو ما اعتبرته -فيما يبدو- رسالة تحدٍ واضحة لها ولحلفائها في اليمن.

لعلَّ أبرز الدلالات لهذا القرار بتقديري، هي أنه قد أعطى مُؤشراً واضحاً، لعزم قيادة التحالف والمملكة العربية السعودية تحديداً، على المُضِي قُدماً في خيار الحسم العسكري حتى النهاية، في المدى المنظُور على الأقل، ما يعني استمرار الحرب والطلعات الجوية، خلال الأسابيع ولربما الأشهر المقبلة، وذلك ربما لقناعتها بأن مفاوضات الكويت، ماهي إلاَّ نتاجاً لضغط أمريكي وروسي، على أطراف الصراع في اليمن، ولذلك لن تُفضِيَ في أحسن حالاتها، سوى إلى تسوية سياسية هشة، لا تُحقق للمملكة ودول الخليج هدفهم الرئيس من وراء هذه الحرب، وهو إجهاض طموحات إيران التوسعية، في ملف اليمن على أقل تقدير.

ليس في مصلحة التحالف بقيادة السعودية، ولا الأطراف اليمنية المُمَثلة للشرعية، وبمقدمتها المقاومة الشعبية والجيش الوطني، أي حديث عن تسويات سياسية، لأنها ستفضي حتماً إلى بقاء الحوثي وصالح، كأطراف فاعلة ولاعبة، في أي معادلة قادمة، وهذا أمر لا يستقيم عقلاً ولا منطقاً، بعد ما يزيد عن عام من الحرب الضروس، ومن الخراب والدمار، وفوق هذا وذاك، بعد أن قدّم اليمنيون جحافل الشهداء من خيرة شبابهم.

بالمُحَصِّلة.. إن بقاء الحوثي وصالح ولو بمقدار شعرة معاوية في اي استحقاقات سياسية قادمة، سيعني بقاء إيران بكل تأكيد، ليس في اليمن وحسب، وإنما في الجزيرة والخليج ككُل، وإيران تستطيع بعد ذلك أن تصنع من تلك الشعرة، حبالاً طويلة من المشانق، التي ستظل تلفها حول المملكة ودول الخليج، إن كان على المدى القريب أو البعيد، وكأنك يا بو زيد ما غزيت.