الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٩ مساءً

صندوق أحمد سعيد !!

عبدالحلیم سیف
الأحد ، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٦ الساعة ٠٦:٥٧ مساءً
استعير هذا العنوان من فقرة يتيمة ؛ وردت في سياق تقرير لمجلة آخر ساعة المصرية ؛ نشرته في يونيو 1993 ؛ حول نكسة حزيران 67 ؛ تقول : " ان أهل اليمن اطلقوا على راديو صوت العرب إسم صندوق أحمد سعيد ..وإن مجلة التايم الأمريكية العريقة جعلت هذا المقولة على غلافها ".
ومن ذاك التاريخ وأنا ابحث عن تفاصيل الحكاية ، للإجابة على تساؤل هو : متى أطلق اليمنيون على الإذاعة المصرية صوت العرب من القاهرة إسم صندوق أحمد سعيد !؟
ولماذا !؟
بعد طول عناء ؛ عثرت على ما أريده في مجلة المصور المصرية ، في عددها رقم (4476) وتأريخه 21 يوليو 2010 ؛ وعلى لسان المذيع الأشهر صاحب الصوت المجلجل ؛ الذي هتف بأسم القومية العربية، وحرض الشعوب من المحيط إلى الخليج للثورة على الحكام الرجعيين والطغاة المستبدين.. فبماذا رد أحمد سعيد على سؤال "المصور"..التالي:
اطلق أهل اليمن على جهاز الراديو إسم صندوق أحمد سعيد ..؟
" كان أول معرفتي بتسمية صندوق أحمد سعيد من الصاغ صلاح سالم عضو مجلس الثورة ووزير الإرشاد ( في مصر) إثر عودته من رحلة إلى اليمن والسعودية في عام 1954 ..إستدعاني عند عودته إلى بيته بالعباسية (يقصد في القاهرة) وابلغني بهذه التسمية".
" وتقول القصة في إيجاز " ..يضيف أحمد سعيد :
" ان بدوياً يمنيا هبط من الجبل إلى سوق صنعاء ويعرف بسوق الملح حيث تقع أغلب المحﻻت التجارية..وطلب من صاحب إحداها صندوقا، فباعه التاجر راديو وبطارياته..غير أن البدوي عاد إلى الرجل في اليوم التالي ساخطاً أنه قد غشه وخدعه وباعه صندوقاً غير صندوق أحمد سعيد..وحاول التاجر عبثاً أن يقنعه انه ضبطه له على موجة صوت العرب وان أحمد سعيد لا يذيع فيه كل الوقت".
ولكن..
ماذا بعد؟

يستدرك أحمد سعيد بقوله :
" ولكن البدوي اليمني رفض منطق الرجل ..فطلب منه أن يعود إليه مع المساء ليجد صندوق أحمد سعيد وحدد للبدوي موعد نشرة كفاح العرب المسائية التي كنت أقدم فيها يومياً تعليقاً تثويريا..وإذ جاءه الرجل في الموعد المحدد..فتح التاجر راديو أخر على موجة صوت العرب ونشرة الكفاح والتعليق.. فهتف البدوي فرحاً بالراديو وهو يردد بلهجته البسيطة إن هذا حقاً صندوق أحمد سعيد ..".
ويمضي المذيع العربي الأشهر في العالم فيقول:
" وكان ان صارت التسمية شائعة حتى إن مجلة لايف الأمريكية المعروفة بوقارها وكذلك مجلة هاربر الأمريكية شبة البحثية صدرتا التسمية المذكورة في مقالتين تناولا شهرة صوت العرب وتأثيرها في عامة الشعب العربي".
عرفنا الحكاية..بيد ان إجابة أحمد سعيد تفجر عشرات علامات الاستفهام التى تحوم حول سر هذا "الجهاز السحري" الشبيه بالصندوق الصغير، الذي أحدث دوياً هائلاً ؛ وغير مجريات الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية والفنية والإقتصادية ؛ ضف إلى أنه ارتبط بنكسات وانتصارات وهزائم وانقلابات وثورات وهبات وحركات وانتفاضات..فكم أخرج شعوباً إلى الشوارع والميادين والساحات وهي ثائرة غاضبة تطالب بالحرية والتحرر وإنهاء الظلم والإستبداد والتخلف والجهل والعبودية والاستعمار ..وكم مرة أعاد الجماهير إلى بيوتها؟!..وكم نقل أخباراً عن الحروب وضحاياها.
ولعب دوراً مهما للتواصل بين الشعوب ..وعرف الناس من خلاله كبار الزعماء والمفكرين والفنانين والأدباء؟
وهناك تساؤلات أخرى عديدة منها : كيف ومتى عرف اليمنيون الراديو لأول مرة؟
وهل كان سهلاً اقتنائه في الشمال..أم بترخيص خطي من الإمام ؟!
ومن كان يشتري جهاز الراديو اصلا؟
ولماذا كان سماعه حكرا على الرجال ومنع النساء والأطفال الإقتراب منه؟
وكيف كانت الأجهزة تدخل من عدن إلى الشمال.؟
وما سبب "جوع" اليمنيين للأخبار ..جتى أنهم عرفوا- في الشمال- عن قيام الحرب العالمية الثانية عند نهايتها وتحديداً في مايو 1945 ؟
ولماذا أمر الإمام أحمد بإغلاق إذاعة صنعاء عام1952..؟
وكيف تعامل القائمون على الإذاعة مع رغبة الجمهور ببث الأغاني العربية..وطلب رجال الدين بوقفها لنشر الفتاوي ..؟
وغيرها من التساؤلات التي احاول الإجابة عليها في دراسة متواضعة..(*)
-------------------
(*) جزء من دراسة لم تكتمل بعد بعنوان ( كيف عرف اليمنيون "الراديو" ؟)
عبد الحليم سيف
أغسطس 12 20