السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٦ مساءً

شرنقة العائلة وأرض الدولة

رضوان محمد السماوي
السبت ، ٠٣ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
هناك الكثير من الكتاب والمراقبين الذين كتبوا حول المبادرة الخليجية وإيجابياتها وسلبياتها فالذين أيدوها قالوا أنها بداية الطريق لإسقاط النظام العائلي وحلحلة أدوات القوة التي يمسك بها النظام .. الخ ، فيما يرى المعارضون للمبادرة أنها إجهاض للثورة وأداة لأن يعيد النظام إنتاج نفسه من جديد وعلية فإني أُدلي بدلوي في هذا المجال ولأجل ذلك لابد من التذكير بالآتي :

أننا نواجه نظام استبدادي عائلي انتهازي حريص على الاستحواذ على المال واستخدام مؤسسات الدولة أدوات لإشباع رغباته والجميع مستخدمين لديه من مجلس الوزراء والنواب والقضاء والأمن والجيش والأحزاب السياسية والعلماء والجماعات الدينية والقبائل وغيرهم ولامانع لديه من اقتسام الكعكة مع الجميع ، لكنه يحتفظ بنصيب الأسد , وأن هذا النظام كان ذاهباَ نحو التوريث بتقليعة قلع العداد والتعديلات الدستورية اللازمة لذلك وإجراء الانتخابات من طرف واحد بعد أن فشل في استخدام أحد موظفيه السابق ذكرهم وهي الأحزاب السياسية
الشعب اليمني متفرج بطبعه وحسب العادة وكل شئ كان سيمر بسهولة ويسر .

المولى عز وجل للظلمة بالمرصاد فبعد أن كان كل الغيورين يفكرون بالفرج والمخرج أتت المنحة من المحنه وبزغ الفجر من ظلمة الليل الحالك السواد ، جاءت امراءة تونسية مظلومة ربما مرتبها لايكفيها للقمة عيشها لتصفع ذلك الشاب المظلوم فتتسلسل الأحداث على النحو الذي نعرفه جميعاً .

في اليمن كان الشباب يبحثون عن متر مربع واحد لإيصال رسالتهم وإقامة اعتصامهم وكلنا يعرف الأحداث المتتابعة .
العائلة عملت على إضعاف الدولة ومؤسساتها وجعلها مجرد أدوات للاستغلال والسيطرة في سكرة المال والجاه
الثورة السلمية هدفها إعادة بناء الدولة وتفعيل هذه المؤسسات وتطويرها .

في تقديري أن الجميع أسرى لدى العائلة من النائب إلى آخر مسئول وهم يتمنون اليوم الذي يأتي لايجدون هذه العائلة .
العائلة تتلاشى شيئاً فشيئاً وتفقد مراكز القوة والنفوذ ، تذوب ، تتبخر تحت أشعة الثورة السلمية وصمود شبابها وأنصارها الأسطوري .

المبادرة الخليجية حطمت الشرعية المزعومة للنظام ، توقيع كبير العائلة موذن بسقوطها .

هناك من اليمنيين للأسف من لا يرى إلا مصلحته ويتعامل بأنانية مفرطة مع مطالب وحقوق أبناء اليمن ، هذا البعض يُفضّل السكوت والإنزوا والمداراة للعائلة من باب أنهم لا يؤمنون إلا بلغة القوة فهم يجاملون من بيده السلطة من يمسك وزارة أو مؤسسة ومشاركة المعارضة في الحكومة بنصف حقائبها لاشك سيحرك المياه الراكدة في مستنقع هذه الفئة من المجتمع اليمني ، وهذا بلا شك سيضعف العائلة .

الملاحظ أن المرحلة الانتقالية في العديد من البلدان التي شهدت ثورات شعبية سلمية كتونس ومصر تقودها بقايا النظام وإن كان التشابه الفكري والثقافي والمجتمعي هو القاسم المشترك بين هؤلاء وأولئك ، ولولا الضغط الشعبي من الجماهير في تلك البلدان لما تحقق الكثير على صعيد المرحلة الانتقالية ولظلت الأمور تراوح مكانها .

نحن في الثورة السلمية فإن المرحلة الانتقالية فستتم إدارتها بالتساوي وهذا ضمان كبير ، فالدخول في دهاليز النظام والتأثير عليه من الداخل .

ما يهدف إليه الشباب في ساحاتهم وتظاهراتهم نوعين من الأهداف ، مرحلية وإستراتيجية ، وفي تقديري أن من الأهداف المرحلية سقوط حكم العائلة والاعتراف الرسمي بالثورة السلمية وحقها في التقدير والحظوة بما يضاهي ثورتي سبتمبر وأكتوبر وغيرهما من المناسبات الوطنية وأكثر من ذلك بكثير ، وكذا تعويض اسر الشهداء والجرحى وأصحاب الأحياء التي تضررت جراء الثورة المباركة ، ومحاكمة من أوغل في دماء اليمنيين بالقول والفعل ، فلا تسامح مع القتلة أو من برر لهم ، رفع الحصار الجماعي المفروض على الشعب اليمني من الزيادة البلطجية في أسعار المشتقات النفطية وإعادة الكهرباء وتوفير المياه والمواد الغذائية ورفع المرتبات للموظفين بما يتناسب مع الجرعة الغير معلنه والغير شرعيه .

أما الأهداف الإستراتيجية فتتمثل في بناء الدولة القوية العادلة
الحركة الإسلامية وكل الخيرين في هذا البلد عليهم مسئولية تاريخية بالصمود والثبات والمضي بهذه الثورة إلى آخر سبيلها حتى تحقيق كامل أهدافها وعلى الجيش المؤيد للثورة الالتزام بتعهداته وأهمها إعادة هيكلة الجيش وإعادة انتشاره وإخضاع معاملاته المالية للمراجعة والتدقيق المحاسبي المصاحب واللاحق بالتوازي مع بقية وحدات الجيش .

الانتقال السلمي للسلطة فوّت الفرصة على بعض الفئات المتربصة باليمن داخلياً وإقليمياَ والتي كانت تتمنى وتسعى الى المواجهة الشاملة بين الجيش المؤيد للثورة والجيش الخاضع للعائلة حتى اذا أثخنت هذه القوى القتل في بعضها ظلت تلك الفئة محتفظة بقوتها وربما تمددت على أنقاض هذه القوى .

وأخيراً نؤكد أن قوة الثورة في شبابها وساحاتها وأن المبادرة وآليتها التنفيذية ما هي إلا مرحلة للخروج من شرنقة العصابة الى أرض الدولة .