الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤١ مساءً

الدفاع عن المتنفسات.. حتى لا تدفن الرؤوس في الرمال

فؤاد عبد القوي مرشد
الاربعاء ، ٢١ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
تكشف لنا تجارب الحياة أن أهم أسباب المشاكل والاضطرابات التي تحصل بين بني البشر تكون بسبب الخلل في العلاقة بين الحاكم والمحكوم .

وحين يكون العقد الاجتماعي الذي بين الطرفين المتمثل في الدستور قد تم انتهاكه وكتابته في أحيان كثيرة بالوحل بدلا من الحبر .

وهذا ما حصل موخرا في اليمن ودول عربية أخرى، مما يجعل العلاقة بين الشعب والسلطة تتغير لأن الناس اكتشفت أن بإمكانها أن تغير وتمنع السلطة من الذهاب بعيداً، وهذا هو جديد الثورات الذي بإمكانه أن يغير كل شيء.

من منا شاهد مسرحية (ناطورة المفاتيح ) والتي تحكي عن قيام الملك بفرض ضرائب على شعبه فما كان من الشعب أن قرر الهجرة لأنه لم يستطع تحمل ذالك . انه المبدأ نفسه الذي تعودنا عليه سابقا إما السلطة دائما على حق أو ندفن رؤوسنا في الرمال أنها العلاقة الأبوية بوجهها القبيح بين السلطة وبين الشعب .

في دول متقدمة كثيرا ما نشاهد الجمعيات والمنظمات والأحزاب المختلفة تقوم بمهام عديدة للدفاع عن مختلف جوانب المجتمع كلما رأوا مخالب المستهترين . لذا نجد أصدقاء للطبيعة وأصدقاء للبيئة والمناخ والنبات والحيوان ... الخ يدافعون بقوة لكل إساءة وتشويه والوقوف تجاه عبث العابثين ونزق المستهترين لان كل ما على الأرض من ممتلكات ، هي مكتسبات الجميع وللأجيال القادمة .

تذكرت ذالك وأنا أرى شباب وهم يقفوا صفا واحدا تجاه العبث بما تبقى من متنفسات وملكية عامة في عدن .
شباب استشعروا الخطورة وان عصر النهب يجب أن يتوقف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فتحاوروا ونسقوا من خلال موقع التواصل الاجتماعي ورسموا خطط التحرك للدفاع عن مكتسبات الجميع وبجهود ذاتية خرجوا من منازلهم يجمعهم حبهم لمدينتهم ووفاء لها ودفاعا عن مدينة كادت أن تخنق بفعل السطو على متنفساتها لذا اتجهوا صوب مساحة في طريقها ( للقضم والبلع ) تجمعوا في المساحة الواقعة بين عدن مول وفندق ماركيور المعرضة للنهب بحجج واهية مثلها مثل مواقع كثيرة تعرضت للسطو والحجز ، أحيانا بدواعي استثمار وهمي حيث تحت هذه الحجة جرت مياه كثيرة كما يقولون ومياه آسنة ، وأحيان أخرى صرفها كهبات لمتنفذي السلطة وثمن للمواقف .

لسنوات طويلة كنا ندفن رؤوسنا في الرمال ونحن نرى مواقع وأراضي شاسعة تنهب وفي وضح النهار ولم نحرك ساكنا وحدث ما حدث وهانحن اليوم نتباكى حيال ذالك بينما كنا مشاركين به من حيث ندري أو لا ندري بسكوتنا وسلبيتنا .

وهاهم الشباب يكسروا حاجز العجز والسلبية ومبدأ ( وأنا مالي ) ويضربون لنا أروع معاني الايجابية بالدفاع عن مكتسبات عامة .

هاهم اليوم يخطوا ألافتات المنددة بذالك ويرفعون شارات النصر على حيتان السواحل والبقع متحديين جرافات السطو وغرافات المال العام . أنها الايجابية في الحياة وفي التفكير والسلوك الذي يبني الأوطان ويوقف إخطبوط الفساد والنهب .

وهذا ما كنا نفتقر إليه ومنذ وقت مبكر ولولاه ما كنا اليوم نبكي على اللبن المسكوب كما يقولون على أراضي ومصانع نهبت وبيعت كخردة أو وزعت كهبات أو بيعت للناهب نفسه ( بيعة سارق ) .

وقت مضى كان يجب أن نستميت بالدفاع وان نتواجد ونعلن ونعترض على ذالك لكنا نجحنا حيث كان لم يتطلب ذالك إلا إلى عزيمة وإصرار للدفاع عن الحق العام وبوسائل بسيطة ، هي نفسها التي استخدموها هولاء الشباب الذي نفتخر بهم وهم يرسمون غدا أفضل لنا ولا أجيالنا القادمة من خلال السلوك والانتماء الذي رسموه .

يتملك المرء الشعور بالفخر والاعتزاز وهو يراهم يتحدوا على عمل واحد وهدف واحد وبإرادة صلبة وبوسائل ذاتية بسيطة .
أنها بشائر الثورة عندما تقضي ليس على الأنظمة الفاسدة فحسب ولكن إلى رفع رؤوسنا بدلا من دفنها في الرمال .