الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١٣ مساءً

أنت وربك وبلدك

فيصل علي
الثلاثاء ، ٠٦ يونيو ٢٠١٧ الساعة ٠٢:٥٢ مساءً
استمع إليك بعقلي وعاطفتي اتحدث إليك بقلبي ولساني، أعد الكلمات التي تصلني منك، انتهز الفرصة لأقول الحوار هو الطريق، الحوار هو الحل، بغض النظر عن ما سيؤول إليه حوارنا دوما.



جمعتني ليلة أمس وهي إحدى الليالي الرمضانية المميزة بنفر من الأصدقاء الذين التقيت بهم قبل عام ومنهم من كان أخر لقاء لنا في 2010، وحدها الزيارة تشرح الصدر ورمضان يجمعنا وحب الله يجمعنا وفرقتنا الشعارات الجوفاء والتمترس خلف الغوغاء الذين صاروا نكبة تحت مسمى نخبة.



كل عام في ليالي رمضان وأيامه المباركة لا أبحث سوى عن الله وحده وشيئا من هدوء يعيدني إلى إنسانيتي التي تتلوث بالنكد والخصام والضوضاء طوال العام، تصديقا وحبا وإيمانا مني بما جاء عنه صلى الله عليه وسلم : «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ» أرى أن "ورمضان إلى رمضان" يعيد إلينا أنفسنا التائهة، العام كله يسلبك الهدوء وشهر استعد فيه هدوئك، سلبتنا الأحداث هدوئنا واستقرارنا وحتى عواطفنا، تضخم الشح والطمع والجشع وحب الفاني على الباقي، ولذا نشعر بالقلق دوما ما إن تمر حالة ضحك إلا واعقبتها موجة كآبة، لننتهز هذه الليالي الطيبة ونبحث عن الله الواحد، لنطهر بيوته التي في صدورنا، لننعم بالسلام المفقود في واقعنا، وهذا ليس تخديرا وإنما عودة إلى التوازن بين الروح والمادة، ومن فقد توازنه فقد خسر.



الصلاة والذكر والصحبة الطيبة والصداقة العظيمة عوامل مساعدة للمضي قدما في طريق البحث عن الله، الله موجود وقريب ونحن من نبتعد بسوء فعالنا.



هذا الهدوء الرمضاني لا يمنعنا من نقاش همومنا الشخصية وقضايانا المحلية المتعلقة بأمتنا اليمنية والأمم الأخرى ذات الصلة، فالنقاش والحوار وتبادل الآراء بدون تعصب وقناعات مسبقة، يزيد من ثقتنا بأنفسنا، نحن فعلا نتألم لما يحدث، وهذا دليل على أن إنسانيتنا مازالت موجودة وتعمل بفاعلية.



نقل هموم الدولة للأفراد للمجتمعات لابد منه لكل الأمم التي تريد العودة إلى الواجهة، على كل فرد أن يحدث نفسه؛ أنا أناقش أنا حي أنا متفاعل أنا مدرك أنا واع لما يحدث، انا لست بعيدا، لست على الهامش، مهما كانت ظروفي وتخصصي وتوجهي في النهاية أنا إبن أمتي ولست مجرد حجر ملقى على الطريق.



استمعت بشغف لأصدقائي اللذين اعتز بهم و أفخر، أدركت مقدار بعدي وقربي عن مستويات التفكير المختلفة وأحاول التسديد والمقاربة.



ليست مهمتنا تغيير الأكوان والعوالم بل تغيير أنفسنا، إذا نجحنا في ذلك كأفراد ومجتمع وأمة سنكون بخير رغما عما يحاك لنا ورغما عما يريده الآخر لنا.



علينا أن نستمر في كفاحنا كأمة يمنية حتى نحافظ على هذا البلد الذي وجدنا أنفسنا جزأً من ذرات ترابه ونسمات هوائه، لن يستخف بنا المغرضين الذين لا يدركون واقعهم، ومن رضوا بأن يكونوا تابعين لغير أمتهم مهما كثر عددهم فهم هباء، وإن ظهر عكس ذلك إلا أن القش سرعان ما تبعثره الريح.



اليمن أمانة عند كل يمني عند كل أب وأم، عند كل عامل وطالب وفلاح وفارغ ومشغول، ليست قضية حكومة وليست قضية إقليمية ودولية فقط هي بالأساس قضيتك أنت فكن أنت ولا تكن غيرك، وبلدك لك وحدك إن أردت أنت.



حاور ناقش انعم بهدوء وقت إفطارك، إذا سلبتك العزايم والولائم هدوء الإفطار فأنت الخاسر، هدوء مع تمرات وماء لا تعوض، استمع لصوت دعائك خاطب الله فهو وحده من يسمعك، لا تنسى اليمن من دعوة فهي تستحق الاستقرار وأنت تستحق العيش فيها بكرامة.