الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً

معوقات الاصلاح السياسي ....

طارق الجعدي
السبت ، ١٧ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
قد نتفق او لا نتفق على حكومة الوفاق الوطني وكلنا يحمل وجهة نظر مختلفه ولكن الذي يمكن ان نتفق عليه هو ان امام هذه الحكومة الكثير من التحديات رغم عدم اقتناعي بالطريقة التي تم بها تتويج المسار الثوري ..

ويقصد بالإصلاح السياسي كافة الخطوات المباشرة وغير المباشرة التي يقع عبء القيام بها على عاتق كل من الحكومات والمجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص وذلك للسير بالمجتمعات والدول قدما وفي غير إبطاء أو تردد وبشكل ملموس في طريق بناء نظم ديمقراطيه .... والإصلاح السياسي في اليمن يقطع دروبه الأولى نحو التغيير الشبه جذري خاصة بعد توقيع المبادرة الخليجية ...

وهناك اعتقاد لدى البعض بان من يرفض الإصلاح هم قله في المجتمع وخاصة أن الإصلاح أصبح مطلبا واسعا وحاجة جماهيرية ملحة ..إلا أن الأمر ليس كذلك فمثلما ان للإصلاح دعاه وأنصار فان له أعداء ومعارضين وان كانوا قلة إلا إنهم يمتلكون وسائل التأثير وأسباب القوة التي تجعلهم قادرين على عرقلة مسيرة الإصلاح إن لم نقل وقفها ..فالنخب السياسية وأصحاب المصالح وغيرهم من اصحب النفوذ لا بد من أن يقاوموا أية إصلاحات أو تغييرات تؤثر في أوضاعهم .. وفي كل الأحوال لا بد لقادة الإصلاح من أتباع إستراتيجية معينه في التعامل مع هذه الفئات ومن هذه الاستراتيجيات الحوار والإقناع أو تعبئة الرأي العام او القوة أو غير ذلك .

وسواء تبنى قادة الإصلاح أسلوب الإقناع أو فرض الإصلاح بالقوة فانه لابد من الاعتراف بان معوقات الإصلاح كثيرة ومتعددة أبرزها :ـ

1ـ ضعف الإرادة السياسية لدى الفئة الحاكمة بما يؤثر سلبا على العملية السياسية وربما يتعدى ذلك إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني حيث تكثر المشاحنات السياسية وتكثر معها الحاجة إلى إرادة سياسية تنهي تنازع الأطراف ..

2ـ غياب مؤسسات المجتمع المدني التي من شانها أن تساعد في إدارة العجلة الإصلاحية والتوافق السياسي بين جميع الأطراف وتهميش دورها المطلوب يساعد في عرقلة عملية الإصلاح ..

3ـ عدم استقلالية القضاء استقلالا كاملا يتم بموجبه محاسبة كل من يقف أمام الرؤية السياسية الموحدة ومحاسبة كل المتورطين في أعمال العنف الذي شهدنها الساحات الثورية خلال أيام الثورة وإذا لم يقم القضاء بدور المحاسب عن كل قطرة دم أريقت فانه من الطبيعي جدا أن يؤثر ذلك على سير العملية السياسية والإصلاح السياسي المرتقب ...

4ـ إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والقبلية خاصة من بعض الأطراف التي خسرت الموقف الثوري وتريد تعويض خسارتها في عرقلة جهود الإصلاح تحت شعار رفض إنصاف الحلول وهي لا تدرك ان نصف الحل خير من عدم وجوده ولا تؤمن كذلك بالسلّم السياسي المتدرج علاوة على ذلك فان المجتمعات الطائفية والقبلية ترفض التحديث والاصلاح والتغيير .

5ـ المأزق الاقتصادي الذي يعيشه الاقتصاد اليمني بعد عمليات النهب والبطش الذي حدثت له أيام الثورة وقبلها رغم المبشرات الذي حصلت مؤخرا ألا انه يعد عقبة أمام الإصلاح وعلى الرغم من ذلك لا يمكن اعتبار تردي الأوضاع الاقتصادية مبررا لغياب الإصلاح والعدالة والحرية والمساواة ففي دول مثل الهند مثلا فان الفساد والفقر والتفاوت في توزيع الثروة لم يمنع قيام ديمقراطية وفي دول غنية بالموارد والنفط فان الطفرة الاقتصادية لم تواكبها تحولات سياسية نحو الديمقراطية والمشاركة الشعبية واحترام حقوق الإنسان ..

6ـ وجود نماذج في الهرم السلطوي تحكم بعقلية قديمة ولم يحالفها الحظ مواكبة المتغيرات التي طرات مؤخرا في العالم العربي ولديها قدرة عسكرية اكثر منها سياسية وتحكم بعقلية ,, صف ضباط ,, التي نبذها العالم قديما بعد عصور الظلام فوجود مثل هذه النماذج في الحكم أو المعارضة يتعارض مع الاصلاح السياسي والاقتصادي كذلك ..

7ـ غياب المنظومة التعليمية والتوعوية عن الواقع وضعفها في اداء الدور المنوط بها اذ لا زالت العملية التعليمية تعاني الكثير من الاشكاليات التنظيمية والمهنية ...
وأخيرا.. أمام النخبة السياسية الحاكمة والمعارضة الكثير من العوائق ربما الكل يدرك ذلك ولكن لا يعفيها ذلك من طائلة المسائلة أمام الشعب والقانون وليس معنى ذلك أيضا عدم أهمية الدور الرقابي الذي يتبناه المواطن البسيط فالعمل المسئول يدركه المواطن ,,, ونحن نؤمل كثيرا في قدرة الحكومة الجديدة على تبني الإصلاح السياسي والاقتصادي وإزالة مخلفات الركود وهناك الكثير من المبشرات وكما قال وزير الإعلام في سياق حديثه عن التحديات بقولة لا يعني ذلك عدم قدرتنا فنحن قادرون على التغيير .... والشعب الذي كسر حواجز التغيير قادر على إكمال منشودة الوحيد في بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة يسودها القانون ويحكمها الأكفاء......