السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٢ مساءً

ياسين نعمان والحوثيون وصائدة الجراد

علي البخيتي
الاربعاء ، ٢٢ يونيو ٢٠١٦ الساعة ٠٥:٢٦ مساءً
ياسين سعيد نعمان ليس بالملاك الذي كنا نتصور، لكنه ليس شيطان كما يزعم الحوثيون، ذهب ياسين الى السعودية وحضر مؤتمر الرياض وأعلن تأييده للعاصفة وعين سفيراً بعدها في لندن، واختلفنا معه وانتقدناه بقوة على ذلك، لكن الحوثيون آخر من يحق لهم انتقاده، فخطأه المفترض لا يساوي 1% من خطأهم، فموقف ياسين لم يكن ليغير مسار الأحداث، سواء أيد العاصفة أو رفضها، سواء تحدث عن جرائمها أو سكت عنها.
يشن الحوثيون حملة على شخص الدكتور ياسين منذ فترة، تزعمهم عبدالملك العجري و حسين العزي وآخرون، ويشنون حملة كذلك على مواقف الحزب الاشتراكي من العاصفة، وكأنهم أبرياء من كل تلك الأحداث أو أنهم مثاليون في التعاطي معها، لكن الواقع يقول أن ياسين وقيادة الحزب ذهبوا الى الرياض في وضح النهار وأمام عدسات التلفزيون وقبل أن تُسفك كل هذه الدماء ويصاب اليمن بكل هذا الخراب الذي تسبب فيه الحوثيون والعاصفة على السواء، بينما ذهب الحوثيون الى ظهران الجنوب السعودية في الخفاء، بعد سيل من الدماء وأكوام هائلة من الخراب، ذهبوا خلسة، الى مدينة نائية ليلتقوا بضباط في الاستخبارات السعودية، ويوقعوا على اتفاقات لوقف اطلاق النار في سبع جبهات، يشكرون المملكة فيها ويثنون على دورها الإيجابي، ويحولوها الى راعي للسلام بعد أن كانت طرفاً في الحرب، وسعوا خلال تلك اللقاءات الى تقديم أنفسهم للجانب السعودي أنهم الحليف الأفضل للرياض اذا ما قبلت بهم، وسيقدمون لها من الخدمات ما عجز سابقيهم عنه.
واصل الحوثيون تنازلاتهم للمملكة في تصريحات المتحدث باسمهم لجريدة الوطن السعودية، وبقية وسائل الاعلام الخليجية، وشكر الرياض وأثنى على دورها وقال أنهم تعرفوا على حقيقة موقفها وتفهموه، كل هذا وطائرات السعودية تدك مواقعهم وتصول وتجول في صنعاء وصعدة وبقية مناطق اليمن.
غازل الحوثيون السعودية بابتذال وهاجموا إيران والتقوا بالسفير الأمريكي عدة مرات واعتذروا له عن حادثة الاعتداء على سيارات السفارة وقدموا له واجب العزاء في المثليين الذين سقطوا نتيجة لعملية إرهابية، وفي نفس اللحظة التي قدموا فيها العزاء والدموع تكاد تتساقط من أعينهم من الحزن كانوا يفجرون منازل مواطنين يمنيين في مديرية القبيطة.
باع الحوثيون كل شعارات محور الممانعة التي رددوها خلال 13 عام في ثلاثة أيام فقط وعلى نفس واحد، وحاولوا الانتقال من محور إيران حزب الله الى محور السعودية أمريكا، وعرضوا كل الخدمات التي يمكن أن يقدموها، لكنهم فشلوا في فهم ما الذي تريده الرياض وواشنطن، وخرجوا من الموقف بخفي حنين، فلا حفظوا كرامتهم وشعاراتهم التي رفعوها ولا أسلموا البلد الحروب والفتن التي ورطوها فيها بسبب تلك الشعارات، وانطبق عليهم قول المرأة (صائدة الجراد) التي خرجت لصيد الجراد وتعرضت للاغتصاب ونُهب صيدها والوعاء الذي كان فيه، فقالت عبارة تحولت الى مثل شعبي: (لا استي ولا به جراد ولا مسبي سلم)، وبعبارة أخرى فقد فشل الحوثيون في تقمص دور مظلومية الإمام الحسين الذي لم يتنازل عن الشعارات التي رفعها حتى استشهد، وفشلوا في تقليد سياسة يزيد ابن معاوية، فأصبحوا حالة أقرب الى المسخ.
ياسين نعمان لم يقتل أحد، ولم يفجر حرب، ولم يقم بانقلاب على العملية السياسية ولم يدمر مؤسسات الدولة ولم يعلن نفسه قرآن ناطق وولي فقيه (قائد ثورة) في اليمن ويدخل البلد بسبب تلك الممارسات في حروب أهلية مفتوحة كما فعلتم، ياسين بشر، له ما له، وعليه ما عليه، لكنه انسان سوي مسالم لغته الكلمة وأداته القلم وليس السلاح والالغام والقنابل وتفجير البيوت وادعاء العصمة والاصطفاء، ياسين يمارس السياسة بدون عنف، يناور من أجل حزبه ومن أجل نفسه، دون أن يهتك عرض أو يقتل انسان أو يدوس على كرامة أحد أو يخفي قسرياً المئات من أبناء اليمن، فتوقفوا عن الهجوم عليه، وأنظروا قليلاً في المرآة الى وجوهكم