الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٣ مساءً

حزب الإصلاح وخياراته المرّة (1-2)

عبد الإله الحريبي
الخميس ، ٢٠ ابريل ٢٠١٧ الساعة ١٢:٣٢ صباحاً
يعتبر حزب الإصلاح في اليمن أحد أهم ثلاثة أحزاب لها ثقل سياسي واجتماعي ، وله قاعدة اقتصادية تفوق بقية الأحزاب العريقة ، ويعتبر حزب الإصلاح الامتداد السياسي في اليمن لحركة الاخوان المسلمين ، يختلف هنا هذا الحزب في نشأته وممارسة اعضاءه للعمل السياسي عن نشأة وعمل فروع جماعة الاخوان المسلمين في مصر واقطار عربية أخرى ، فقد حظي الإصلاح برعاية تامة من سلطة ونظام علي صالح منذ صعود صالح للسلطة ، كان تواجده ينحصر في التجمعات القبلية قبل عهد علي صالح وتواجد ضئيل للغاية في التجمعات المدنية كمدينة تعز ، طبعاً لم يتم اعتماد الاسم السياسي لجماعة الاخوان المسلمين في اليمن إلا بعد تحقيق الوحدة اليمنية في العام 90م ، إلا أن تواجد الجماعة كما أسلفنا كان منذ وقت مبكر بعد قيام ثورة 26سبتمبر بفترة ، وكان تواجد تيارات وأحزاب اليسار والقوميين قوياً جداً ، في الشارع وفي كل مراحل مواجهة الامامة والاستعمار ، بينما تواجد الاخوان كان ضئيلاً في الشمال ويكاد يكون معدوماً في الجنوب ، عندما صعد علي صالح للسلطة بعد اغتيال الرئيس الشهيد / إبراهيم الحمدي ذو التوجه القومي اليساري بفعل مؤامرة معروفة كان اهم ادواتها علي صالح تم بعده اغتيال الغشمي بعملية ثأرية يقال ان الرئيس الجنوبي / سالم ربيع علي على صلة بها ، نتيجة ارتباط وثيق كان بين الرئيس الجنوبي والرئيس الحمدي وتفاهمات كانت بينهما كبيرة ، وكانا على وشك اعلان الوحدة اليمنية في العام 77م ، علي صالح كان على ارتباط وثيق برجال القبائل الذين عارضوا سياسة الحمدي في إقامة دولة مدنية حديثة ، واهم هؤلاء الشيخ الراحل / عبدالله بن حسين الأحمر زعيم قبيلة حاشد واحد اهم الزعامات القبلية الذين كانوا على ارتباط قوي بجماعة الاخوان المسلمين ، في تلك الفترة تم تقديم دعم بلا حدود لعناصر جماعة الاخوان بالسلاح لمواجهة خطر الحزب الاشتراكي اليمني في الجنوب وعناصره في الشمال ، وكذلك خطر القوميين من ناصريين وبعث ، تم فتح معاهد علمية خاصة بهم ربما تفوق او توازي المدارس الحكومية من حيث الإمكانيات المادية ، ومن خلال هذه المعاهد تم اخراج أجيال من المتشربين لفكر جماعة الاخوان المسلمين ، وكان لهم دور بارز في مواجهة ما اصطلح على تسميته في ثمانينيات القرن الماضي بالغزو السوفياتي لأفغانستان ، لعل ابرز من قاموا بموجات تجييش شباب اليمن الى هناك الشيخ / عبدالمجيد الزنداني وهو احد اهم قيادات حزب الإصلاح ، والشيخ / عمر احمد سيف الذي كان قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام ( حزب صالح ) ، مع الإشارة هنا انه بعد تأسيس حزب الإصلاح ظلت بعض قيادات الاخوان تعمل في حزب المؤتمر الشعبي العام ، تحسباً لأي متغيرات سياسية قد تحدث ، معلوم ان المؤتمر الشعبي يضم في داخله قبل الوحدة الاخوان وبعض القوى الأخرى ، وكانت الحزبية محرمة في العلن ، لحزب الإصلاح دور محوري في الحرب التي أعلنت من علي صالح على الحزب الاشتراكي بعد الوحدة ، وقد استخدم كل نفوذه في المساجد والمدارس والجامعات بالتحريض ضد الاشتراكي وإصدار فتاوى تبيح قتلهم ان لم يعودوا الى حظيرة الإسلام ، وتم بالفعل اغتيال عشرات من كوادر وقيادات الحزب الاشتراكي ، وتوجت هذه الحملات بإعلان الحرب على الجنوب ، من هنا ندرك لماذا يبغض غالبية الجنوبيين حزب الإصلاح ، وكذلك ممارسات بعض قياداته التي شاركت في نهب مؤسسات وممتلكات الجنوب في عدن وحضرموت وغيرها ، وفي مقدمة ذلك مقرات الحزب الاشتراكي اليمني وممتلكاته ، التي اعيد بعضها نتيجة تقارب الإصلاح والاشتراكي في مرحلة ما قبل ثورة الشباب الشعبية 2011م ، بدأ خلاف الإصلاح وعلي صالح بعد حرب صيف 94م ، وقيام صالح بعملية دمج التعليم وإلغاء المعاهد العلمية التي كانت البقرة الحلوب التي تمدهم بالأنصار والاتباع ، انتخابات 97م البرلمانية كانت القشة التي قصمت ظهر هذه العلاقة التاريخية ، بدأت بعد ذلك مرحلة جديدة للإصلاح بإعلان تحالفه مع الحزب الاشتراكي اليمني التنظيم الناصري ، في انتخابات 99م الرئاسية اعلن حزب الإصلاح ان مرشحه للرئاسة هو علي عبدالله صالح ، وان على المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده صالح البحث عن مرشح آخر ، لم يكن الطلاق السياسي بائناً بين الإصلاح وصالح ، ظلت هناك خيوط مشتركة تجمعهما ، لعل ابرز المكابح التي كانت تكبح جماح بعض قيادات الإصلاح الشيخ / عبدالله الأحمر ، والشيخ / عبدالمجيد الزنداني ، من الخروج الى المعارضة الحقيقية لصالح ونظامه والتي كان الاشتراكي والناصري يقودانها وحيدين وفي شبه انعدام لكافه وسائل المعارضة ، مجرد صحيفتين الثوري التابعة للاشتراكي والوحدوي التابعة للناصري ، وتشكل بعد ذلك التجمع السياسي الكبير ( اللقاء المشترك ) في تجربة سياسية كسرت حواجز الممنوعات والمحرمات في قاموس الإسلاميين على المستوى العربي ، وخاصة بعد اغتيال الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي الشهيد / جار الله عمر في مؤتمر عام لحزب الإصلاح كان يبث مباشرة على الهواء ، من هنا بدأ التأسيس لمرحلة جديدة من تاريخ حزب الإصلاح وعلاقته بأحزاب اليسار ، جاءت الانتخابات الرئاسية في 2016م وتم ترشيح المهندس / فيصل بن شملان ممثلاً لأحزاب اللقاء المشترك ، وكانت اول قوة سياسية تظهر بشكل قوي ومؤثر قادرة على فعل تغيير سياسي في البلاد ، استطاع علي صالح مع وقوف الشيخ / الأحمر وأركان نظامه من احباط نجاح مرشح المعارضة وإعلان فوزه وتمسكه بالسلطة اكثر من ذي قبل ، فقد اصبح لديه مشروع توريث السلطة لنجله احمد ، حاول عدة مرات صالح تصفية اللواء / علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع ، والذي يعتبر احد اقطاب جماعة الاخوان المسلمين في الجيش والسلطة ، من اجل التمهيد ان يكون الحرس الجمهوري هو السلطة العسكرية للبلاد والذي يقوده نجله احمد ، استمرت تفاعلات الشارع وتحركات المعارضة في سنين ما قبل ثورة الشباب الشعبية ، وخاصة بعد رحيل الشيخ / عبدالله الأحمر ، احد اكبر الداعمين له في حزب الإصلاح ، أولاد الشيخ الراحل كانوا فاقدي سلطة والدهم القبلية القوية ، لكن احد أبنائه وهو الشيخ / حميد الأحمر ( قيادي في حزب الإصلاح ) ، كان له ثروة قوية من مكتسبات مشاركة عائلته في السلطة مكنته من تسخير بعضها للعمل السياسي ضد نظام علي صالح ، فهناك مصالح مشتركة يقطعها علي صالح يوماً بعد يوم ، وهي مصالح تتعلق بالثروات النفطية وتقاسمها.

*خاص بيمن برس