الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٢١ صباحاً

التغيير الذي نريده من حكومة الوفاق الوطني

يحي محمد القحطاني
الجمعة ، ١٦ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١٢:٤٠ صباحاً
لقدتم في نهاية ألأسبوع الماضي تشكيل حكومة الوفاق الوطني مناصفة بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه من جهة وبين أحزاب اللقاء المشترك بواقع 50% برئاسة محمد سالم باسندوة ممثلا لأحزاب اللقاء المشترك وقد جاء تشكيل الحكومة، بعد شد وجذب، وهات وخذ، وحقي ولا ماناشي راضي، وقلياتي ولا الديك، المهم أخيرا تشكلت الحكومة بعد ولادة متعسرة ،ونحن نعلم ماذا ينتظر هذه الحكومة من المشاكل والمهام الكبيرة والتي تحتاج إلى شد الهمم، وتشمير السواعد، وترك الدحبشة، والمكايدة السياسية، فالفترة ألانتقالية المحددة بعامين وثلاثة أشهر لهذه الحكومة قد تكون كافية لإعادة ألأوضاع ألأمنية وألإقتصادية والسياسية إلى حالتها الطبيعية والتي كانت قبل نشؤ ألأزمة السياسية قبل عشرة أشهر،وإزالة أسباب التوترات والمتاريس العسكرية، وإعادة ما تم تهديمه من المباني العامة والخاصة، ومعالجة أحوال من استشهدوا أو جرحوا خلال ألأزمة،وإعادة النظر في الرواتب للموظفين والتي أصبحت لا تساوي 50% من قيمتها قبل نشوء ألأزمة السياسية،بسبب ارتفاع ألأسعار للمواد الأساسية والضرورية من60 إلى 100% والرواتب محلك سر، ومن ثم البدء بالتعديلات الدستورية والقانونية وقانون ألانتخابات والإعداد للانتخابات العامة لمجلس النواب ومجلس الشورى والمجالس المحلية والرئاسية ،المهم بوجهة نظري وبصورة عاجلة البدء بحل مشاكل الناس وتطبيع الحياة العامة قبل كل شيء فلأية الكريمة تقول (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف)، وفي ظني أن هذا الوطن لم يعد بحاجة إلى قيم الدمار والموت والاستلاب ومصادرة الحريات والقمع والاضطهاد والاستبداد بقدر حاجته في ظرفه الحالي إلى قيم الخير والنماء والسلام والعدل أي إلى قيم الحياة فالله لا يدعو إلا إلى دار السلام والحرب ليست أكثر من استثناء لضرورة الترافع بين الخير والشر، إذاً نحن بحاجة ماسة إلى مراجعة فاحصة لمجمل شعاراتنا ومفردات خطاباتنا مع وعي كامل بتموجات اللحظة وملامحها البارزة ومعطياتها التي يجب أن نتعامل معها بوعي وبمسئولية تاريخية لأن شعار الأمس قد يلبي وجدان اليوم أو طموحه وقد ينافي مع قيمة وثقافته فالحياة ليست ثابتة ولكنها في تطور مستمر وحداثة دائمة بحكم طبيعتها وفطرتها التي فطرها الله عليها، لذلك فقد أن الأوان لكي تفهم القيادات الحزبية بمختلف أطيافهم السياسية في السلطة ومعارضة ،أن الوحدة حق والديمقراطية وسيلة والسلطة مغرم والتلاحم ثابت ديني والفرقة كفر والخروج على الإجماع زندقة وفساد وأن الخلاف السياسي لا يجب أن يجعل تلك الأطراف الحزبية تنسى موجبات الانتماء للوطن وأن الوطن ينبغي أن يكون أسمى من كل الطموحات الأنانية الضعيفة .

وأصبح واضحاً للعيان أنه في ضوء ما أفرزته التجارب السياسية الناجحة على مستوى العالم فإن الحكم الديمقراطي يعني (حكم الناس بواسطة الناس من أجل الناس) وبالتالي فإن الديمقراطية تعبر عن فكرة أن الناس المواطنون يحب أن يكون لهم الأولوية في منظار الحكم وممارساته وإداراته للمصالح الوطنية العامة،أولوية في التنمية، أولوية في العدالة، أولوية في تحقق الاستقرار النفسي والمعيشي والمجتمعي، أولوية في توفير المتطلبات الحياتية المختلفة، أولوية في تحقيق الكرامة وحفظ الحقوق واحترام الحريات، أولوية في تعزيز مكانة المجتمع وقدراته وتوظيف الإمكانيات والطاقات الموجودة بما يخدم حاضر الوطن ومستقبل أجياله،وفي مقابل ذلك تصبح الإدارة السيئة من منظور المواطنين هو وجود وضع اقتصادي مضطرب ومنهار وانتشار الفقر والبطالة وعدم توفر المتطلبات الحياتية الأساسية كما يعني وجود محاكم بدون عدالة،ووجود مدارس بدون مدرسين، ومؤسسات بدون أسس علمية وخطط منهجية مدروسة وعشوائية بين الفهم والممارسة وتعطيل المؤسسات عن القيام بأدوارها المطلوبة وتهميش الطاقات والكفاءات وتوزيع الوظيفة العامة خارج إطار النظام والقانون،ويتحول الحكم هنا من أداة يفترض أن تقوم بواجب البناء والأعمار والمصالح العامة إلى أداة جديدة ليس لها من هم سوى هدم ما بني وتحطيم ما بقي والتعامل مع الوطن ومختلف مكوناته وقواه بأسلوب الخصومة الدائمة التي تستهدف إيجاد حالة من القلق والخوف وعدم الاستقرار النفسي في أوساط المجتمع، حيث أصبح حلم الإنسان اليمني في هذا الوطن أن ينعم بعيش أمن دون منغصات وتهديدات سياسية آو اجتماعية آو اقتصادية ولعل ما حدث في ألأشهر العشرة الماضية ولا زال يحدث في ربوع الوطن يجعلنا في خوف شديد من ضبابية معالم المستقبل إننا قلقون وخائفون ونتوسل إلى صناع الأزمات أن يذهبوا بعيدا وبعيدا جدا حتى نستطيع أن نلتقط أنفاسنا ونفكر في مستقبل أجيالنا الذي لم نترك لهم من ممارساتنا الحاقدة على الوطن والمواطن إلى كل شر وخوف من كل شيء، وهذا لا يمكن له أن يتحقق بصورة أكيدة إلا من خلال السير قدماً نحو بناء الدولة الديمقراطية الحديثة دولة المؤسسات وتعزيز سيادة النظام والقانون واستئصال بؤر الفساد بمختلف مكوناته وأقطابه وتعدد واجهاته، ونأمل من حكومة الوفاق الوطني في القضاء على التهريب للمشتقات النفطية والبترولية من قبل عتا ولت الفساد والفاسدين وهذا لن يتأتى بوجهة نظري إلا برفع الدعم والذي يقدر بمئات المليارات سنويا وبحيث يحول هذا الدعم إلى المجال التنموي والبناء المؤسسي ودعم الزراعة والصناعة وزيادة الرواتب للموظفين،لأننا نعلم علم اليقين أن ألأسعار التي تزيد لدينا في اليمن لايمكن أن تنخفض مرة أخرى ولنا تجارب كثيرة في الماضي (ورب ضارة نافعة) من ألأزمة السياسية والتي قد تقضي على بؤرة من بؤر الفساد (دعم المشتقات النفطية والذي كان يذهب إلى جيوب المهربين) فنحن بحاجة إلى التغيير لأنه من طبيعة الحياة ومن سمات التطور وبحاجة كذلك لأن يكون التغيير حقيقياً عميقاً يطال جوهر الأشياء لا أشكالها فقط فالتغيير دليل على الإحساس بالحيوية والرغبة في الحياة كما أنه تعبير عن الروح المتجددة التواقة للإبداع والإنجاز.

وأولوياتنا تكمن بخروجنا من عنق الزجاجة المحشورين فيها الآن إذ لا أحد خارج إطار هذا المخنق على الإطلاق سواء كان محسوباً على الحكومة أو على المعارضة في ظل ما يتعرض له الوطن من أزمات خانقة في متطلبات حياة أبنائه اليومية المتمثلة بانعدام المحروقات وفي انقطاع الكهرباء بصورة غير مسبوقة وفي ارتفاع أسعار المواد الأساسية الاستهلاكية في إطار حرب مفتوحة لا أخلاقيات فيها على كل من يعيش في إطار هذا البلد أكان مع الدولة أم مع المعارضة ولا بين مستقل ومؤطر في حزب من الأحزاب طالما الهدف من إقرارها وخوضها هو تركيع وطن لم يعتد على الركوع على مر تاريخه وإناخة شعب لم يعتد هو الآخر على من ينيخه كما تناخ الإبل،وأولوياتنا تكمن في التمرد على من يريد أن يرسم لنا حياة مغايرة للحياة المحفورة في أذهاننا أو يصيغ لنا مستقبلا ربما هو الأسوأ مما مررنا به خلال الخمسة العقود الماضية،أيضا أولوياتنا تكمن في الخروج من هذا المأزق وتجنب الوقوع في الشرك الذي ينصب لهذا البلد وأهله من خلال تكاتف الجهود وتوحيد الرؤى في اتجاه إنقاذ الوطن من شر مبيت له من قوى لا تريد له أن يتعافى من أمراضه ولا أن يقف يوما على قدميه ،هذا الوطن اليمني ملك لكل أبنائه ومسئولية حمايته والحفاظ عليه ليست على أحد دون سواه ولكنها مسئولية الجميع إذ يمكننا القول معتقدين أنه الأصوب والأصلح لبلادنا هو جلوس جميع أطياف العمل السياسي اليمني على طاولة الوطن اليمن الموحد والديمقراطي وطن ألإيمان والحكمة الذي لا يستثني أحداً أو يستثني أي قضية من القضايا الخلافية والتي يحترم فيها إرادة الناس ولا يزايد بها أوعليها أو يصادرها على الناس وبما يؤدي من خلاله إلى فصل السلطات وقداسة القانون واحترام وتفعيل العمل المؤسسي الممنهج الذي لا يتأثر بمزاج الذات أو غيابها،وأولوياتنا في بناء دولة مدنية يحترم فيها مبدءا التداول السلمي للسلطة وعدم استخدام القوة من قبل أي شخص ،وفي بناء دولة مدنية تصان هيبة ومقام القوات المسلحة ويكون ولاءها لله والوطن وليس لرئيس نظام أو قائد معسكر أو شيخ قبيلة، وفي بناء دولة مدنية يكون فيها نظام الحكم برلماني يسهل فيه التداول السلمي للسلطة بين ألأفراد والأحزاب بدلا من الحكم الرئاسي المطلق حتى لايكون الكرسي سببا في صوملة اليمن ويتسبب في إزهاق ألأرواح وأن يشعل حربا أهلية تحرق ألأخضر واليابس، حينها قد نشعر أننا وضعنا أقدامنا واثقين في بداية الطريق الأسلم لحياتنا وحياة الأجيال المستقبلية التي ستسخر من صراعاتنا وحروبنا ودمائنا التي أرقناها ظلما وعدوانا على بعضنا البعض.

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم:هل استفاد من افتعلوا الأزمة وعملوا على تأجيجها وإشعال حرائقها من الدروس والعبر التي أفضت إليها هذه الأزمة،وأدركوا أن اللهث وراء السلطة لا يقتضي منهم كل ذلك العقوق والجحود،الذي مارسوه بحق هذا الوطن،طالما أن الطريق إلى السلطة لم يعد يمر عبر الانقلابات والتصفيات، وإن بمقدور أولئك الطامحين إلى السلطة ، بلوغ أهدافهم بالالتزام بخيارات الديمقراطية والتصالح مع الشعب وكسب ثقته،بدلاً من ذلك الركض الذي تحكمه العصبية القبلية والمصالح الحزبية الضيقة، وها نحن أخيرا أمام حكومة وفاق وطني مكلفة بتنفيذ المبادرة الخليجية مع آليتها التنفيذية المزمنة،وبما يفضي إلى الانتقال السلمي للسلطة بطريقة ديمقراطية ودستوريه،وتجنيب اليمن الانزلاق إلى ويلات الفتن والحروب،لذلك فإن حكومة الوفاق الوطني والمشكلة من جميع ألأطياف السياسية في اليمن مطالبة اليوم بالعمل بروح الفريق الواحد من أجل إنقاذ اليمن من ألغرق وألإنهيار فنحن على سفينة واحدة، إما الغرق والموت وإما النجاة والحياة وعلى جميع ألأحزاب المؤتلفة في هذه الحكومة تغليب العام عن الخاص وتغليب مصلحة الشعب والوطن على الحزب،فالشعب اليمني قد شب عن الطوق وأصبح يعرف عز المعرفة من الذي مع الوطن ومن هوا ضد الوطن، والمواطن اليمني لم تعد الشعارات والخطابات الرنانة والوعود العرقوبية الكاذبة تنطلي علية فمن خلال ألأزمة التي عصفت بالوطن وأكلت ألأخضر واليابس خلال العشر ألأشهر الماضية، برهن وأكد للسلطة والمعارضة أنة قد تعلم الكثير و يعرف أين يقف ومع من يقف وعلى المعارضة ألاستفادة من التجارب السابقة والتي لم يعد يجدي أن تحكم وتعارض بنفس الوقت، وأن تضع رجل بالسلطة، ورجل بالمعارضة ،وتصريح مع السلطة وتصريح مع المعارضة ،فالجميع سلطة ومعارضة مسئولين أمام الشعب وأمام العالم وأي إخلال أو تخريب أو تهاون ستكون العواقب وخيمة عليهم لأن الفترة ألانتقالية والمحددة بعامين ستكون عملية اختبار للجميع وسيكون هناك ناجحين وراسبين في ألانتخابات التي ستلي الفترة ألانتقالية والحزب الذي سينجح مع الوطن والشعب قولا وعملا سيكون الفائز في ألانتخابات وسينال رضاء الموطن اليمني والحزب الذي سوف يتنصل عن مسئوليته سيكون الخاسر وسيلقى الهزيمة والحساب العسير من الشعب ،وسنكون ككتاب وصحفيين ومراقبين ومنظمات مجتمع مدني مع الحق ضد الباطل وسنكون مع الشعب والوطن ،وإننا لن نكون ضد أحد ولا مع أحد إنما نحن في البداية والنهاية مع الحق والحقيقة ونطارد كل من يعتدي على القانون ولن ننجر لتحوير الحقائق وتشخيص الأشياء تنم عن عوز واضح في التحليل وانعدام الشعور بالمسئولية وهدفنا الأساسي الالتزام بالموضوعية واحترم العقل والتوجيه نحو طرح القضايا الحقيقية للبلاد والتعاطي مع المشاكل بمسئولية وبما يساعد على معالجة قضايا الاختلالات أينما وجدة وحتى لا يبدو الاستحقاق التنموي والدعوة إلي استكمال بناءات الوطن بمثابة شعارات فان أولى واجبات هذه الاستحقاقات وابسطها هو قيام كل فرد في موقعة بما هوا موكول إليه على النحو المطلوب أداء للأمانة التي في عنقه ووفاءً بالمسئولية الموكلة إلية . والله من وراء القصد والسبيل.