الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٣٨ مساءً

تباشير العيد

موسى المقطري
الأحد ، ١٠ يوليو ٢٠١٦ الساعة ٠٧:٢٧ مساءً
هلَّ علينا عيد الفطر بنفحاته ليختم موسم روحاني مثمر فيملأ الأنفس فرحاً باتمام الصيام ، والعيد جائزة للصائم ، وشعيرة من شعائر الله التي يجب ان تعظم .

ولأننا في بلد غزت فرحته منغصات كثيرة ، فقد يستسلم البعض لهذه المنغصات فيكسوه الهم ، ويصرفه عن الفرح بالعيد ، وما فيه من معاني البشر والتفاؤل .

ساضعكم أمام مجموعة من البشائر التي بها نمحو الهم ، ونودع القلق ، ونفرح بالعيد .

يهل عيد الفطر المبارك وهناك كثير من الأشياء قد تغيرت في واقع البلد ، وهي كفيلة ان تجعل المستقبل القريب والبعيد أفضل ، وما ينقصنا إلا استحضارها .

أول هذه البشائر أن هناك مشروع سلالي مقيت يجرى التحضير له منذ عقود تمت تعريته ودفعه للظهور _ربما قبل النضوج_ وساعدت ظروف محلية واقليمية في ذلك ، وربما لو تأخر في الظهور لكانت الظروف غير هذه ، وربما تمكن وما استطعنا له ردا .

فبعد ان استيقن المخلوع بانتفاء عودته للتحكم بمصير البلد وضع يده بيد أصحاب مشروع الحق الإلهي المزعوم ، فسلم لهم السلاح والإمكانات ، فاغتروا بقدرتهم على حكم البلد ، وكشروا عن انيابهم ، واستبشروا بتحقيق أحلامهم المشؤمة ، لكن الأقدار جائت بما ليس في حسبانهم ، فحرقت اوراقهم ، ودخلوا في معركة غير متكافئة نتيجتها على المستوى القريب والبعيد فشل مخططهم السلالي الهادف لحكم اليمن والتحكم بقدراته .

أليس العيد أجمل ونحن نراقب فشل وتضاؤل هذا المشروع ؟

العيد أجمل وقد تحقق لنا بعضاً من مقومات الدولة المدنية العادلة ، وأهم تلك المقومات جيش وطني لايدين بالولاء لأسرة ولا لسلالة ولا لمنطقة ، يحمي البلد وإنجازاته ومقدراته .

الجيش الوطني اليوم صار واقعاً ملموساً في المناطق الأهم ، والتي تستطيع تغيير المعادلة ، فمارب وتعز ومحافظات الجنوب كلها يحميها هذا الجيش مدعوماً بالمقاومة والحاضنة الشعبية ، كما ان قوة الردع لدى الجيش الوطني في تطور مستمر نتيجة التسليح والتدريب والرفد بالخبرات الميدانية ، ولم يعد الاعتماد وحيدا على تدخل الطيران لوقف تحركات المليشيات بل صارت القوات في الأرض رقماً صعبا ومرجحا في كثير من الجبهات .

كان من الصعب جداً إنشاء مثل هذا الجيش لو لم يحصل ما حصل ، وسيظل جيش السلالة وحرس العائلة هما عنصرا الترجيح في اي تطورات سياسية ، وورقة رابحة لتجيير اي اتفاقات أو تصالحات لصالح السلالة المتحالفة مع العائلة .

دعكم بما رافق او قد يرافق هذا الانجاز من اخفاقات ، وذلك مثله مثل اي عمل بشري زد على ذلك ظروف صعبة تمر بها الشرعية ليس اقلها شحة الموارد أو صعوبة التواجد على الأرض أو مخلفات النظام البائد .

في الإجمال هناك إنجاز يحب ان نرفع قبعاتنا احتراماً له ، ولكل الذين يبذلون جهودا مضنية لاتمامه كما يحب أن يكون .

سيكون عيدنا اجمل ونحن نستذكر ونراقب هذا الانجاز المميز .

من بشائر العيد التي تزرع البسمة إجبارياً تحول المقاومة الشعبية من مجرد فكرة وقناعة الى سلوك جمعي يحترمه اليمنيون إجمالاً ، فالمقاوم أصبح في نظرة المجتمع بطلاً _وهو كذلك بالفعل_ .

مقاوموا اليوم احسن حالاً من حيث التدريب والتجهيز والإعداد والأعداد ، وهم رديف للجيش الوطني في حماية اليمن الجديد الذي تتشكل ملامحه الناصعة .

ومن التباشير أن صور المقاومة وأشكالها تنوعت لتتجاوز العمل المسلح الى مقاومة افكار الجماعة السلالية وتعرية مخططاتهم ، ودعم مقاومة بالجبهات ، والعمل الاجتماعي لردم الفجوة الاقتصادية في المجتمع عبر المبادرات الطوعية للأفراد والمؤسسات والجمعيات لرعاية الجرحى ، ودعم القطاع الصحي ، ورعاية أسر الشهداء ، ومساعدة النازحين والمتضررين .

كل هذه الأنشطة وغيرها كثير هي صور للمقاومة كمشروع وفكر وليس كفعل فقط .

هذا كله سيضمن أن الشعب يستطيع حماية منجزاته ، ومقاومة اي مشروع حالي او لاحق يحاول الاستئثار بقرارات ومقدرات البلد لخدمة مشروعة الشخصي او العائلي او السلالي .

سيكون عيدنا فرائحياً اكثر ونحن نستحضر هذه القيمة الرفيعة .

الستم معي أن وراء كل ابتلاء نعمة ، وخلف كل إخفاق نجاح ، وبعد كل صبر جائزة .

في مجمل الحال فالشرعية بذراعيها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية هي أفضل بكثير من ذي قبل ، وهناك جهود تُبذل لتأسيس دولة ذات مدلول وطني واسع ، والقصور في الأداء الإداري أو الارتبارك لحكومة الشرعية ظاهرة طبيعية ترافق أي تأسيس ، وليس من الحكمة أن نَعمى فننظر للكاس الفارغ وننسى الكاس الممتلئة .

هناك بشائر كثيرة أتت متزامة مع هذا العيد ، ونظرة متأنية وتفكير عميق منك عزيزي القارئ سيجعلك أفضل حالاً ، وأكثر فرحة واستبشاراً .

عيدكم مبارك ، وايامكم سعيدة .

دمتم سالمين .