السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٠٠ صباحاً

انْتَبِهُوا شَقَّ الصَّف الثوري

احمد محمد نعمان
الأحد ، ٠٤ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
ما أجمل وأفضل وأحسن أن يتنبه شباب الثورة السلمية إلى أهم المخاطر والعقبات التي قد تعترض مسارهم الثوري والبطولي فيتحصنون من ذلك، لاسيما وان الشباب هم قادة الثورات وصانع البطولات والمعجزات وعلى كل فلقد كان للتوقيع على المبادرة الخليجية من قبل الرئيس علي عبدالله صالح صداً كبيراً وزخماً ايجابياً وردود أفعال محترمة محلية وإقليمية ودولية إذ اعتبر ذلك المراقبون والمحللون السياسيون مخرجاً للرئيس ونظامه الذي كبر وشاخ وعجز وحان رحيله وأيضاً شيئاً ايجابياً للقاء المشترك الذي يحظى باحترام الغالبية والسواد الأعظم من الشعب اليمني لصبره وتحمله لمراوغة الرئيس ومكايدته وما يمتاز به من لف ودوران وخداع ليس للمدة والشهور التي ثار فيها شعبه عليه ولكن لعقود من الزمن التي ظل فيها يوعدهم بتلبية مطالبهم كمعارضين ويخادعهم ويشق صفوفهم وعلى الرغم من ظهور الفرحة والابتسامة لدى كثير من العقلاء والوجهاء والداعين إلى السلم مؤيدين ومعارضين حيث شعر الشعب الثائر بالنجاح وذلك لتحقق الهدف الأول من أهداف الثورة وهو التوقيع على نقل سلطات الرئيس كاملة إلى نائبه ثم الرحيل والمغادرة من السلطة..

وقد انقسم الناس في انطباعاتهم بعد توقيع المبادرة إلى عدة أقسام (الأول) مؤيد ومبارك للتوقيع رغم ارتكاب نظام صالح لأبشع الجرائم ضد الإنسانية، المهم أن الهدف من التوقيع كان لحقن الدماء وتوقيف القتل والتدمير الذي يقوم به النظام على تعز وأرحب ونهم والحصبة وغيرها من المدن والمحافظات، أما القسم (الثاني) فهم الشباب الثائرون الأحرار ذكوراً وإناثاً، فإنهم وان كانوا قد رحبوا بالتوقيع باعتباره نصراً لهم ولثورتهم كونهم قد حققوا أهم الأهداف وهو نقل السلطات الخاصة بالرئيس إلى نائبه ثم الرحيل إلا أنهم أعلنوا عن بقائهم في الساحات واستمرارهم فيها حتى تتحقق كامل أهدافهم ومنها محاكمة القتلة والمجرمين وأيضا الفاسدين، كما أنهم أعلنوا رفضهم منح الرئيس وعائلته وأركان نظامه أي حصانة من الملاحقة القضائية ومطالبين بمحاكمتهم جميعاً، أما الفريق (الثالث) فهم الذين لايهمهم صلاح الوطن أو خرابه ـ فكلا الأمرين عندهم سواء ولا يهمهم إلا جلب المصلحة لأنفسهم ولو كان ذلك في سبيل الإضرار بالوطن وضياع الشعب وحقوقه .

وهؤلاء هم مَن كان يستأجرهم النظام الفاسد ويدعوهم للتصفيق له ومناصرته متى شاء ومنها حضور ساعة أو ساعتين لا يُزَادُ عليها يوم الجمعة من كل أسبوع في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء جوار القصر الرئاسي وذلك مقابل أجرٍ زهيد وفي حالة ما إذا أخر عليهم بقايا النظام ما أوعدوهم به من المصاريف وغير ذلك صاحوا بأعلى أصواتهم في الميدان نفسه وفي أي مكان يتواجدون فيه بناء على طلب النظام بقولهم (ارحل علي) ثم يقومون بتمزيق صور الرئيس وهؤلاء هم من كان يتردد الحديث عنهم أنهم شعبية الرئيس ومحبوه ومناصروه وذلك على لسان أبواق التضليل والفساد في القنوات الرسمية ومع أن هؤلاء المتمصلحين قد ساءهم توقيع الرئيس على المبادرة وأُصِيبُوا بالمرض والإغماء وواصلوا النوم ليلة التوقيع على المبادرة بالنهار ولو كانوا يحبون الرئيس كما يزعمون لظهر على وجوههم البشر والسرور وغمرتهم السعادة والراحة ولما استحوذت عليهم البلادة لأن في التوقيع على المبادرة إنقاذ للرئيس مما كان سيلحق به جراء إعلانه الحرب ضد ثورة الشباب وتلافياً من صدور قرار مجلس الأمن الدولي الثاني الذي كان على وشك الصدور بفرض عقوبات جسيمة ضده وضد أركان نظامه ولم يكن بين التوقيع على المبادرة وبين صدور القرار إلا ساعات، حيث اتسم الرئيس بالذكاء فاخرج نفسه من الفخ الذي كان سيقع فيه أمثال الرؤساء بن علي ومبارك والقذافي ولأن شعبية صالح المذكورين آنفا لا يُهِمُّهُم خروج الرئيس بمخرج مشرف له مثل ما يهمهم الخوف والخشية من انقطاع المصاريف التي يحصلون عليها من المال العام أسبوعياً في الجُمَعِ التي يحضرونها وتطلع صور بعضهم في القنوات الرسمية ويلتقي بعضهم بالبعض الأخر ويتساءلون فيما بينهم ويخبر كل واحد منهم الآخر بأن صورته ظهرت بالتلفاز عندما كان يردد (مالنا إلا علي) وما يُهمهم هو كيف سيستمرون بالتضليل والإرتزاق من أموال الشعب التي يُسخرهَا النظام الفاسد لهم ويعبث بها مقابل محاولة بقائه لِمُدَد زمنية أخرى ثم ينقلها إلى الأبناء والأقارب، مستغلاً المال العام والمؤسسة العسكرية التي سَلَّمَ قيادتها لأقاربه وقد تحولت الفئة المذكورة المسمية بشعبية الرئيس بعد التوقيع على المبادرة إلى فئة خبيثة بل اشد خُبْثاً مما كانت عليه قبل التوقيع فقد صارت تنفثُ سمومها في الشارع وفي المجتمع وفي أوساط الشباب ساعية إلى الفتنة وشق الصف الثوري ليس بالطريق المباشر ولكن بأساليب شيطانية ماكرة وخادعة وبالطرق غير المباشرة فإذا ما لقيتَ احدهم وبادلته الحديث يبدأك بالقول: ( أبصَرْتَ اللقاء المشترك خانوا الشباب وتركوهم في الساحات وراحوا يوقعون على المبادرة الخليجية وقد كانت الثورة ناجحة واللقاء المشترك التفوا عليها ).. فيا سبحان الله كيف تحول أنصار الرئيس وشعبيته كما يزعمون إلى وُعّاظَ ومحبين للشباب؟ ولماذا ساءهم توقيع الرئيس على المبادرة؟ وإذا كانوا يحبونه بالفعل فلماذا لا يحرصون أن يختتم مشهده السياسي بمخرج مشرف له كما هو حاصل بتوقيعه على المبادرة؟ ولماذا هم حريصون أن تكون نهايته غير مشرفة، كما لو كانت كنهاية سابقيه من الرؤساء؟، هذه الأسئلة وغيرها اطرحها عليك أخي القارئ وعلى كل حال فإن على كل الأحرار والحرائر شباباً وشيوخاً ثائرين أن يتنبهوا إلى خطورة هذه الفئة الخبيثة البغيضة الظالمة التي تسعى وبشتى الوسائل والأساليب المشينة إلى تمزيق الصفوف وإثارة الفتنة والعداوة بين الشباب واللقاء المشترك، لاسيما وان هدفهم هو محاولة التأثير على الثورة المباركة المستمرة وزخمها الرائع والجميل وقد سمّاهم القرآن الكريم بالأعداء وليس بالأصدقاء والواعظين وسماهم بالشياطين أي شياطين الإنس الذين هم أكثر خطراً على الأمة من شياطين الجن قال تعالى:(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) وبالفعل فانك عندما تلقى احدهم يبتسم في وجهك ويحلف لك بالله إنه مهتم بأمر الشباب وبثورة الشباب! سبحان الله كيف الأمر؟ وما هو الطارئ؟، فهذا الحالف كان بالأمس وقبل توقيع الرئيس على المبادرة يصيح ويردد بما يملك من صوت مرتفع (الشعب يريد علي عبدالله صالح) ونحن نعرف انه لا يقصد الشعب وإنما يقصد نفسه، أما الشعب اليمني فهو ثائر ضد الرئيس ولكن كيف تحول هذا الشخص بعد التوقيع إلى واعظ شيطاني وليس واعظ ديني؟.

كما انك قد تلقى شخصاً آخراً من نفس الفئة يقول لك الثورة كانت ناجحة ونحن كنا معها في البداية ولكن خَرِبَتْ فتقول له كيف؟ فيرد عليك من يوم دخلوها اللواء علي محسن صالح وأولاد الشيخ عبدالله الأحمر فَتَرُدّ عليه بألمٍ! بالله عليك لولم ينضم اللواء علي محسن وجيشه الوطني الحر إلى نصرة الثورة الشبابية وأيضاً أولاد الشيخ الأحمر وغيرهم من الشرفاء المستقيلين من المؤتمر الشعبي العام الحاكم الذين انضم جميعهم إلى الثورة هل كانت الساحات الثورية والاعتصامات والمسيرات ستستمر وتبقى، أم أن الرئيس ونظامه كان سيقضي عليها بقوته العسكرية والمال العام؟ وتُذَكّرهُ بما فعله النظام سابقاً من قتل وإبادة وبالمجزرة التي ارتكبها وهي (محرقة الحقد الأسود) في ساحة الحرية بتعز البطولة تعز الشموخ؟ وماذا فعل بجمعة الكرامة بساحة الحرية بصنعاء وماذا فعل بالحصبة وأرحب ونهم؟ وما زال مستمراً بالقصف والإبادة حتى بعد التوقيع على المبادرة وحتى تاريخ كتابة هذا المقال وهو يقصف تعز بمختلف الأسلحة المتوسطة والثقيلة ولا قوة إلا بالله والحقيقة أن هذا الشخص أو ذاك هو لم يكن مع الثورة لا في أولها ولا في نهايتها وربما لن يكون معها في الحاضر ولا في المستقبل. فكونوا أيها الشباب على حذر تام ويقظة مستمرة من هؤلاء وقد صدق فيهم قول الشاعر:

لا خير في ود امرئ متملق
حلو اللسان وقلبه يتلهب
يلقاك يحلف انه بك واثقا
وإذا توارى عنك فهو العقرب
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ عنك كما يروغ الثعلب