الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤٣ مساءً

خلاصة الخلاصة : اليمن من هادي إلى المهدي

إسماعيل أحمد
الأحد ، ٠٦ اكتوبر ٢٠١٩ الساعة ٠٧:٢٤ مساءً
عندما نقول بأن السعودية تعي ما تفعل ، فإننا نقصد أنها تراهن على قدرتها باحتواء الجماعة بتلك الكيفية من السلام التي تجد أن عليها فتح نافذة مباشرة مع المشاط .

مهدي المشاط الواجهة الرسمية لسلطة صنعاء ، وسبق أعلن وقف ضرباته على السعودية عقب الاستهداف الذي تبنته جماعته على منشئاتها بأرامكو .

ورغم أن الطرف المنتصر عادة ليس هو يعلن وقف عملياته على المهزوم ، إلا أن الحوثي فعلها بزعمه الانتصار وإعلان وقف الاستهداف الذي لم تعترف السعودية بمسؤوليته !

لا شيئ يمكنه تفسير مثل هذا التحول المفاجئ في مسار المواجهة ، غير السياسة . السياسة بوصفها التعبير الأمثل عن واحدية الجهة الدولية الموجهة الصراع وأدواته من الأطراف التي لا تجد بدا من الاستجابة لها كيفما وجب .

لمحاولة تفسير هذا التحول الكبير ، يجب استحضار اسم المشاط كعنوان لمرحلة تصاعد فيها مؤخرا دوره بشكل ملحوظ فيما يبدو أن الرياض تعول عليه كثيرا للعب الدور قبل الأخير والأخطر في صنعاء .

لا تجد السعودية في الحوثي من خطر ، غير أنه وكيل إيران ، الوكالة التي ، ما إن تضمن زوالها ، حتى تكون مستعدة للقبول بالجماعة شريكا ضمن سلطة الحكم القادمة .

ولضمان مستقبلها السياسي ، تبدو الجماعة أمام واحد من خيارين : السعودية أو إيران ؛ المشاط أو السيد . تلك ملامح قصة أجزم بقرب حدوثها .

مهدي المشاط رئيس مجلس سياسي صنعاء والقائد الأعلى لقواتها المسلحة ، وأحد أبرز قيادات الحوثية المرجح أن تقوى شوكتهم وتتسع شعبيتهم كتيار أو جناح يدرك أن عليه ، ولتعزيز سلطته ، بناء التحالفات وتفعيل دور الدولة بمختلل مؤسساتها وأدواتها القانونية والدستورية .

منذ وقت مبكر ، عمل المشاط على إدماج اللجنة الثورية داخل المجلس السياسي بتعيين رئيسها محمد علي الحوثي ضمن عضوية المجلس . فعل ذلك بعد أيام من إطلاق رؤيته الخاصة ببناء الدولة اليمنية الحديثة ، والتي تقول إنها تستند للدستور والنظام الجمهوري .

كل سلطة ينتزعها المشاط باسم الدولة ، تأتي على حساب دور السيد ونفوذه بكل تأكيد ، ما يجعل كل تراجع لسلطة السيد يصب لصالح تزايد الحضور السعودي على حساب إيران .

يتحرك المشاط في صنعاء بصلاحيات رئيس دولة يسمتد شرعيته من الاتفاق السياسي بين جماعة الحوثي والمؤتمر الشعبي العام ؛ الأخير الحزب الذي يمتلك أغلب مقاعد البرلمان الذي منح المشاط رتبة عسكرية بدرجة مشير .

بينما يغيب السيد ويتوارى عن المشهد ، يخرج المشاط بإعلان المصالحة الوطنية ويأمر بالعفو العام ويفرج عن المعتقلين ومن ثم يعلن وقف الحرب مع السعودية ، في خطوات تعبر عن صلاحيات رئاسية معروفة في كل دساتير العالم .

المصالحة الوطنية تعني الإنتقال من الحرب إلى حالة السلم . الانتقال الذي كشف عنه المشاط قبل أن تدعي جماعته أنها المسؤولية عن عملية استهداف أرامكو .

بطلبها الاتصال المباشر مع رئيس المجلس السياسي ، تفك الرياض واحدة من أهم عقد ألغاز الحرب ، لتكشف النقاب عن الكيفية التي تفضلها لإنهاء الحرب مع الحوثي .

الكيفية التي تجعل انتصارها في اليمن محكوم بانتصار نسختها من الحوثية التي يكون عليها العمل معها لاسقاط النسخة الإيرانية برمزها وقائد مسيرتها السيد الذي لا يجب أن تتوقف الحرب قبل التضحية به .

أتحدث عن السعودية بصفتها قائدة التحالف ، وصاحبة المصلحة القصوى من المشروع الدولي الذي تمثل أحد أركانه باليمن .