الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:١٨ مساءً

أخطار المساس بالشرعية في اليمن على المنطقة

نصر طه مصطفى
الاثنين ، ٢٧ يونيو ٢٠١٦ الساعة ٠١:١٧ مساءً



طالب المحامي العام والقيادي في المقاومة الشعبية، عارف الحالمي، المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي، بسرعة التحرك لإنقاذ انهيار الوضع في اليمن، واتخاذ إجراءات عسكرية رادعة ضد مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية التي ترفض الولوج في السلم وتعدّ نفسها لحرب طويلة الأمد في اليمن، وتحوله إلى دولة فاشلة كاملة، جراء العبث الذي تمارسه جماعة الحوثي الانقلابية في مقدرات الدولة ونهب وموارد البلاد في حالة فساد مالي وإداري لم يسبق لليمن أن عرفته عبر تاريخها المعاصر.

وأكد عارف الحالمي في حديث لصحيفة «المدينة» السعودية أن جماعة الحوثي تعمل بخطوات متسارعة في»حوثنة مؤسسات الدولة» وعسكرة حياة اليمنيين بالقوة القاهرة وفرض الانقلاب كسلطة أمر واقع، وتعد نفسها عسكريًا للدفاع عن سلطة هذا الانقلاب وإبقاء اليمن في حالة حرب واضطرابات مستمرة، ما يعد تهديدًا للملاحة الدولية في مضيق باب المندب وخليج عـدن، والذي يعتبر وفقًا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، الذي يستوجب على المجتمع الدولي اتخاذ الإجراءات العسكرية الحاسمة والرادعة التي توقف عبث الانقلابيين وتجبر وفدهم الموجود في الكويت على الجلوس في مفاوضات سلام حقيقية وليس مفاوضات لإضاعة الوقت وإتاحة الفرصة لقيادة الانقلاب العسكرية والميدانية إعادة ترتيب صفوف قواتها وتعزيز جبهاتها ومواقعها العسكرية لحرب طويلة وشاملة تستعيد من خلالها السيطرة على كل مناطق اليمن واقتحام المناطق المحررة مرة اخرى.

وأضاف: الذي يريد أن يتفاوض لا يتمترس خلف سقف عالٍ من المطالب التعجيزية ويتمسك بها، إلا أنه يخطط لكسب الوقت والحصول على اطول فترة تمكنه من الاستعداد وتجهيز نفسه عسكريا، فهذا دليل على أنه يعد لحرب شاملة للسيطرة على البلاد، ولا يريد من التفاوض إلا استخدامه كوسيلة لاستعادة السيطرة على الارض والاستحواذ على كل شيء، ولا يرى التفاوض إستراتيجية لحلول عادلة والوصول الى سلام وحقن للدماء.

«حوثنة الدولة»
وقال المحامي الحالمي، الذي يشغل موقع امين عام نقابة المحامين الجنوبيين: عندما نشاهد الطريقة والاسلوب الممنهج في المراوغة والخداع الذي اتبعه وفد الانقلابيين في مفاوضات الكويت وما تقوم به قيادة الانقلاب في اروقة الوزارات ومؤسسات الدولة في صنعاء من عملية إقصاء لموظفي الدولة في السلكين المدني والعسكري واستبدالهم بعناصر ينتمون الى سلالة جماعة الحوثي «الهاشمية» او من الموالين لها، فان ذلك يؤكد ان حلف الانقلابيين لا يريدون سلاما ولا يريدون لليمن الاستقرار.

وانتهجت جماعة الحوثي - منذ انقلابها على الشرعية واستيلائها على السلطة والسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر/‏ أيلول 2014- طريقة» حوثنة الدولة»، لتتمكن من إحكام قبضتها على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، فعينت- ولا تزال- موالين لها في مواقع حساسة، وسرحت آلاف الموظفين الحكوميين المؤهلين المناوئين لها من وظائفهم.

ابتلاع الدولة
وكلما اعلن عن اقتراب مشاورات الكويت من إنجاز تسوية سياسية يسارع الحوثيون الى إصدار قرارات وتعيينات مكثفة لأنصارهم في مؤسسات الدولة عبر ما يسمى بـ «اللجنة الثورية»، التابعة للجماعة وأثار رئيس الفريق الاستشاري في الوفد الحكومي، عبدالله العليمي، جدد السبت قبل الماضي، قضية «حوثنة الجولة» بعد ان كان وزير الخارجية اليمني، رئيس الوفد الحكومي، عبدالملك المخلافي، دعا في وقت سابق إلى وقف العبث بجهاز الدولة وحوثنة الوظيفة العامة. غير أن ما يسمى باللجنة الثورية التابعة لجماعة الحوثيين الانقلابيين، لم تستجب لذلك، واصلت في اصدار قرارات التعيينات ووسعت من عملية الحوثنة لأجهزة الدولة لتشمل كل القطاعات والوظيفة العامة بمختلف مستوياتها.

وقال العليمي، المسؤول في الرئاسة اليمنية، في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر»: إن التعيينات المستمرة وحوثنة الدولة حتى خلال المشاورات تظهر الوجه الحقيقي للانقلابيين في ابتلاع الدولة، وتؤكد تصميمهم على عدم إنجاح المفاوضات.. مؤكدا ان 25 مليار ريال شهريا من البنك المركزي تصرف كمجهود حربي للحوثيين.

وتحرص (ثورية الحوثيين) على ان تكون قرارات التعيينات في المواقع القيادية في اجهزة الدولة، محصورة باتباعها المنتمين الى ما يسمى بالسلالة الهاشمية (القناديل) وفقا لتقسيم الجماعة للمجتمع اليمني. في حين تزجّ بأبناء القبائل (الزنابيل) والفقراء من أبناء المجتمع اليمني الى محرقة الحرب في جبهات القتال، غالبيتهم من صغار السن (دون سن الـ15)، كثير منهم لا يعودون الى أسرهم إلاّ جثثًا هامدة وبعضهم لا يعودون بالمرة، وتفضل الجماعة بعدم مواجهة أسرهم بحقيقة مصير أبنائها، الذين يكون في العادة اما قد قتلوا في معارك الجماعة ضد القوات الموالية للشرعية، واما اصيبوا بإصابات خطيرة وإما أسرى لدى الجيش الوطني والمقاومة. وكشفت جماعة الحوثيين، الخميس الماضي، عن توجيهات اصدرها رئيس ما يسمى بـ «اللجنة الثورية» للحوثيين- تقضي بإعادة تسمية قوات «الأمن الخاصة» الى الاسم السابق «الأمن المركزي»، وهو الاسم الذي تم تغييره ضمن هيكلة الجيش عام 2012، وان التوجيهات الحوثية قضت ايضا بدعم قوات «الأمن المركزي» بمبلغ «مليار ريال يمني، لإعادة هذا الوحدة الى «جاهزيتها الأولى».

وقالت وكالة «سبأ» للأنباء- الخاضعة لسيطرة الحوثيين: إن توجيهات الحوثي جاءت خلال حضوره ومعه وزير الداخلية الموالي للجماعة، جلال الرويشان، مأدبة إفطار في مقر قوات الأمن الخاص بصنعاء، يوم الأربعاء.
حوثنة الجيش والأمن
وأعلن عضو الوفد الاستشاري الحكومي الى مفاوضات الكويت، العميد عسكر زعيل، في حسابه على «تويتر»، عن تقديم الحوثيين مشروع استبدال ١٢٠ ألف جندي في القوات المسلحة و٦٠ ألفا في الداخلية وترقية 30 ألف ضابط، مشيرًا إلى أن «كشوفاتهم باتت الآن جاهزة».. مضيفا: إن المماطلة والعراقيل التي يقوم بها وفد الحوثي المفاوض هي من أجل استكمال هذا المشروع، مشيرًا إلى أنه «سيكون جميع المنتسبين الأساسيين خارج وظائفهم بعد استبدالهم بالحوثيين. وأكد الحالمي مادام الانقلابيون افصحوا اليوم عن استبدال 180 ألف جندي في وزارتي الدفاع والداخلية، فهذا دليل على ان الحوثيين لا يريدون الوصول الى اتفاق سلام وانهاء الحرب في اليمن، بل يعني هذا انهم يعدون الى حرب طويلة الامد في اليمن وان مفاوضات الكويت اتخذوها فرصة لاعادة ترتيب صفوفهم واوراقهم وتجهييز انفسهم عسكريا من خلال استيراد السلاح، مستغلين توقف العمليات العسكرية لقوات التحالف، خاصة توقف طلعات طيران التحالف، الامر فتح لهم الباب للاسراع في اعادة تنشيط عملية تهريب السلاح بعد ان كانت تراجعت خلال العمليات العسكرية للتحالف عبر المنافذ البرية والبحرية.

وأكد أنه في حال بقي وفد الانقلابيين على تعنتهم واستمر في عرقلة الجهود الدولية للسلام، والمضي في غايته نحو الحرب باليمن، فليس امام المجتمع الدولي من خيار سوى اعطاء الاشارة لدول التحالف العربي باستئناف العمليات العسكرية ضد المليشيا الانقلابية في اليمن، واقتحام العاصمة صنعاء التي كان المجتمع الدولي منع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من دخولها حتى تستنفد فرص الحلول السلمية والادوات السياسية.
خيار المجتمع الدولي
وأضاف: عندما يرفض الانقلابيون الحل السلمي ويصرون ضمنيا على مواصلة الحرب في اليمن، فإنهم يعتبرون مهددين للامن والسلم الدوليين. وهي الغاية الاولى من المادة الاولى من ميثاق الامم المتحدة، وهذا يضعهم تحت طائلة البند السابع من ميثاق الامم المتحدة، والذي يجيز لمجلس الامن الدولي والمجتمع الدولي الحق باتخاذ التدابير والاجراءات الاحترازية التي من شأنها تحفظ الامن والسلم الدوليين وتقضي على تلك الاخطار التي كانت تشكل مصدر تهديد لامن وسلامة العالم.
واكد ان تلك الاجراءات بحسب ميثاق الامم المتحدة، تبدأ بفرض العقوبات بمختلف انواعها- السياسية والاقتصادية والحظر الاقتصادي، حتى الوصول الى العمل العسكري.

«الزنابيل» وقود حرب المليشيا
وقال التقرير: إن انعدام الشفافية لدى الانقلابيين جعل إحصاء قتلاهم أمرًا في غاية الصعوبة، لكن التسريبات تشير إلى أن مقابر الحوثيين التي يسمونها بمقابر (المجاهدين) قد ازدهرت كثيرا بالذات في صعدة وحجة وذمار وعمران وصنعاء وأن التقديرات الأولية تكشف عن خسارة بشرية للانقلابيين بنحو 20 ألف قتيل غالبيتهم من الفقراء وطلاب المدارس صغار السن الذين جندوهم في معاركهم المفتوحة».

الا ان اعداد الضحايا ارتفع منذ مطلع العام الجاري رغم انحصار النطاق الجغرافي للمواجهات، بعد تحرير قوات الشرعية المحافظات الجنوبية والشرقية من البلاد ومساحة واسعة من المحافظات الغربية والشمالية والوسط. وفي احصائيات - حصلت عليها «المدينة»، فإن أعداد القتلى من المدنيين فقط في محافظة تعز وحدها، منذ اندلاع الحرب بالمحافظة في الـ17من أبريل2015، حتى الأسبوع الماضي، وصل (2027) قتيلًا مدنيًا، و(13576) جريحًا منهم اكثر من (9000) معاق، خلافا لقتلى وجرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، ويقابلهم قتلى وجرحى كثر وبأعداد كبيرة من مليشيا الحوثي وصالح في معارك جبهات محافظة تعز، التي توصف بأنها المعارك الأعنف التي تخوضها المليشيا نتيجة أهمية تعز في معادلة المعركة.

تحذير أممي من انهيار وشيك
وأمام هذا الفساد والنهب للمال والاحتياط العام والاتجار بالاقوات اليمنية ودمائهم باسم الحرب الملعونة في السوق السوداء وباسم المصطلح المليشياوي»المجهود الحربي»، وامام هذه الفوضى المالية والادارية والوضع الانساني المتفاقم في اليمن- جددت الامم المتحدة، تحذيرا جديدا من انهيار وشيك للاقتصاد اليمني، وان الملايين من اليمنيين بحاجة لمساعدات انقاذية فورية وعاجلة.

وقال المنسق المقيم للشؤون الإنسانية في اليمن،جيمي ماكغولدريك، في مؤتمر صحفي عقده بصنعاء، مساء الأحد: إن أكثر من 13 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات فورية من النوع المنقذ للحياة نتيجة للوضع الإنساني القاتم في البلاد والذي يزداد سوءً كل يوم. واضاف: إن الوضع الإنساني في اليمن هو بين أسوأ الأزمات في العالم. إن الأزمة بكل المقاييس تبدو كارثية وتشير إلى تدهور الوضع الإنساني إلى مستويات غير مسبوقة. لقد دفع اليمنيون وما زالوا ثمنًا باهظًا وليس من المبالغة القول: إن الاقتصاد اليمني على وشك الانهيار التام.

"الحياة اللندنية"