الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٠٥ صباحاً

خواطر ليل بارد

سام الغباري
الأحد ، ٢٩ ديسمبر ٢٠١٩ الساعة ٠٩:٥٢ مساءً
كتائه .. أجوب شوارع المدينة المضيئة، بسيارة مُستأجرة، ألكز بابها ليُفتح، وأقول سبحان الله "سيارة لا تشبه صاحبها تصير إثمًا"، أنقر على شاشة الراديو فتظهر القناة الطربية، وسريعًا ينساب صوت الأنثى التي أعشقها، تلك الحلبية الشهباء، زرقاء وبيضاء، عنيفة القوام، وردية الخدّين كأنهما زهرتان "أوركيدا" ، ناضحتان مُشعتان، شهيتان كتفاحتين من "فاكهة الشربتلي" !.

ميادة الحناوي، سلام الله عليكم يا آل الحناوي !، وقد قدمتم للعالم العربي هذا الصوت والجمال والفتنة المباحة .. وأتذكر "ذمار"، وهي تغرد "مش عويدك" ، أعوذ بالله ومن جاء في سيرة أصحابي القدامي .

هو النكد .. لا محالة، وأتذكر يوم كنت أجوب سيارتي في الليل مستمتعًا بصوتها، فيقابلني "المجنون حسين" عند ركن الغليبي، يقفز نصف عارٍ وظفائر شعره معقودة كبطل تنس أميركي أسود، يهزّ خصره ويشتمني، وعلى كتفه جهاز ترانستور قديم جدًا، أول اختراع كما يبدو ! ، أظنه كان مذياع الأمير سنبل "العثماني" ! ، يُدير عجلة الصوت فيرتفع شيء يشبه الموسيقى وصوته يصاحب الطبلة الصاخبة، ويغني "ليس غناءً ،لكنه يؤمن بقدراته وهذا حقه" ، فأشير إليه بكفي، ويرشقني بقشرة موز، ثم أعدو بسيارتي مبتعدًا .

إشتقت إليه، هل ما يزال موجودًا ؟ ، خمسة أعوام ونصف لم أرى مجنونًا واحدًا هنا، ربما أنا المجنون الذي مازال يلاحق "الهاشمية" كفكرة ومشروع، ولم أجد أحدًا قد تأثر بما أقوله "ربما تأثروا ولكنهم سياسيون لا يفصحون" ، أوووه يا لهؤلاء الملاعين !

أوقفت سيارتي الآن، وصوت "ميادة" يضج ما حولي، عيون المارة ترقب شيئًا مألوفًا .. رجل يلبس ثوبًا وشاله معقود على رأسه، هنا وسط هذا الليل، في غمرة سكون كل شيء، وضجيج موسيقى قديمة تضج من الداخل، ووجه هذا "اليمني" منكب على هاتفه، ينقر بسبابته على شاشته، يلوك عود الأراك في فمه، يبتسر نظرات خاطفة على مارة متباعدين، ثم يعود إلى هاتفه المضيء كقنديل في عتمة حيّ آمن .

أترجل من سيارتي، وأكتب .. أخشى أن يطلبوا الشرطة ..

إلى اللقاء