الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٥ مساءً

سيئون مدينة متفردة وأصيلة ولكن…!

د.سامية عبد المجيد الأغبري
السبت ، ٢٦ اكتوبر ٢٠١٩ الساعة ٠٩:٠٤ مساءً
عندما تصل لسيئون، ترى مدينة مختلفة تماماً عن بقية المدن اليمنية، سواء في شوارعها أو طرازها المعماري الفريد والمتميز بالعراقة والأصالة، مع بعض اللمسات الحديثة… كما تلاحظ الشوارع الفسيحة والنظيفة. ولعل أهم ما يميز المدينة، النظام والهدوء، خصوصاً في الشوارع الرئيسية.
ورغم ما تتمتع به سيئون من جمال الطبيعة وبساطة أهلها وطيبتهم ودماثة أخلاقهم، إلا أن حرارة الجو قاتلة في صيفها، وصناعة السياحة تفتقدها تلك المدينة الصحراوية الهادئة، رغم إمكانياتها السياحية الطبيعية والتاريخية التي تتميز بها. فحين تتجول في أرجائها، تجد الكثير من المطاعم لا تستقبلك، حيث تتأخر الطلبات، فقد ظللنا نبحث عن كأس شاي، فلم نجد في الفندق الذي نسكن فيه، ولا في شوارع قريبة.
فما إن يخيم الظلام على المدينة، حتى تجد أغلب محلاتها تغلق أبوابها، ورغم حرارة الصيف القاتلة، إلا أن سكانها قد تكيفوا مع طقسها، فقمة المأساة أن تخرج في وقت الظهيرة وحتى الرابعة عصراً، إلى الشارع، ولو لبضع خطوات، تلفح وجهك حرارة الشمس، كأنك دخلت في قعر الفرن أو التنور.
فمن الصعب المشي في النهار للغريب عنها، وإذا قرر أن يستأجر سيارة، وليس أمامه إلا ذلك، فلا بد من الاتفاق مع السائق على الأجرة، ومعرفة الطريق… وسيئون مدينة هادئة، وفيها شبام المشهورة بناطحات السحاب، واختارتها منظمة “الإيسكو” وهي المنظمة العربية للثقافة والفنون الإسلامية ، لشهرتها بقصورها ومساجدها الأثرية، ومكتباتها، وشوارعها العتيقة

د. سامية عبدالمجيد الأغبري
د. سامية عبدالمجيد الأغبري
أستاذ الصحافة المساعد بكلية الإعلام - جامعة صنعاء
سيئون مدينة متفردة وأصيلة ولكن…!
أكتوبر 25, 2019
عندما تصل لسيئون، ترى مدينة مختلفة تماماً عن بقية المدن اليمنية، سواء في شوارعها أو طرازها المعماري الفريد والمتميز بالعراقة والأصالة، مع بعض اللمسات الحديثة… كما تلاحظ الشوارع الفسيحة والنظيفة. ولعل أهم ما يميز المدينة، النظام والهدوء، خصوصاً في الشوارع الرئيسية.
ورغم ما تتمتع به سيئون من جمال الطبيعة وبساطة أهلها وطيبتهم ودماثة أخلاقهم، إلا أن حرارة الجو قاتلة في صيفها، وصناعة السياحة تفتقدها تلك المدينة الصحراوية الهادئة، رغم إمكانياتها السياحية الطبيعية والتاريخية التي تتميز بها. فحين تتجول في أرجائها، تجد الكثير من المطاعم لا تستقبلك، حيث تتأخر الطلبات، فقد ظللنا نبحث عن كأس شاي، فلم نجد في الفندق الذي نسكن فيه، ولا في شوارع قريبة.
فما إن يخيم الظلام على المدينة، حتى تجد أغلب محلاتها تغلق أبوابها، ورغم حرارة الصيف القاتلة، إلا أن سكانها قد تكيفوا مع طقسها، فقمة المأساة أن تخرج في وقت الظهيرة وحتى الرابعة عصراً، إلى الشارع، ولو لبضع خطوات، تلفح وجهك حرارة الشمس، كأنك دخلت في قعر الفرن أو التنور.
فمن الصعب المشي في النهار للغريب عنها، وإذا قرر أن يستأجر سيارة، وليس أمامه إلا ذلك، فلا بد من الاتفاق مع السائق على الأجرة، ومعرفة الطريق… وسيئون مدينة هادئة، وفيها شبام المشهورة بناطحات السحاب، واختارتها منظمة “الإيسكو” وهي المنظمة العربية للثقافة والفنون الإسلامية ، لشهرتها بقصورها ومساجدها الأثرية، ومكتباتها، وشوارعها العتيقة.


قصر الكثيري بني بالعشرينات من القرن الماضي وهي أبرز معالم مدينة سيئون

ورغم أن سيئون تعتبر ضمن مناطق سلطة الشرعية، إلا أننا لم نواجه فيها أية مضايقات باعتبارنا قادمين من مناطق الشمال التي تخضع لسلطة أنصار الله (الحوثيين).
ولعل ما أثار استيائي كامرأة، أنني لم أجد امرأة في الشارع العام، وبخاصة في المساء، وقلة من النساء المنقبات اللواتي يخرجن على استحياء مع أهاليهن في السيارات، لغرض التسوق السريع أو للمطعم… فتبدو للمرء سيئون منطقة متشددة تجاه المرأة، فيما عدا بعض الفتيات أو النسوة المنقبات من المتسولات.
وتتميز سيئون أيضاً بالعسل بأنواعه، وخصوصاً السدر والدوعني، وكذلك البخور والعود والعطور والتوابل، ولكن التسويق للمنتجات فيها ليس بالمستوى المطلوب.
وتكاد تنعدم في سيئون الخدمات السياحية المتميزة والميسرة، والتي تتناسب مع مختلف الفئات القادمة إليها، فالنشاطات الفنية والثقافية والعلمية لم تعد موجودة أو ربما قلت كثيراً، حيث أصيبت بحالة من الركود الثقافي والاقتصادي والسياسي.


Menu
What are you looking for?
Post Types

مقالة

Opinion
تصنيفات

د. سامية عبدالمجيد الأغبري
د. سامية عبدالمجيد الأغبري
أستاذ الصحافة المساعد بكلية الإعلام - جامعة صنعاء
سيئون مدينة متفردة وأصيلة ولكن…!
أكتوبر 25, 2019
عندما تصل لسيئون، ترى مدينة مختلفة تماماً عن بقية المدن اليمنية، سواء في شوارعها أو طرازها المعماري الفريد والمتميز بالعراقة والأصالة، مع بعض اللمسات الحديثة… كما تلاحظ الشوارع الفسيحة والنظيفة. ولعل أهم ما يميز المدينة، النظام والهدوء، خصوصاً في الشوارع الرئيسية.
ورغم ما تتمتع به سيئون من جمال الطبيعة وبساطة أهلها وطيبتهم ودماثة أخلاقهم، إلا أن حرارة الجو قاتلة في صيفها، وصناعة السياحة تفتقدها تلك المدينة الصحراوية الهادئة، رغم إمكانياتها السياحية الطبيعية والتاريخية التي تتميز بها. فحين تتجول في أرجائها، تجد الكثير من المطاعم لا تستقبلك، حيث تتأخر الطلبات، فقد ظللنا نبحث عن كأس شاي، فلم نجد في الفندق الذي نسكن فيه، ولا في شوارع قريبة.
فما إن يخيم الظلام على المدينة، حتى تجد أغلب محلاتها تغلق أبوابها، ورغم حرارة الصيف القاتلة، إلا أن سكانها قد تكيفوا مع طقسها، فقمة المأساة أن تخرج في وقت الظهيرة وحتى الرابعة عصراً، إلى الشارع، ولو لبضع خطوات، تلفح وجهك حرارة الشمس، كأنك دخلت في قعر الفرن أو التنور.
فمن الصعب المشي في النهار للغريب عنها، وإذا قرر أن يستأجر سيارة، وليس أمامه إلا ذلك، فلا بد من الاتفاق مع السائق على الأجرة، ومعرفة الطريق… وسيئون مدينة هادئة، وفيها شبام المشهورة بناطحات السحاب، واختارتها منظمة “الإيسكو” وهي المنظمة العربية للثقافة والفنون الإسلامية ، لشهرتها بقصورها ومساجدها الأثرية، ومكتباتها، وشوارعها العتيقة.


قصر الكثيري بني بالعشرينات من القرن الماضي وهي أبرز معالم مدينة سيئون

ورغم أن سيئون تعتبر ضمن مناطق سلطة الشرعية، إلا أننا لم نواجه فيها أية مضايقات باعتبارنا قادمين من مناطق الشمال التي تخضع لسلطة أنصار الله (الحوثيين).
ولعل ما أثار استيائي كامرأة، أنني لم أجد امرأة في الشارع العام، وبخاصة في المساء، وقلة من النساء المنقبات اللواتي يخرجن على استحياء مع أهاليهن في السيارات، لغرض التسوق السريع أو للمطعم… فتبدو للمرء سيئون منطقة متشددة تجاه المرأة، فيما عدا بعض الفتيات أو النسوة المنقبات من المتسولات.
وتتميز سيئون أيضاً بالعسل بأنواعه، وخصوصاً السدر والدوعني، وكذلك البخور والعود والعطور والتوابل، ولكن التسويق للمنتجات فيها ليس بالمستوى المطلوب.
وتكاد تنعدم في سيئون الخدمات السياحية المتميزة والميسرة، والتي تتناسب مع مختلف الفئات القادمة إليها، فالنشاطات الفنية والثقافية والعلمية لم تعد موجودة أو ربما قلت كثيراً، حيث أصيبت بحالة من الركود الثقافي والاقتصادي والسياسي.
ومن خلال ملاحظاتي العابرة، لم تعد سيئون سوى منطقة عبور، وما يميزها ويدفع المواطنين للسفر إليها، هو وجود مطار سيئون الدولي فقط، كنقطة للانطلاق إلى عوالم أخرى، أو الرجوع لأرض الوطن عبر مطارها.
ففي مطار سيئون الذي وصلنا إليه الثامنة صباحاً، كي تقلع بنا الطائرة الساعة الثانية عشرة ظهراً، تأخرت الطائرة حتى السادسة مساء، بحجة أن الجو غير مناسب للطيران. والحق يقال إن كافة العاملين في مطار سيئون، سواء من يقفون على الوزن، أو ضباط الأمن والحراسة، وصاحب البوفية، تعاملهم في منتهى الرقي والاحترام، وبخاصة مع المرأة، حيث يتم تقديمها في الإجراءات، والتغاضي عما تحمله من وزن زائد، وإعطاؤها الأولوية في استكمال معاملتها.
ففي مطار سيئون الدولي المتواضع في بنائه وإمكانياته، كنت أشعر براحة نفسية، رغم تأخر الطائرة لساعات طويلة، لم أشعر بالملل، وكنت في غاية الارتياح… لم أسمع كلمة توحي بالتمييز المناطقي أو الجنسي، بل العكس هو الصحيح.
ولعل ما عزز ذلك الارتياح بأصالة أبناء سيئون، وتمسكم بيمنيتهم، أن أحد مهندسي الطائرة في مطار سيئون، عندما تم طرد عدد من المواطنين من أبناء المناطق الشمالية من عدن، وقتل البعض الآخر، ومضايقة الكثير منهم، تواصل معي ذلك المهندس بالفيس، مبدياً أسفه لما حدث في عدن، واستعداده في حال وصولي لسيئون لخدمتنا وتسهيل أمورنا، حيث إنه عاش -كما قال- فترة طويلة في صنعاء، وله فيها أصدقاء، وعمل في مطار صنعاء في بداية الوحدة، ولم يشعر يوماً بأنه غريب، ومازال يحن إلى صنعاء وإن طال السفر.
لذلك، فسيئون بحاجة للدعم والاهتمام بها كي تكون أكثر قدرة على لم شمل أبناء الوطن الواحد، في مواجهة أي تحديات داخلية كانت أو خارجية. والله من وراء القصد.