السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٤٤ صباحاً

مهما فعلوا .. لن تركع تعز

أنور الجندي
الاثنين ، ٠٢ مايو ٢٠١٦ الساعة ١٢:٣٦ صباحاً
مر عام كامل أو يزيد منذ أن دخلت جحافل هولاكو الى هنا .. الى مدينة السعادة، مدينة الثقافة والأصالة والعلم والتاريخ. حاضنة بناة المستقبل وصانعة العباقرة، الحالمة تعز، الحاسمة اليوم في الدفاع عن العرض والشرف والمبادئ.
مر عام كامل وهي تعاني الأمرين: القتل والتدمير الممنهج والحصار البربري؛ دونما رحمة؛ لا لشيئ، سوى أنها خرجت وقالت بملء فيها: نعم للشرعية الدستورية؛ ورفضت العودة الى الماضي-الى ما قبل عام 2011م.
ولأنها واجهت هذا العنت والصلف بكبرياء وشجاعة وإباء استخدموا كل وسائلهم لقمعها؛ حتى وصل بهم الحال الى تحويلها الى ساحة حرب مفتوحة.
من الحوبان؛ وشارع الستين؛ وسابقا جبل صبر؛ والمطار القديم والدفاع الجوي قبل أن يحررا، أرسلوا الى قلوب وجماجم الأبرياء من قاطني وسط المدينة ، وكل من رفض عنجهيتهم قبلات قناصيهم ، وأمطروا بقذائف مدافعهم ودباباتهم وصواريخهم المنازل والأسواق العامة ؛ فهدوها على رؤوس ساكنيها ومرتاديها.
لم يرحموا طفلا ولا كهلا ولا شيخا ولا امرأة؛ ولم يراعوا أدنى حقوق الأنسان.
تناسوا أخلاق الإسلام، ورموا سهام أباطيلهم على أبناء الحالمة ، وأفتى عقلاؤهم بمناجزتهم بحجة أنهم دواعش وتكفيريون وخارجون عن الملة والدين.
حقدهم الدفين على تعز وتاريخها العريق أعماهم عن فهم الحقيقة؛ فانهالوا عليها ذبحا وقتلا وتدميرا وتنكيلا وتجويعا بكل ما أوتوا من قوة لأجل أن تركع ؛ لكنها أبت إلا أن تظل شامخة تنشد العزة والحرية والعيش الكريم والمواطنة المتساوية.
دمروا كل شيء جميل؛ لم يتركوا في مخيلة أبنائها غير تلك الصور المزعجة لأشلاء ودماء الضحايا الأبرياء المتناثرة هنا وهناك .. ومنازل مدمرة فوق ساكنيها، ومحلات تجارية وبيوت محترقة بكاملها .. وأيضا تركوا في مخيلة أبنائها فقدان أناس عزيزين عليهم، أبا؛ أما؛ أخا؛ أختا؛ إبنا؛ وزوجة.
هولاكو ومن خلفه ابرهة الحبشي، قالوا إن تعز لن تمس بسوء ومن يفكر مجرد التفكير بذلك سيواجه بحزم وقوة، ولكن الواقع أثبت عكس ذلك، وبالتالي اتضح من خلال الواقع المعاش أن كلامهم ما كان إلا عبارة عن توجيهات صارمة لجحافلهم وأنصارهم بالانتقام منها حتى لا تفكر في يوم من الأيام في أن تثور في وجوههم أو في وجوه من سيأتي بعدهم.
ولعل الغريب هنا هو الصمت الفاضح والإغضاء الواضح للكثيرين من دول العالم وعلى رأسها الدول الكبرى داعمة الحرية وحقوق الانسان كما تدعي؛ لهذه الجرائم التي ترتكب بحق تعز أرضا وانسانا، حضارة وتاريخا؛ أمر يؤكد بجلاء رضاهم بقمع جماح تعز كونها تشكل خطرا على مصالحهم في اليمن لأنهم الوحيدون أصحاب العقول المتفتحة والمستنيرة وهو ما يخشى منه. ورغم الأعمال والممارسات الهمجية لمن يدعون التقية والوطنية بحق الحالمة المدينة والإنسان؛ إلا أنها مازالت وستظل عصية ترفض الخنوع والركوع والاستسلام لمصاصي الدماء وناهبي الثروات وترى في مقاومتهم ومقارعتهم أمر حتمي للدفاع عن شرفها وكبريائها مهما كلفها ذلك من ثمن.
خلاصة القول: أثبت الواقع بما لا يدع مجالا للشك أنهم مهما فعلوا ومهما جمعوا كيدهم وشرهم؛ ومهما استخدموا من وسائل تدميرية فلا؛ ولن تركع وستقدم كل التضحيات تلو التضحيات في سبيل شرفها وكبريائها ومبادئها وتاريخها العريق.
النصر لليمن .. النصر لتعز .. الخلود للشهداء .. المجد للأحرار.