الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢٤ مساءً

ما دلالات وصول الرئيس هادي ونائبه الى مأرب؟

عامر الدميني
الأحد ، ١٠ يوليو ٢٠١٦ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
تأتي زيارة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، ونائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر الى محافظة مأرب (شرق اليمن) في توقيت حساس تعيشه البلاد، وفي ظروف شائكة تمر بها في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية.

فالزيارة من حيث نوعيتها تعد الأولى للرئيس هادي منذ انتخابه رئيسا للبلاد في العام 2012م، ومنذ انطلاق العمليات العسكرية للتحالف العربي المناهض لإنقلاب مليشيا الحوثي وحليفها المخلوع صالح في الـ26 من مأرس 2015م.

لكن من ناحية المغزى السياسي والعسكري، فهي تعكس العديد من المدلولات والمؤشرات حول طبيعتها، وأهميتها، والبناء الذي يمكن ان يبنى عليها لاحقاً.

من الناحية الجغرافية تعد زيارته لمحافظة مأرب الثالثة بالنسبة للمحافظات اليمنية التي زارها الرئيس هادي بعد وصوله الى كلا من سقطرة وعدن سابقاً.


زيارة نوعية

وبالتالي تعد زيارة الرئيس هادي رفيعة من حيث نوعيتها، إذ لم تقتصر عليه فقط كما حدث في عدن او سقطرة، بل شملت نائبه وبقية الوزراء في الحكومة، إضافة الى قيادة الجيش، و اذا ما أخذنا بالحسبان وجود رئيس الحكومة وأعضاء من حكومته في عدن فإن كافة القيادات الشرعية للبلاد سواء رئاسة الجمهورية او الحكومة باتت متواجدة داخل اليمن، وهذا بحد ذاته كافي.


مزايا مأرب

غير أن الوصول الى محافظة مأرب له إرتباط بجوانب عسكرية لها علاقة بإدارة العمليات العسكرية من محافظة مأرب، اضافة الى دلالات سياسية ترتبط بحالة الانسداد الذي أفرزته مفاوضات الكويت، وتلميح الحكومة الى توقفها عن العودة الى تلك المشاورات التي استمرت شهرين ونصف دون الوصول الى أي نتيجة.

فمنذ إندلاع العمليات العسكرية للتحالف العربي والجيش الوطني ضد الإنقلابيين في اليمن ظلت محافظة مأرب مركزا عسكريا مهما لإدارة الصراع مع المليشيا، ومثلت نواة لتشكيل طلائع الجيش الوطني المساند للشرعية، كما تحولت الى مدينة حيوية استطاعت ان تحتضن المنهاضين للمليشيا، وأن تقدم صورة إيجابية للتعايش والسلام والوئام لمختلف اليمنيين بعيدا عن الممارسات الطائفية التي مارستها المليشيا في بقية المحافظات الخاضعة لسيطرتها، او الامراض المناطقية التي شهدناها في بعض المحافظات المحررة كعدن.

الهدوء والاستقرار الذي تحظى بها محافظة مأرب، وخلوها من العناصر الإرهابية المتطرفة كالقاعدة أكسبها ايضا أهمية عسكرية وجعل منها قاعدة للتحالف العربي الذي اتخذ منها مركزا لإدارة معاركه الميدانية ضد المليشيا في اليمن، ولذلك ظلت مأرب في مرمى الصواريخ البالستية للمليشيا، وفشلت في التقدم نحوها.

قرب مدينة مأرب من العاصمة صنعاء، و تمتعها بالمزايا الاقتصادية ممثلة بالبترول والنفط والكهرباء التي تتغذى منها بقية محافظات الجمهورية وفر لها ايضاً الفرص الثمينة لتبقى المدينة الأكثر أهمية في إدارة الصراع مع المليشيا، وقد يؤهلها هذا لخطف الاضواء عن العاصمة المؤقتة (عدن) التي دخلت في أتون الفوضى والعنف منذ تحررها.


معنى عسكري

وصول الرئيس هادي الى مأرب سبقه دخول عتاد عسكري كبير ونوعي من التحالف العربي، وهو ما كشف عنه ناطق مقاومة آزال في صنعاء قبل يومين، الأمر الذي يشير الى وجود استعدادات عسكرية كبيرة يجري التجهيز والتحضير لها في مأرب.

والزيارة بحد ذاتها ستمثل دافعاً معنويا قويا لجنود الجيش الوطني، ورجال المقاومة الشعبية، في مختلف الجبهات، كما تمثل ايضاً رسالة قوية للإنقلابيين، خاصة اولئك الذين راهنوا ولازالوا في استحالة عودة قيادات الشرعية الى الداخل.

لكن الشي المهم أن الزيارة تعد تعبيرا عن موقف قوي يشير الى ترجيح الخيار العسكري في مواجهة الانقلابيين، بعد فشل مفاوضات الكويت.


تصور جديد

وتعكس الكلمة المقتضبة التي ألقاها هادي عقب وصوله الى مأرب ملامح من تصوراته للأيام القادمة، والرؤية التي يحملها للتعامل مع ملفات المرحلة المقبلة.

فتلك الكلمة جاءت مطابقة تماما لخطابه الذي ألقاه في عدن عقب وصوله إليها، قادماً من صنعاء نهاية العام قبل الماضي، حين أكد على رفع علم الجمهورية اليمنية في مران، وتمسكه باليمن الإتحادي، وربطه بين الحوثيين وإيران، وتطلعه الى يمن مختلف.

لكنه هذه المرة أضاف شيئا جديدا عندما تحدث بكل مكاشفة وصراحة عن دور الامم المتحدة ومجلس الأمن السلبي في تعاطيهم مع القضية اليمنية، وسعيهم لفرض تشكيل حكومة وحدة مع المليشيا الانقلابية.

ولذلك تتوافر وتتظافر الاهمية الكبيرة لهذه الزيارة التي تأتي بعد عقم سياسي للمشاورات في الخارج، وبعد قنوط عسكري ميداني في الداخل.

وبالتأكيد سيكون لها تأثير قادم على الارض، إذا ما أُحسن استغلالها والبناء عليها، وتحويل منطق الكلام الى أفعال واقعية تتواءم مع حالة الحماس الشعبي المتطلع الى واقع جديد في اليمن بعيدا عن المليشيا.