الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٢٨ مساءً

صنعاء و عدن - توأمتان من بطن واحدة ..!!

محمد حمود الفقيه
الاثنين ، ١٩ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
لست من الذين يقفون ضد صنعاء التاريخية ، ولست اميل كذلك نحو عدن الباسلة ، فكليهما في قلوبنا نحن اليمنيون كافة ، ولا من الذين يفرقون بينهما ، ولكنني أردت ان أعبر عن شعوري وشعور كثير من الوطنيين اليمنيين بالظلم الذي وقع على عاصمتنا الاقتصادية والتجارية العروسة عدن ، فقد تعرضت عدن لمصادرة العديد من حقوقها التاريخية التي تتميز بها عن غيرها من المدن اليمنية بشكل خاص و تتميز أيضا عن مثيلاتها العربية بوجه عام ، نظرا لما تتمتع به من موقع جغرافي عالمي ، يربطها بالقارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا ، حيث تعتبر مدينة عدن قبلة السفن التجارية العالمية ، ووجهة سياحية دولية أيضا ، هذا بالاضافة الى أنها تطل على مضيق باب المندب الذي يعتبر من أهم طرق العبور العالمية بين الشرق والغرب ، كما تحتل عدن موقعاً جغرافيا هاما لإشرافها على بحرين مهمين_ البحر العربي والبحر الأحمر .

وقد احتلتها بريطانيا لمدة تجاوزت مائة وثلاثون عاما ، و اتخدتها مركزا لعمليات القيادة والتحكم لدول الاحتلال البريطاني الواقعة في افريقيا و آسيا التابعة ل ( الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس ) وتعتبر عدن مدينة منافسة عربيا وعالميا للموانئ التجارية العالمية ، وكان من المفترض ان لا تقل شأناً عن مدينة دبي الإماراتية ان لم تكون أفضل منها ، ولكن الأنفس الشريرة تقف دائما أمام كل ما هو جميل ، فمن لا يكون جميلا بنفسه ، يسعى لتشويه جمال الآخرين !! .

وعندما قامت الوحدة اليمنية ، كانت هناك استراتيجية كبيرة لدى اليمنيون شمالا وجنوبا ، في ما يخص هذه المدينة التاريخية الجميلة ، وكانت هناك طموحات عملاقة في صدور اليمينيين كافة ، على ان تصبح عدن مدينة المال والأعمال ، و مساحة اقتصادية زاخرة تعود على البلاد بالخير والنفع والرخاء والاستقرار ، ولكن كما قلت ، عمد النظام السابق الذي خلق بيئة للفاسدين ، ومناخ معتدلا لنمو الفساد ، حتى وصلت مخالبهم الخبيثة الى تراب عدن الطاهر ، فصودرت أراضيها الواسعة ، و قسمت الكعكة العدنية بين المتسلطين والمتنفذين الذين لا غاية لهم سوى الشهوة المارقة بحب المال حبا جما ، و أصبح هدفهم الوحدوي النيل من لقمة صائغة لذة للشاربين ، فتبا لهم ومن حولهم من الجبابرة المتسلطين ، وسحقا لهم ومن ساعدهم وحماهم و سكاكينهم الحادة تقتتطع أراضي غيرهم ، فلا نامت أعينهم من جبناء .

إضافة الى تمزيق جسد الوحدة المباركة التي سعى اليها اليمنيون طوعا ، سعى النظام السابق لإبقاء عدن يتيمة ، عندما أهملها و اهتم بصنعاء أختها التوأمية وقام بعزلها عن امها اليمن ، فرضعت صنعاء حولين كاملين لمن أراد ان يتم الرضاعة !! و حرمت عدن التوأم الثاني من حليب أمها الطبيعي( اليمن ) ، و اشترى لها رضاعة خارجية لا تسمن ولا تغني من جوعها وعطشها ، وسلم مينائها الغني الوافر ، الى شركة دبي العالمية ، التي لا يمكن ان تدر لعدن اليتيمة لبنها الغزير ، كيف لا وقد تصبح عدن ( دبي ) أخرى ثانية في عالم المال والأعمال ، والتجارة والسياحة ، والصناعة وغيرها .

إنني أدعو شباب الثورة ان لا يغضو الطرف عن عدن الباسلة ، وان يجعلوها في نصب أعينهم في المرحلة القادمة من مستقبل اليمن الجديد ، عدن أخت صنعاء وتوأمتها من أمها اليمن ، فلا يمكن ان نتخلى عنها ، ولا يمكن ان تضيع من بين أيدينا ، ولا يمكن ان نبيعها بثمن بخس لدور الرعاية العالمية ، فعدن وصنعاء توأمتان من بطن واحدة لا يجوز ان نفرق بينهما ، أو تنمو إحداهما على حساب تغذية الأخرى ، عدن نحبها كما نحب صنعاء ، كما نعشق تعز واب وجميع المدن الآخرى في التراب اليمني العريق ...